صرخة نيابية عالية لإبطال "وثائق الاتصال"... الصمد: بدعة يتعيّن الانتهاء منها

صرخة نيابية عالية لإبطال "وثائق الاتصال"... الصمد: بدعة يتعيّن الانتهاء منها

image

صرخة نيابية عالية لإبطال "وثائق الاتصال"... الصمد: بدعة يتعيّن الانتهاء منها
العمل ببدعة وثائق الاتصال وكتابات الإخضاع بدأ عام 1991 في ظل "النظام الأمني"

ابراهيم بيرم -  "النهار"


بعد مضي شهر ونيف على مذكرة رئيس الحكومة نواف سلام التي قضت بإبطال العمل بنظام "وثائق الاتصال وكتابات الإخضاع" التي تصدر عن الأجهزة الأمنية الرسمية للتعامل مع أي مشتبه فيه بالإخلال بالأمن في قضايا معينة من دون أي دور للجهات القضائية المعنية، وضعت لجنة الدفاع الوطني والداخلية والبلديات النيابية في اجتماعها أول من أمس هذه القضية في جدول أعمالها، وأخضعتها للمناقشة من باب أن "هناك تمردا غير مبرر على القانون وتجاوزا للسلطة القضائية ودورها".
وقد حذر رئيس اللجنة النائب جهاد الصمد إثر الاجتماع من أن بعض الأجهزة الأمنية يتعمد تجاهل  تنفيذ مذكرة الرئيس سلام ويمضي قدما في العمل بهذه "البدعة (الوثائق والكتابات) التي لا أساس قانونيا لها وتحولت مع مرور الوقت إلى عرف وتكرست بحكم الأمر الواقع".
ووفق مصادر اللجنة، فإن اجتماعها الأخير وكلام رئيسها كانا "بمثابة جرس إنذار أخير يطلق في هذا الإطار قبل البحث في خطوات أخرى، لأن ثمة تصميما عند الجهات المعنية في الحكومة على إعادة الأمور إلى مجاريها القانونية وإبطال كل المخالفات".
وحيال ذلك يبرز السؤال: هل الأمر يستأهل كل هذه الضجة؟ 
يجيب الصمد في اتصال لـ"النهار": "نعم المسألة كبيرة ومزعجة لناحيتين، الأولى أن هناك من بدأ يستشعر أن ثمة جهات أمنية رسمية تتمرد على تعليمات الحكومة من خلال عدم التزامها مذكرة رئيس الحكومة الحالي وأسلافه، والثانية أن ثمة تجاوزا فاضحا لموقع القضاء ودوره وصلاحياته، وخصوصا أن القانون أعطاها وحدها حق إصدار مذكرات البحث والتحري وفق القوانين المرعية الإجراء".
ويضيف: "لا بد من التذكير بأن العمل ببدعة وثائق الاتصال وكتابات الإخضاع بدأ عام 1991، أي أيام ما كان يطلق عليه مصطلح "النظام الأمني" أو "الدولة البوليسية" في حقبة الوصاية السورية. ففي ذلك العام، أصدر مجلس الوزراء قرارا فوض بموجبه إلى المؤسسة العسكرية اتخاذ ما تراه مناسبا لفرض الأمن وحفظ الاستقرار. ومنذ ذلك الحين اعتُمد هذا الإجراء، على أن يكون استثنائيا وموقتا.  

وعام 2014 أصدرت حكومة الرئيس تمام سلام مذكرة طلبت بموجبها إلغاء العمل بهذه البدعة نهائيا، وقد أكد المدعي العام التمييزي حينها ضرورة التزام مضامين مذكرة الحكومة. وفي إطار التنفيذ العملي، ألّفت لجنة ثلاثية من ممثلين لوزارات الدفاع والعدل والداخلية، مهمتها الحصرية إبطال العمل نهائيا بالوثائق والكتابات، وقمع المصرّين على العمل بها. لكن الأمر بقي نظريا فقط. وأعادت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي في الأشهر الأخيرة من ولايتها إصدار مذكرة شددت بموجبها على ضرورة إلغاء بدعة الوثائق، وهو ما لم يعمل به، بدليل أن حكومة الرئيس نواف سلام أعادت قبل أسابيع إصدار مذكرة مشابهة. ورغم ذلك بقي الأمر على ما هو، وبقي "التمرد" قائما على توجهات الحكومة البينة".
وعن مخاطر الأمر يجيب الصمد: "هناك سلبيات عديدة للاستمرار بالعمل بهذا العرف، ولقد أبلغت اللجنة في اجتماعها الأخير بتقرير أعدته مديرية المخابرات، مفاده أن هناك نحو 30 ألف وثيقة، وهو رقم كبير لأن تلك الوثائق تفتقد الأسانيد القانونية والقضائية. والمفارقة أنها "دائمة"، في حين أن مذكرات البحث والتحري الصادرة عن الجهات القضائية تسقط بعد مضي شهر على صدورها. كما أن الأمر يمس بحريات الأشخاص وحقوقهم، إذ يمكن على سبيل المثال أن يوقف الأمن العام في المطار أو على المعابر، أي عابر في حقه وثيقة أو كتابة، ويبطل سفره ويخضعه للمساءلة". 
ويضيف: "نحن في بيان اللجنة أردنا أن نذكر من يعنيهم الأمر بضرورة التزام مذكرة رئيس الحكومة لأنه لم يعد ممكنا السكوت عن هذا التمرد على قرارات حكومية".
ويخلص: "لا ريب في أن المطلوب حفظ الأمن، والاستقرار مطلبنا جميعا، ونشكر للمؤسسات الأمنية جهودها في هذا الإطار، ولكن يتعين أن يكون الأمر تحت سقف القانون وضمن السعي لإرساء أسس دولة القانون والمؤسسات التي ننشدها جميعا، ونكون حققنا إنجازا كبيرا. آن الأون للانتهاء من تلك البدعة المعمول بها منذ أكثر من ثلاثة عقود، لأن فيها تجاوزا للقانون وتعديا على الحريات الشخصية".