ضغوط أميركية على وقع تفّلت إسرائيلي... ورقة "السلاح" رهن حسابات الحزب؟

ضغوط أميركية على وقع تفّلت إسرائيلي... ورقة "السلاح" رهن حسابات الحزب؟

image

ضغوط أميركية على وقع تفّلت إسرائيلي... ورقة "السلاح" رهن حسابات الحزب؟
 ما لم يتمكن لبنان من صياغة موقف موحد حول حصرية السلاح فإن المرحلة المقبلة ستكون خطيرة 


ابراهيم حيدر -  "النهار"



بات واضحاً أن النقاش حول الورقة التي يعدها لبنان حول المقترح الأميركي المتعلق بالسلاح حصراً، يشوبها الكثير من الخلافات بين أهل الحكم، خصوصاً تحفظ الثنائي الشيعي الذي يرفض ما يسميه "تبني الدولة للشروط الأميركية"، ويدعو في الوقت ذاته إلى أن تكون الورقة جزءاً من حوار حول الاستراتيجية الدفاعية، بما يعني رفضاً من "حزب الله" لمطلب تسليم السلاح شمال الليطاني. وبينما يأتي النقاش وسط تصعيد إسرائيلي، فإن الورقة التي يفترض تقديمها للموفد الأميركي توماس برّاك خلال زيارته المقبلة إلى لبنان، لم تنجز بعد رغم أن مسودتها تتضمن بنوداً قديمة مع تطعيمها بطروحات جديدة، وتحمل وجهة نظر الرئاستين الأولى والثالثة رغم التباينات بينهما، لسيطرة الدولة على أراضيها عبر حصر السلاح وانتشار الجيش اللبناني على الحدود وتعزيز التنسيق مع اليونيفيل ولجنة المراقبة الدولية لوقف النار. وتتضمن أيضاً الورقة طروحات تتعلق بالعلاقات اللبنانية- السورية، وبإنجاز الإصلاحات وبينها المتعلق بالتمويل والمصارف وتشديد الإجراءات على المعابر والمرافق لمنع تدفق الأموال غير الشرعية، والمقصود بها أموال "حزب الله"، وهو شرط أميركي أساسي لمنع الحزب من إعادة بناء قوته. 

وبينما لم يحسم لبنان ردّه على كل ما تطلبه واشنطن في ما يتعلق بإنهاء الصراع بين لبنان وإسرائيل، قُدمت اقتراحات تنص على أن يسير ملف تسليم سلاح "حزب الله" تدريجياً بالتوازي مع الانسحاب الإسرائيلي. بيد أن ما يطرحه لبنان حول السلاح لا يبدو أنه كافٍ بالنسبة للأميركيين، لا سيما بعد الحرب الإسرائيلية- الإيرانية التي أظهرت أن لا قدرة لمحور الممانعة على تحريك الجبهات المساندة، خصوصاً "حزب الله" من لبنان. ولذا تفيد المعلومات أن مجلس الوزراء لن يتمكن من إقرار صيغة الرد في ورقة موحدة، قبل الزيارة المرتقبة لبرّاك، وقد يتم الاستعاضة عنها بإبلاغه موقفاً مبدئياً كالتزام من الدولة في مسألة السلاح مع التعهد باتخاذ إجراءات لسحبه.

وتشير المعلومات إلى أن "حزب الله" يرفض تسليم أوراقه في ورقة رسمية ينقلها برّاك إلى إسرائيل وسوريا، وهو ينطلق من اعتبار أن السلاح هو لمواجهة الاعتداءات الإسرائيلية، ولا يمكن تسليمه خارج جنوب الليطاني. ومع أن إسرائيل تخرق الاتفاق وتستمر بتنفيذ اغتيالات وشن غارات حربية على الخط الفاصل شمال الليطاني، بذريعة أن الحزب يعيد بناء مواقعه العسكرية، فإن "حزب الله" يناور في مسألة سلاحه ووظيفته، وهو غير قادر على التحرك، لكنه يجاهر بأنه يمتلك القوة القادرة على المواجهة، ما يزيد في إضعاف الدولة، وأيضاً يمنح إسرائيل ذرائع للاستمرار بهجماتها.

والواقع أنه ما لم يتمكن لبنان من حسم ملف السلاح والإصلاح المالي والعلاقة مع سوريا، وما لم يخرج موقفه موحداً حول حصرية السلاح، فإن المرحلة المقبلة ستكون خطيرة على لبنان، إذ سيبقى الجنوب مسرحاً لعمليات إسرائيلية متتالية، قد تنعكس سلباً على التجديد للقوات الدولية "اليونيفيل". ولذا يتوقع وفق مصادر ديبلوماسية أن تشتد الضغوط الأميركية بعد زيارة برّاك الثانية إلى بيروت، علماً أنه لم يحدد في زيارته السابقة مهلة زمنية للبنان، لكن الأمور قد تذهب بعيداً بطلب أجندة محددة ليس بضرورة نزع السلاح فحسب، إنما لدفع لبنان إلى خطوات عملية نحو التفاوض مع إسرائيل، إضافة إلى التواصل مع النظام في سوريا لضبط الحدود. ويبدو أن واشنطن، تسعى إلى إعادة ترتيب اوضاع المنطقة بمعزل عن طهران، إذ تقول المصادر أن الهدف المقبل هو ربط المسار اللبناني بالسوري، خصوصاً بعد إضعاف النفوذ الإيراني، وصولاً إلى إنهائه في لبنان. وهنا وجهة نظر تقول إن أميركا تسعى إلى اتفاق بين لبنان وإسرائيل وبين لبنان وسوريا على خط متوازٍ. لكن حتى الآن، لم يظهر أي ضغط أميركي جدي على إسرائيل لوقف اعتداءاتها أو الضغط لانسحابها من النقاط المحتلة، ويبدو أن ذلك مشروط بإنهاء ملف السلاح ونزعه نهائياً بموقف لبناني رسمي يلتزم هذه الوجهة.