الانباء- بولين فاضل
أما وقد هدأت المنطقة من هدير الطائرات الحربية وأصوات الصواريخ والتهديدات الخصبة بحرب نووية، أضحى من الضروري وبهدوء الإحاطة بما نتج من مفاعيل عن حرب أريد لها كعنوان أساسي إنهاء البرنامج النووي الإيراني.
وإذا كان ما جرى على امتداد 12 يوما من الحرب قد أشعل المخاوف التي حفلت بها المنصات التفاعلية لناحية طرح التساؤلات عن إمكان حصول تسربات إشعاعية من المنشآت النووية المستهدفة في إيران ومخاطرها في هذه الحال خصوصا على الدول المجاورة، فإن أصواتا علت في لبنان ومنها أصوات نيابية كصوت النائبة نجاة صليبا للمناداة بخطة طوارئ رسمية لمواجهة احتمالات التلوث الإشعاعي.
مدير الهيئة اللبنانية للطاقة الذرية د.بلال نصولي قال في حديث إلى «الأنباء» إن «المتخصصين بالطاقة الذرية مخولون وحدهم التحدث بلغة العلم والمعرفة عن هذا الأمر، فيما غير المتخصصين حتى لو كانوا أساتذة جامعيين ويدرسون الفيزياء أو الكيمياء هم بعيدون كل البعد عن الأطر المتعلقة بالتلوث الإشعاعي وطرق ضبطه والتعامل معه».
وأشار إلى وجود «خطة طوارئ إشعاعية عند الأجهزة المعنية منذ العام 2015، تقوم على سيناريو محاكاة انفجار مفاعل ديمونا في إسرائيل ومسؤوليات هذه الأجهزة في حال تم تفعيل هذه الخطة».
وتحدث د.نصولي عن «شبكة إنذار مبكر للتلوث الإشعاعي لدى الهيئة اللبنانية للطاقة الذرية التي تتعاون مع الجيش اللبناني» مضيفا أن الشبكة مؤلفة من 20 محطة في 20 ثكنة عسكرية، ودور الهيئة رصد أي تطور لنسبة الإشعاع الطبيعي في الهواء لتأكيد وجود تلوث ومعرفة نسبته وتحديد أي إجراءات يجب اتخاذها».
وتابع: «ضمن إطار تعاوني تحت مظلة جامعة الدول العربية، كنا على تواصل وتماس يومي مع الهيئة العربية للطاقة الذرية التي تضم دول الخليج وثماني دول أخرى، وأيضا مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وبحسب آخر التقارير، فإن نتيجة رصد أي تلوث إشعاعي في الأجواء كانت صفرا حتى في قلب الأمكنة التي تم قصفها في إيران، وحتى ولو سلمنا جدلا أن المواد النووية لم يجر نقلها قبل القصف، غير أن الأكيد أنها موجودة في عمق عشرات الأمتار تحت الأرض وهي على شكل صلب وأي تلوث قد يحصل، يكون محدودا ومحصورا جدا ولا يدعو أبدا إلى القلق».
وإذا كان الرأي العلمي استقر على عدم حصول أي تلوث إشعاعي في المنشآت النووية الإيرانية الثلاث التي تم قصفها ولاسيما منشأة فوردو، فإن استهدافها لا يعني القضاء على المواد النووية فيها وإنما على كل أجهزة الطرد المركزي التي تستخدم لتخصيب اليورانيوم وكل البنى التحتية اللازمة لذلك. وهذا ما يعني بحسب د.نصولي، حتى لو جرى نقل مخزون اليورانيوم المخصب إلى مكان آخر، تقويض كل التقنيات العالية والتي جرى بناؤها في إيران على مدى عقود، وبالتالي فإن إعادة إنشاء هذه التجهيزات لتخصيب اليورانيوم تحتاج إلى سنوات.
يجمع العلماء والخبراء على أن قصف المفاعلات النووية التي تحوذ مواد كالوقود النووي هي التي يمكن أن تسبب تلوثا إشعاعيا، وهذا أمر ينسحب على مفاعل بوشهر في إيران، غير أن ضربه كان خارج بنك الأهداف طالما استخدامه هو لتوليد الكهرباء لا لتوليد المخاوف من أسلحة الدمار الشامل.