لبنان يواجه ضغوطا دولية بشأن مهام «اليونيفيل» ويدفع ديبلوماسياً لتجديدها دون تعديل

لبنان يواجه ضغوطا دولية بشأن مهام «اليونيفيل» ويدفع ديبلوماسياً لتجديدها دون تعديل

image

الانباء- داود رمال

يقف لبنان مجددا عند مفترق حاسم مع اقتراب موعد تجديد تفويض قوات الطوارئ الدولية المعززة العاملة في جنوب لبنان «اليونيفيل»، والذي ينتهي في الحادي والثلاثين من اغسطس المقبل، وسط ضغوط متزايدة تسعى إلى إدخال تعديلات جذرية على طبيعة مهمة هذه القوات بما يخدم الرؤية الإسرائيلية القائمة على تكريس واقع أمني وعسكري جديد في الجنوب اللبناني.

وتأتي هذه الضغوط في سياق محاولات متكررة من الجانب الإسرائيلي لتقليص التنسيق بين «اليونيفيل» والجيش اللبناني، وتوسيع هامش حركة القوة الدولية دون الرجوع إلى السلطات الرسمية اللبنانية، ما يعد انقلابا على جوهر القرار الدولي 1701 وروحيته.

في المقابل، يبذل لبنان الرسمي جهودا ديبلوماسية مكثفة على أعلى المستويات من أجل حماية المهمة الحالية لـ «اليونيفيل» من أي تعديل يمس دورها التوازني، ويزعزع الاستقرار القائم على رغم كل التحديات الأمنية. وبحسب معلومات خاصة بـ «الأنباء» فقد انطلقت هذه الجهود بقيادة رئاسية مباشرة، حيث تعمل الدولة اللبنانية على توحيد موقف داخلي يحظى بإجماع القوى السياسية المعنية، ويترجم بمساع ديبلوماسية نشطة شملت التواصل مع الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، ومع الدول غير الدائمة العضوية، وخصوصا مملكة البحرين التي تمثل المجموعة العربية داخل المجلس.

وفي هذا السياق، تندرج زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي جان - إيف لودريان إلى لبنان، والتي بدأها أمس، حيث تتخذ أبعادا تتجاوز الشأن الثنائي بين البلدين، لتشمل كذلك الملف الأممي المرتبط بالتجديد لـ «اليونيفيل»، نظرا إلى الدور الفرنسي المحوري في نشأة وتطور هذه القوة، ولما لباريس من تأثير على مسار المداولات داخل مجلس الأمن. وتشير المعلومات إلى أن لودريان يحمل رسائل متعددة الاتجاهات، إحداها تتصل بضرورة الحفاظ على الاستقرار في الجنوب وعدم الزج بـ «اليونيفيل» في تجاذبات إقليمية قد تؤدي إلى تآكل شرعيتها أو تقييد دورها.

في المقابل، لاتزال إسرائيل تدفع بقوة عبر قنوات ديبلوماسية غربية لتعديل قواعد الاشتباك الحالية، مستندة إلى حجج أمنية ترتبط بتطورات الجبهة الجنوبية وتكثيف عملياتها العدائية. وتسعى تل أبيب إلى توسيع صلاحيات القوة الدولية، بحيث تصبح طرفا فاعلا في ضبط الحدود، لا مجرد قوة مراقبة ووسيط بين الجيش اللبناني والجيش الإسرائيلي، وهذا ما يرفضه لبنان بالمطلق، باعتبار أن أي تعديل في التفويض دون موافقة الدولة اللبنانية يشكل خرقا للسيادة، ويهدد بتقويض التفاهمات التي أرست منذ عام 2006 وتكرست في اتفاق وقف الاعمال العدائية.

وبين الضغط الإسرائيلي المتصاعد والتحرك اللبناني الديبلوماسي المضاد، تزداد أهمية تنسيق لبنان مع الدول الصديقة في مجلس الأمن، خصوصا تلك التي تدرك حساسية الوضع جنوبا وخطورة أي تغيير في مهام «اليونيفيل». ويسود في الأروقة الرسمية تفاؤل حذر بإمكان تجديد التفويض كما هو، دون أي تعديل جوهري في الدور، شرط استمرار التنسيق بين الأجهزة الرسمية اللبنانية والدول المؤثرة في القرار الأممي، وتفعيل المظلة العربية عبر التواصل المكثف مع مملكة البحرين بصفتها عضو غير دائم في مجلس الأمن وتمثل المصالح العربية.

وإذا كانت الفترة المقبلة حاسمة، فإن لبنان يدرك أن المعركة هذه المرة ليست تقنية ولا أمنية فحسب، بل سياسية بامتياز، وأن نجاحه في صد الضغوط مرهون بقدرته على حشد الدعم الدولي والإقليمي مجددا، والتذكير بأن استقرار الجنوب هو مسؤولية مشتركة لا ينبغي العبث بها خدمة لأجندات عدوانية.