لاكروا: التّجديد لليونيفيل “أصعب”.. لكنّه ممكن

لاكروا: التّجديد لليونيفيل “أصعب”.. لكنّه ممكن

image

لاكروا: التّجديد لليونيفيل “أصعب”.. لكنّه ممكن
المطلوب من لبنان أساسيّ جدّاً في إقناع المجتمع الدولي عبر عرض "وقائع صلبة ومُقنعة" 

ملاك عقيل - اساس ميديا
على الرغم من التطوّرات العسكرية الطارئة والخطيرة في المنطقة، واندلاع حرب الصواريخ بين إسرائيل وإيران من دون أفق لنهاياتها، بقيت قنوات التواصل الدولية شغّالة باتّجاه لبنان. فقبل وصول المبعوث الخاصّ إلى سوريا الموفد الأميركي توماس بارّاك إلى بيروت المتوقّع اليوم، سبقه بساعات وكيل الأمين العامّ للأمم المتّحدة لعمليّات حفظ السلام جان بيير لاكروا. بالتأكيد، لا تقلّ زيارة الثاني أهمّية عمّا يحمله موفد دونالد ترامب إلى المسؤولين اللبنانيّين.

يُعتبر جان بيير لاكروا الرجل الثاني بعد الأمين العامّ للأمم المتّحدة  في المنظّمة الدولية. وعادة ما يحضر في ظلّ الأزمات الكبيرة التي تعصف بالمنطقة، وعشيّة كلّ تجديد لقوّات الطوارئ الدولية “اليونيفيل”.

وفق معلومات “أساس”، بعد زيارته الميدانية للجنوب ولقائه الرؤساء الثلاثة تمحورت رسائل لاكروا حول النقاط الآتية:

– لم يخُض إطلاقاً في أيّ نقاش مرتبط بسلاح “الحزب”، أو خلفيّات الحرب الإسرائيلية – الإيرانية وتداعياتها، إلّا من زاوية واحدة مرتبطة بمصير التجديد لـ”اليونيفيل”.

– أقرّ لاكروا أمام من التقاهم بأنّ التجديد هذه المرّة محفوف بصعوبات جمّة أكثر من السنوات السابقة، ولذلك المطلوب من لبنان أساسيّ جدّاً في إقناع المجتمع الدولي بهذا التجديد عبر عرض “وقائع صلبة ومُقنعة”، مستعجلاً إرسال لبنان كتاب طلب التجديد إلى الأمم المتّحدة. وفق المعلومات، سيستند الطلب في جزء منه إلى تقارير الجيش الميدانية. وهي بطبيعة الحال ستعكس الحاجة الملحّة إلى بقاء “اليونيفيل”. ثمّ يُرسل الكتاب إلى وزارة الدفاع، فوزارة الخارجية، ثمّ الأمم المتّحدة، بعد اطّلاع الرؤساء الثلاثة على التقرير.

– تحدّث لاكروا عن “التحدّيات” الجدّية التي تواجه التجديد، ومنها التغيير في موازين القوى في المنطقة، وشعور فريق معيّن بأنّه متقدّم (الإسرائيلي ضمناً)، سيّما بعد سقوط النظام السوري، والضربة التي تعرّض لها “الحزب”، ثمّ الحرب بين تل أبيب وطهران.

– حَسَم لاكروا أن لا قرار أميركيّاً بعد بإنهاء مهامّ “اليونيفيل” في جنوب لبنان، وكانت ثمّة قناعة تشاركها الزائر مع المسؤولين اللبنانيين بأنّ “اليونيفيل حاجة كبيرة للبنان في ظلّ عدم تمكّن الجيش من الانتشار الكامل بسبب احتلال إسرائيل لمواقع حدودية، وفرضه للمنطقة العازلة”. وشدّد لاكروا على ضرورة الحفاظ على حرّية الحركة لقوّات “اليونيفيل” وفق الصيغة المتّفق عليها سابقاً في مجلس الأمن الدولي.

خفض الميزانيّة والعديد

هكذا تكتسب زيارة لاكروا هذه المرّة، التي تمتدّ لعدّة أيّام، أهمّية بالغة تتقاطع حتماً مع زيارة بارّاك، في ضوء التطوّرات المتسارعة للمواجهة العسكرية على خطّ تل أبيب-طهران، واحتمال انضمام واشنطن إلى المواجهة لدعم حليفتها، وقبل نحو شهرين من استحقاق التجديد لـ”اليونيفيل” المُزنّر بالكثير من اللاءات والشروط، وأهمّها التوجّه الدولي لخفض الميزانية والعديد.

تحصل الزيارة في ظلّ انتقال دفّة قيادة “اليونيفيل” من الجنرال الإسباني أرولدو لاثارو إلى الجنرال الإيطالي ديواتو أبانيارا، ويفترض أن يحصل التسليم والتسلّم الأربعاء المقبل في مقرّ قيادة “اليونيفيل” في الناقورة.

تقرير لاكروا

يقول مطّلعون إنّ “تقرير لاكروا الذي سيرفعه إلى الأمين العامّ للأمم المتّحدة أنطونيو غوتيريش، بعد انتهاء زيارته للبنان، سيُشكّل الزبدة الرئيسية للتقرير النهائي للأمين العامّ، بعد تلقّي كتاب لبنان في شأن طلب التجديد عاماً إضافيّاً لـ”اليونيفيل” من دون تغيير في الصلاحيّات، مع تأكيد سيطرة الجيش اللبناني شبه الكاملة على قطاع جنوب الليطاني، وحاجة الدولة إلى بقاء قوّات الطوارئ، العاملة في جنوب لبنان، في ظلّ الاحتلال الإسرائيلي المستمرّ، وراهناً في ظلّ التصعيد الخطير في المنطقة والمفتوح على كلّ الاحتمالات”.

