هل يختار الحزب الهزيمة أمام إسرائيل على تسليم سلاحه؟

هل يختار الحزب الهزيمة أمام إسرائيل على تسليم سلاحه؟

image

هل يختار الحزب الهزيمة أمام إسرائيل على تسليم سلاحه؟
سيستخدم حزب الله أي "معركة مفيدة" كرافعة لتعاطف سياسي وانتخابي ولتمديد "شرعية" السلاح

دنيز عطالله - المدن
تتلطى السلطة خلف خطاب قسم رئيس الجمهورية جوزاف عون والبيان الوزاري للحكومة والمواقف المبدئية لرئيسها نواف سلام. تتمسك بها كدليل على ثباتها "الفكري" في مسألتي حصرية السلاح في يد الدولة، كما قرار الحرب والسلم.
في الموازاة، حين تقارب عملياً قضية سلاح حزب الله تختار أدبيات وتعابير فضفاضة، تُبقي الأمور على حالها تحت عناوين الحرص على الاستقرار والوحدة ودرء الفتنة وتجنب الحرب الأهلية!

وبين هذه المواقف وتلك، يتقدم أمين عام حزب الله نعيم قاسم، ليعلن أن حزب الله لن يبقى ساكتاً إلى أبد الآبدين، وأنه قادر على هزيمة إسرائيل.

اختار قاسم اللحظة السياسية بدقة: تصعيد ميداني متواصل جنوباً، احتقان داخلي آخذ في الاتساع، ورقة توم باراك ومواعيده، والأهم شبه شلل رسمي في القدرة على فرض موقف وطني جامع مؤطر ومحدد المواعيد في موضوع السلاح.

يتجنب كلاّ من عون وسلام تجرع كأس المواجهة المرّة. بديهي، أن رئيس مجلس النواب يصعّب عليهما المهمة. فهو يحاورهما بالأصالة عن حركة أمل وبالإنابة عن حزب الله.

الستاتيكو القاتل
يعرف الجميع أن لعبة الوقت قاتلة في هذه المرحلة. يدركون بالمعلومات والتحليل وقراءة ما بين سطور كلام الموفدين، أن نزع سلاح حزب الله أمر لا بد منه، لإعادة لبنان إلى خريطة الدول القابلة للحياة. يعرفون أيضاً، بالمعلومات والإيحاءات، أن بديل التوافق الداخلي على تسليم السلاح ضربة عسكرية إسرائيلية، قد لا تستهدف حزب الله فقط إنما "الدولة اللبنانية" أيضاً. ومع ذلك، يبتعد الجميع عن المبادرة إلى مقاربة الموضوع في إطار المؤسسات، تجنباً لمواجهة حزب الله، في مشهد أقرب إلى التواطؤ غير المعلن.

يتجنب كلّ من الرئيسين عون وسلام تلقف ملف السلاح. يحاولان تدوير الزوايا خوفاً على تجربتهما من أن ترزح تحت ثقل أعبائه. يتنازعهما صراع محفوف بالتناقض: إما الاستمرار في الانتظار ومحاولات التموضع في وسطية ضبابية، وبالتالي الفشل المعنوي، وإما المبادرة والمواجهة وإمكانية الفشل السياسي.

التسليم للدولة أم لإسرائيل؟ 
يستفيد حزب الله من إرباك السلطة وترددها. يمارس رهانه على الوقت إلى أقصى درجاته. يعيد تدوير خطابه، حتى لو بدا لبعضهم من خارج منطق الفهم العقلاني المنطقي أحياناً. وكلام قاسم لا يبتعد كثيراً عن هذا السياق.

ويذهب بعض معارضيه إلى اعتبار ان "حزب الله لن يقبل بتسليم سلاحه إلى الدولة اللبنانية تحت أي عذر أو اتفاق. وقد عزز قناعته بالتمسك بسلاحه صمود النظام في إيران، ولو خرج من الحرب منهكاً وعاجزاً عن مواصلة دعمه راهناً. فالوقت كفيل بتغيّر الظروف". ويعتبر هؤلاء أن "من السيناريوهات المطروحة داخل حزب الله، إمكانية أن تُجدد إسرائيل حربها عليه وتدمر ما تبقى من ترسانته وترسم له حدود تواجده جنوباً، وتمنع على "بيئته" العودة إلى بناء منازلها واستعادة أراضيها وحياتها الطبيعية. ومع ذلك، هنالك من يعتبر، داخل الحزب، أن هذا السيناريو قد لا يكون الأسوأ بالمعنى السياسي. فوفق هذه القراءة سيكون مشرفاً أكثر للحزب أن ينهزم أمام إسرائيل، ومن خلفها أميركا والعالم، من أن يسلم سلاحه للدولة، التي لا يثق بها بقدر عدم ثقته بسائر مكونات البلد، أحزاباً وطوائف".
ويشير بعض خصوم الحزب إلى أن "حزب الله بعد أن خسر في سوريا، وبعد الضربات التي تلقاها المحور الإيراني وأذرعه، لا يمكنه أن يخسر في لبنان. وفي حين يتكفل الرئيس برّي في شدّ الحبال في الإدارات ومؤسسات الدولة، واللعب على التناقضات حينا والابتزاز حيناً آخر، قد يجد حزب الله في الخسارة مجدداً أمام إسرائيل فرصة لشدّ العصب، خصوصاً على أبواب انتخابات نيابية مرهقة بكل المعايير. فبيئة الحزب مهجرة، خائفة، لا تملك المال وتشعر باليتم والاستهداف؛ وسيعمل الحزب على ترسيخ هذه المشاعر وتعزيزها منعاً لاختراق أصوات معارضة لبيئته. فهو "الضحية" و"البطل" في آن. وبالتالي، يمكن استخدام أي "معركة مفيدة" كرافعة لتعاطف سياسي وانتخابي، وكوسيلة لتمديد "شرعية" السلاح ودوره.

وعليه، يبدو البلد غارقاً تحت ركام الخطابات والأجندات الضيقة من جهة، وركام المنازل من جهة أخرى... وركام الكلام في حال استمراره، يقود حكماً إلى مزيد من كل ركام وأنقاض.


مقالات عن

الحزب