تفادياً لقرار أميركي بإنهاء مهامها... لبنان يسعى لبلورة رؤية جديدة لدور «اليونيفيل»
واشنطن تعتبر ان القوات الدولية لم تتمكن من منع وجود الحزب جنوب الليطاني
بولا أسطيح - "الشرق الاوسط"
يُكثّف لبنان الرسمي اتصالاته ومساعيه مع شركائه الدوليين لتفادي قرار أميركي - إسرائيلي مشترك بإنهاء عمل قوات «اليونيفيل» العاملة جنوب البلاد، إذ ينتهي التفويض الحالي، المُعطى لهذه القوات بقرار من مجلس الأمن الدولي في 31 أغسطس (آب) المقبل، وسط حديث زائد في وسائل الإعلام الإسرائيلية عن توجه أميركي تؤيده تل أبيب بوقف عمل «اليونيفيل».
وتندرج عدم الحماسة الأميركية في سياق محاولة تقليص النفقات، وهي السياسة التي ينتهجها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ولعدّ واشنطن كما تل أبيب أنها لم تتمكن من منع وجود «حزب الله» جنوب الليطاني كما ينص القرار «1701».
رؤية جديدة
وبينما أكدت مصادر رسمية لبنانية لـ«الشرق الأوسط» أن «لبنان لم يُبلَّغ حتى الساعة بأي قرار أو توجه أميركي لإنهاء دور هذه القوات»، وبأنه «يُحضّر كما كل عام رسالة يطلب فيها من مجلس الأمن التجديد لـ(اليونيفيل)»، قال مصدر دبلوماسي لبناني رفيع المستوى إن «الولايات المتحدة الأميركية أبلغت بيروت بوجود صعوبات للتجديد، وأنه يفترض على لبنان الرسمي بلورة رؤية جديدة لدور (اليونيفيل) لإقناع المجتمع الدولي بالتجديد لها».
وأضاف المصدر لـ«الشرق الأوسط»: «يتم عمل مشترك بين وزارة الخارجية ورئاستي الجمهورية والحكومة كما وزارة الدفاع، لبلورة هذه الرؤية بعدّ أن الموقف اللبناني الرسمي هو التمسك ببقاء هذه القوات لاعتبارات كثيرة»، مشيراً إلى «وجود دعم فرنسي للبنان بموقفه هذا».
ونفى الناطق الرسمي باسم «اليونيفيل»، أندريا تيننتي أن يكون قد تم إبلاغ البعثة بأي نية لإنهاء ولايتها، مشدداً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أن «هذا القرار يعود إلى مجلس الأمن، وليس إلى البعثة نفسها ولا إلى الدول الأعضاء بشكل فردي»، مضيفاً: «مجلس الأمن، الذي يضم 15 عضواً، سيناقش ويقرر كيفية المضي قدماً في تجديد ولاية البعثة، ومن المتوقع أن يتم ذلك في نهاية شهر أغسطس (آب) المقبل».
خفض إضافي بالتمويل
ويؤكد الأستاذ المحاضر في الجيوسياسة، العميد المتقاعد خليل الحلو، وجود جو أميركي غير محبّذ للتجديد لـ«اليونيفيل» قد ينعكس «فيتو» في مجلس الأمن أو خفضاً إضافياً في التمويل، علماً أن تمويل هذه القوات في معظمه أميركي، وقد تم خفضه في السنوات الماضية، ما أدّى لخفض عدد هذه القوات من 15 ألفاً إلى نحو 10 آلاف.
ويشير الحلو في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن إسرائيل كما الولايات المتحدة الأميركية تعدّان هذه القوات «رهينة بيد (حزب الله)، وأنها لم تستطع منع الحروب التي حصلت منذ انتشارها، كما أن الحزب ظل يتحرك بحرية في منطقة عملياتها؛ حيث كان يفترض ألا يكون له حضور بالمطلق».
ويرى الحلو أن «التوتر في العلاقات الأميركية - الفرنسية، كما الأوروبية - الأميركية، والأوروبية - الإسرائيلية لا يخدم التجديد لهذه القوات»، مشدداً على أن «مصلحة لبنان العليا هي التجديد لـ(اليونيفيل)، ولضمان حصول ذلك يفترض على الدولة اللبنانية عدم الاكتفاء بالمواقف إنما الانتقال الفعلي لتنفيذ القرار (1701) على كامل الأراضي اللبنانية».
وضعية «اليونيفيل»
وتنتشر «اليونيفيل» في جنوب لبنان منذ عام 1978، وتتولى حفظ السلام في المنطقة الحدودية، خصوصاً مراقبة تنفيذ قرار مجلس الأمن الرقم «1701» المتخذ بالإجماع في أغسطس (آب) 2006، الذي ينص على انتشار الجيش اللبناني والقوات الدولية على الحدود الجنوبية.
وبعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة، ساهمت «اليونيفيل» بالمساعدة في تطبيق اتفاق وقف النار، من خلال مساعدة الجيش اللبناني على إعادة الانتشار جنوب نهر الليطاني والبحث عن بنى عسكرية وإبلاغ الجيش للقيام بتفكيكها. هذا فضلاً عن الخدمات الصحية والإنسانية الكثيرة التي تقدمها هذه القوات لسكان المنطقة.