في المقابل، يضيف هؤلاء، “سيُواجَه غوتيريش بلائحة شروط أميركية-إسرائيلية في ظلّ توجّه واشنطن لإلغاء مساهمتها في ميزانية “اليونيفيل” المقدّرة بنحو 25% من أصل موازنة سنوية تصل إلى 450 مليون دولار، أو تخفيضها إلى الحدّ الأدنى، فيما  تضغط إسرائيل بكلّ ثقلها للاستغناء كليّاً عن خدماتها، مع تسجيل انقسام بالرأي داخل تل أبيب في ما يتعلّق بجدوى بقائها”. 

بارّاك في بيروت

قبل أيّام من زيارة توماس بارّاك بيروت، كانت دوائر قريبة من قصر بعبدا تبدي ارتياحاً كليّاً (هذا الارتياح كان سابقاً أيضاً لاندلاع المواجهات بين إيران وإسرائيل)، “لانتقال الملفّ اللبناني إلى شخصيّتين يحملان الودّ والثقة بخيارات رئيس الجمهورية وهما توماس بارّاك ومسعد بولس، المقرب من الرئيس الأميركي دونالد ترامب. يفترض في مرحلة لاحقة أن ينضمّ إليهما مساعد وزير الخارجية الأميركي رايبورن، من موقعه الأرفع، المُشرف على ملفّات الخارجية الأميركية في منطقة الشرق الأوسط والأدنى، إضافة إلى السفير الأميركي ميشال عيسى، رجل الأعمال الأميركي من أصول لبنانية من بلدة بسوس، الذي ينتظر موعد مثوله أمام لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس، والموافقة على تعيينه قبل قدومه إلى لبنان”.

هذا مع العلم أنّ عيسى ليست له أيّ بصمات في عالم السياسة، وقد عرّف عنه ترامب بأنّه “رجل أعمال بارز، وخبير ماليّ، وزعيم يتمتّع بمسيرة مهنيّة رائعة في مجال الخدمات المصرفية والتجارة الدولية”. لذا لا يُنتظر أن يتمتّع بحركيّة سياسية، كزملائه السابقين في السفارة الأميركية، وقد تندرج اهتماماته أكثر باتّجاه الشأنين الماليّ والاقتصادي والـ PR.

“رباعيّ” أميركيّ

يجزم مطّلعون أنّ هذا “الرباعي الأميركي لا يحمل نَفَسَاً تهديديّاً تجاه لبنان، بل ثمّة قناعة رئاسية على خطّ بعبدا-السراي-عين التينة ترى أنّ داخل الإدارة الأميركية لوبياً أميركياً-لبنانياً يُسوّق بشكل منتظم للهجة التهديد بالخيارات السيّئة والأكثر سوءاً تجاه لبنان إذا لم يبادر فوراً إلى خطوات أكثر حَسماً في موضوع دفع “الحزب” لتسليم سلاحه، ويُصوّر الرئيس عون مقصّراً في هذه المهمّة، إلى حدّ التهديد بانتهاء فترة السماح له مع أنّ عمر الولاية، منذ تأليف الحكومة، هو نحو أربعة أشهر فقط”.

يضيف هؤلاء أنّه في واقع الحال “يسمع المسؤولون الرئاسيّون في لبنان كلاماً أميركيّاً مختلفاً تماماً يُدوزِن بشكل كامل بين الحاجة إلى جعل لبنان خالياً من السلاح غير الشرعي وبين حتميّة توفير مقوّمات الاستقرار لتنفيذ المطلوب منه دوليّاً على صعيد الإصلاحات، ورفض، في المقابل، أيّ عمل عدائي على شاكلة حرب إسرائيلية مفتوحة ضدّ لبنان”.

عون: نريد “اليونيفيل”

تضيف المصادر: “تعزَّز هذا المسار مع تسليم “الحزب” لسلاحه بشكل شبه كلّيّ في منطقة جنوب الليطاني، وشاهد ملايين اللبنانيين “لايف” دوريّات الجيش وهي تفتّش مواقع “مشبوهة” في قلب الضاحية الجنوبية، بطلب من لجنة مراقبة وقف إطلاق النار، إضافة إلى تداعيات الحرب الإسرائيلية-الإيرانية التي ضيّقت الخيارات بشكل أكبر على “الحزب” وقياداته”.

فيما تُسجّل الزيارة الأولى لتوماس بارّاك للبنان، فإنّ الأمين العامّ للأمم المتّحدة كان زار لبنان بعد أيّام من انتخاب جوزف عون رئيساً، يرافقه لاكروا، وقد أكّد يومها أنّ “استمرار احتلال الجيش الإسرائيلي في منطقة عمليّات “اليونيفيل”، وتنفيذ عمليّات عسكرية داخل الأراضي اللبنانية، يمثّلان انتهاكاً للقرار 1701″، وذلك قبل أيّام قليلة من انتهاء مهلة الستّين يوماً، في 26 كانون الثاني، لانسحاب إسرائيل من الجنوب.

كان لاكروا زار لبنان أيضاً في آب وتشرين الثاني 2024، ضمن مواكبته لملفّ التجديد لـ”اليونيفيل” وتوقيع وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل. وأمس، أبلغ الرئيس عون مساعد الأمين العامّ بـ “تمسّك لبنان ببقاء اليونيفيل”، معرباً عن أمله أن “تتمكّن الدول المموّلة من تحصيل التمويل اللازم لعملها كي لا يتأثّر أداء القوّة الدولية”.