ترامب ونتنياهو... التوترات تعود إلى الواجهة بعد خرق وقف إطلاق النار مع إيران
«الرئيس ترامب يُقدّم درساً تاريخياً»
لفتت الانتقادات اللاذعة التي وجهها الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى إسرائيل وإيران، بسبب خرق اتفاق وقف إطلاق النار الذي أعلنه، إلى عودة خلافاته مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى الواجهة.
وقال موقع «ذا هيل» الأميركي إن ثورة ترمب العلنية تُشير إلى أنه لا يخشى مواجهة نتنياهو عندما يتعلّق الأمر بحماية جهوده لتقديم نفسه صانع سلام وصانع صفقات، كما بعث برسالة أنه ليس مُلزماً بأهداف نتنياهو في الحرب.
وأضاف الموقع أن ترمب بعد تراجعه عن تهديداته السابقة بأن الولايات المتحدة قد تدعم تغيير النظام في إيران، طرح حتى إمكانية التجارة مع طهران، ورؤية نفطها في الأسواق.
وقال مايكل أورين، السفير الإسرائيلي السابق لدى الولايات المتحدة: «ما يحدث اليوم هو أن ترمب يضغط على إسرائيل، ويريد الحفاظ على وقف إطلاق النار، وهو يعلم أن أي قتال إضافي لن يُشكك في دبلوماسيته فحسب، بل سيُعرّض أميركا إلى تدخل عسكري أعمق وأطول أمداً في المنطقة».
وقد حظي التحول الكبير من استعراض عسكري أميركي غير مسبوق إلى خفض التصعيد والحديث عن السلام والتعاون بتأييد بعض من أبرز الشخصيات الإعلامية المحافظة في الولايات المتحدة.
وكتب الناشط المحافظ، تشارلي كيرك، على موقع «تروث سوشيال»: «الرئيس ترامب يُقدّم درساً تاريخياً»، مشيداً بتجنبه تصعيد الحرب مع إيران.
وأعرب ستيف بانون، المستشار السابق لترمب الذي لا يزال صوتاً مؤثراً في حركة «لنجعل أميركا عظيمة مجدداً»، عن دعمه لانتقادات ترمب لنتنياهو.
وقال بانون في برنامجه الإذاعي «بودكاست»: «لقد كذبتَ عليه، ولهذا السبب هو غاضب. هذا هو أقصى ما رأيتُ رئيساً للولايات المتحدة في غضبه، وفكَّر في الأمر، كيف يُمكنك أن تُثير غضبه بهذا الشكل بالنظر إلى كل ما فعله من أجلك، والضغط الذي يتعرض له... هذا هو الشكر الذي يناله؟».
وقال موقع «ذا هيل» الأميركي إن انتقاد إسرائيل ملحوظ؛ نظراً لدعم ترمب لها؛ حيث نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، واعترف بالسيطرة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان، ورفع العقوبات الأميركية عن الضفة الغربية المحتلة، وانسحب من الاتفاق النووي لعام 2015 مع إيران الذي عارضه نتنياهو.
وفي المقابل، ترمب اختلف بشدة مع نتنياهو في عام 2020، بعد أن اعترف بفوز الرئيس الأميركي السابق جو بايدن في الانتخابات.
وفي حين أظهرت الضربة العسكرية التي شنّها ترمب ضد إيران توافق إدارته مع إسرائيل في السعي لمنعها من امتلاك سلاح نووي، لكن مواقفه خالفت نتنياهو في عدد من القضايا المحورية في السياسة الخارجية.
وخلال حملته الانتخابية عام 2024، خالف ترمب نهج الحزب «الجمهوري» المعتاد بشأن إسرائيل، وانتقد الدمار الذي لحق بقطاع غزة، كما قال ترمب إن إسرائيل «خذلتنا» عندما رفض نتنياهو الانضمام إلى الضربة الأميركية التي قتلت الجنرال الإيراني قاسم سليماني قائد «فيلق القدس» التابع «للحرس الثوري» عام 2020.
