المقترح الأميركي على طاولة الرؤساء: أسبوعان مفصليان للسلاح والاصلاحات
يتم توسيع انتشار الجيش أكثر في شمال نهر الليطاني وبعدها تأتي مسألة إطلاق سراح الأسرى
كتبت المدن: ينشغل لبنان بالعمل بإعداد الردّ على ورقة المبعوث الأميركي توم باراك. لقاءات متواصلة للوصول إلى ردّ موحد بالتفاهم بين الرؤساء الثلاثةعلى أن يقر لاحقاً في جلسة لمجلس الوزراء. ينتظر لبنان عودة باراك التي يفترض أن تكون مرتبطة بالانتهاء من العمل على الردّ وتقديم رؤية لبنانية موحدة تتضمن خطة واضحة لآلية حصر السلاح بيد الدولة. تتضارب المعلومات في لبنان حول وضع مهلة زمنية ما بين 10 أو 15 تموز ليكون مجلس الوزراء قد أقر خطته، لا سيما أنه في حال تعثر ذلك أو تعذّر فإن التصعيد الإسرائيلي سيتواصل.
لا تنفصل هذه المهلة عن الاجواء الواردة من الولايات المتحدة الأمريكية والتي تنتظر زيارة لوزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر لتكون تمهيدية لزيارة سيجريها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وسط ارتفاع منسوب الضغط الأميركي في سبيل وقف الحرب على غزة وتقديم مقترح شامل. ما يرد من واشنطن هو الإصرار خلال أسبوعين على ضرورة وقف الحرب في غزة، ووقف التصعيد في لبنان بناء على الشروط السياسية المفروضة بالإضافة للوصول إلى اتفاق بشأن الوضع في سوريا.
أسبوعان مفصليان
يترقب لبنان مسار المنطقة ومصيرها، كما يترقب ما سيحمله هذان الأسبوعان وإذا ما كانت تل أبيب ستكثف عملياتها العسكرية للضغط أكثر على الدولة اللبنانية وعلى حزب الله لإجبارهما على سلوك المسار الذي يفرضه الأميركيون. وما أصبح واضحاً هو حجم التنسيق الأميركي مع عدد من الدول العربية حول الوضع اللبناني مع التشديد على ضرورة الانتهاء من ملف السلاح بالإضافة إلى الإصلاحات التي يطالب المجتمع الدولي بإقرارها وخصوصاً الإصلاحات المالية التي تهدف إلى إغلاق مؤسسة القرض الحسن، ومكافحة اقتصاد "الكاش" ومراقبة عمل كل شركات الصرافة لا سيما الشركات التي ترتبط بأعمال مالية على صلة بحزب الله، وهنا كان لافتاً الاستهداف الإسرائيلي قبل أيام لصرّاف لبناني كان برفقة أولاده وبحسب ما ادعى الإسرائيليون أنه يعمل في قطاع الصرافة لصالح الحزب، أما المفارقة الأكبر فقد كانت في اغتيال مسؤول إيراني في الحرس الثوري له علاقة بآلية إيصال الدعم والمال للحزب ولحركة حماس، وهذا يظهر حجم الاختراق الاستخباري والإصرار الإسرائيلي على المضي قدماً في مثل هذه العمليات في حال لم تتخذ الإجراءات المطلوبة أيضاً.
لا تزال ورقة المبعوث الأميركي تحتاج إلى المزيد من النقاش وهو ما يتم العمل عليه بين الرؤساء، وعند الوصول إلى الصيغة الموحدة يفترض أن يتم عقد جلسة حكومة لإقرار ما جرى الاتفاق عليه وفحواه حصر السلاح بيد الدولة. بينما تشير مصادر ديبلوماسية إلى أن المطلوب أيضاً هو وضع خطة أو آلية عمل تطبيقية لحصر السلاح وسحبه وخصوصاً من شمال نهر الليطاني وليس فقط في جنوبه. هنا النقاش يدخل في الكثير من التفاصيل، إذ ان لبنان كان يطالب بضرورة انسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية قبل بدء جمع السلاح في شمال نهر الليطاني، لكن باراك شدد على ضرورة بدء سحب السلاح للضغط على الإسرائيليين للانسحاب. عند هذه النقطة يتمحور النقاش وسط مقترحات تشير إلى أنه بعد إقرار الحكومة لهذا القرار، تبدأ واشنطن بالضغط على إسرائيل للانسحاب من إحدى النقاط التي تحتلها، وبالتزامن يكون الجيش اللبناني قد بدأ بالعمل على تسلّم أسلحة من مخازن ومواقع في شمال نهر الليطاني، وبناء عليه يستمر العمل وفق قاعدة خطوة مقابل خطوة، أي مع كل نقطة ينسحب منها الإسرائيليون يتم توسيع انتشار الجيش أكثر في شمال نهر الليطاني، وبعدها تأتي مسألة إطلاق سراح الأسرى، والتي ستكون متدرجة وعلى مراحل أيضاً، فيما المرحلة الثالثة هي مرحلة ترسيم الحدود البرية واستكمال ترسيم الحدود البحرية.
ماذا عن موقف حزب الله؟
بالطبع لن يكون الأمر سهلاً على حزب الله، الذي ينظر إلى كل ما يجري بأنه محاولة للإطباق عليه وتطويقه، في هذا السياق تشير مصادر متابعة إلى أن الموقف اللبناني لا يزال خاضعاً للأخذ والرد وللمزيد من التفاوض، لا سيما أن حزب الله لن يستسهل عملية تسليم السلاح، خصوصاً في ظل المخاطر التي تحدق به، ويصر الحزب على المطالبة بضمانات أساسية، أهمها الانسحاب الإسرائيلي ووقف عمليات الاغتيال ووقف الاعتداءات والخروقات وإطلاق مسار إعادة الإعمار.
لا تقتصر ورقة باراك فقط على بند السلاح، بل هناك تشدد متساو في موضوع الإصلاحات المالية والاقتصادية، وخصوصاً موضوع إعادة هيكلة القطاع المصرفي، مع ما يعنيه ذلك من مكافحة لاقتصاد الكاش، وإغلاق القرض الحسن وكل مؤسسات الصرافة التي يستفيد منها حزب الله. هذا ما يعتبره الحزب تطويق كامل له وهو ما لن يوافق عليه ويبحث في كيفية التصدي له لأنه يعتبره عملية خنق له ولبيئته، خصوصاً في ظل عدم توفير البدائل.
جزء مما تتضمنه الورقة أيضاً يشير إلى أهمية تحسين العلاقات مع سوريا، وضبط الحدود ومنع التهريب، وصولاً إلى ترسيم الحدود بين البلدين. وهو ما لا بد له أن يكون مرتبطاً بكل المسار الذي تسير عليه المنطقة، في ضوء التسريبات الإسرائيلية عن قرب الوصول إلى تفاهم مع سوريا حول جملة أمور من بينها ترتيبات أمنية وانسحاب من الأراضي التي دخلتها إسرائيل بعد سقوط نظام بشار الأسد ولكن ذلك سيكون له ثمن بديل على مستوى العلاقات، لا يُراد للبنان أن يكون بعيداً عن هذا المسار، ولا بد من الإشارة إلى أن مزارع شبعا هي النقطة المحورية في هذا الأمر، والمطلوب من لبنان أن يتنازل عنها باعتبارها سورية، بينما سوريا تقترح أن تجعلها منطقة محايدة، فيما لبنان يطالب بأن يتم نشر قوات دولية فيها بانتظار حسم هويتها.