وفي أبريل (نيسان)، جلس نتنياهو صامتاً في المكتب البيضاوي في حين أعلن ترمب أنه سيبدأ محادثات مباشرة مع إيران بشأن برنامجها النووي، كما بدا أن أهداف ترمب من المحادثات مع إيران تتعارض مع مصلحة إسرائيل، إذ ركزت فقط على تخلي إيران عن قدراتها في تخصيب اليورانيوم، دون التطرق إلى دعم طهران للميليشيات التابعة لها في المنطقة، وبرنامجها الصاروخي، ودعمها للإرهاب عالمياً.
وقال أورين خلال إحاطة إعلامية استضافها نادي «القدس» للصحافة: «يريد ترمب أن يكون صانع سلام، ويريد أن يكون صانع صفقات، والسؤال المطروح بالنسبة لإسرائيل هو مدى إمكانية الحفاظ على مصالحها الحيوية».
وأضاف: «بهذه الطريقة، لا يختلف الأمر كثيراً عمّا كنا عليه في عام 2015؛ حيث كنا قلقين من أن الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما سيعقد صفقة مع الإيرانيين، ولن تُحفظ مصالح إسرائيل في تلك الصفقة».
وكان أموس هوكشتاين، المسؤول الكبير المتخصص في شؤون الشرق الأوسط خلال إدارة بايدن، انتقد القادة الإسرائيليين الذين يعرضون آراءً متشددة بشأن الأمن، ويستخدمون الولايات المتحدة كبش فداء.
وقال هوكشتاين في بودكاست: «سأقول شيئاً مثيراً للجدل بعض الشيء، ولكن في رأيي، منذ عهد رونالد ريغان، لم يكن لدى إسرائيل زر إيقاف كل رئيس وزراء، يميني كان أم يساري، وسطي، يذهب إلى مَن يمثله في ذلك الوقت، سواءً كان الجيش أو المخابرات أو أحزابه المتطرفة»، ويقول: أنا معكم، لكن هؤلاء الأميركيين اللعينين يجبرونني على التوقف، فيقولون: «حسناً، لا بأس».
وقال موقع «ذا هيل» الأميركي إن إحباط ترامب من نتنياهو يعكس توترات مماثلة ظهرت خلال إدارتي أوباما وبايدن؛ حيث اختبر السياسي الإسرائيلي، الذي حكم لفترة طويلة، كلا الرئيسين بشأن تحديات أمنية كبيرة.
وشمل ذلك خطاب نتنياهو أمام الكونغرس عام 2015، الذي عارض فيه الاتفاق النووي الذي أبرمه الرئيس أوباما آنذاك مع إيران، كما أدَّى انهيار محادثات السلام التي تقودها الولايات المتحدة بين إسرائيل والفلسطينيين إلى توتر كبير في العلاقة بين إدارة أوباما ونتنياهو.
وشهدت علاقة بايدن ونتنياهو خلافاً كبيراً بشأن التغييرات القضائية المثيرة للجدل في إسرائيل، ثم توترت العلاقة مع مواصلة نتنياهو الحرب ضد حركة «حماس» في مواجهة الجهود الأميركية للتوسط في وقف إطلاق النار، وإطلاق سراح الرهائن.
وكانت هذه التوترات عادةً ما تتجلّى في تجاهل دبلوماسي صارم، ومع ذلك، ذكرت تقارير أن بايدن أشار إلى نتنياهو في جلسات خاصة بأنه «شخص سيئ».
وقال مسؤول أميركي كبير سابق: «نتنياهو سياسي موهوب للغاية، ومفاوض، وخطيب بارع، ولديه معرفة واسعة بالولايات المتحدة... اعتاد على التلاعب بواشنطن بكل براعة».
وأضاف: «يتفوق عموماً على القادة الأميركيين إلى حد كبير. ما يُميز دونالد ترمب هو أنه لا يهتم بأي شيء سوى قاعدته الشعبية ورؤيته لأميركا».
وتابع أن نتنياهو «أثار حفيظة كل رئيس أميركي إلى حد كبير، لكن دونالد ترامب هو دونالد ترمب، فهو لا يكتم أسراره».