مئات الفارين من الأجهزة الأمنيّة ينتظرون "العدالة والحقوق"
زملاؤهم ينتظرون إنصافهم كسائر مُوظفي القطاع العام بعد 2019
خلف: ليست خيانة... بل نتيجة للظروف الإقتصاديّة
هيام عيد - الديار
وسط ازدحام الملفات المؤجلة منذ سنوات، وبنتيجة الإنهيار المالي في العام 2019، ملف إنساني ذات طابعٍ أمني يكاد يرتقي إلى المستوى الكارثي في المجتمع اللبناني، لا يلحظه إلاّ المعنيون مباشرةً، وهم عناصر الأجهزة الأمنية "الفارين" من الوظيفة بسبب الأوضاع الإقتصادية الصعبة، وعجزهم عن تأمين تأمين أبسط المتطلبات كرسم الإنتقال أو الطبابة والمصاريف اليومية، وذلك بمعزلٍ عن كل التقديمات أو الزيادات الطفيفة التي لحظتها رواتب العناصر الأمنية، أو التقديمات الإجتماعية على امتداد المرحلة الماضية، وبشكلٍ خاص عناصر الأمن الداخلي، الذين تختلف ظروفهم عن عناصر الأجهزة الأمنية عموماً، فاضطروا إلى السفر بطريقة غير شرعية أو ممارسة وظائف أخرى، حتى أن البعض ممّن ضاقت به الأوضاع، ولجأ إلى الإنتحار تاركاً رسالةً يشكو فيها من استحالة التحاقه بعمله تحت طائلة الإعتقال بجرم الفرار.
وعلى الرغم من مشروع القانون الخاص بأوضاع الفارين من قوى الأمن، المقدم من وزير الداخلية محمد الحجار، الموجود على طاولة مجلس الوزراء، فلا يمكن إغفال ما يواجهه الفارون الذين وصل عددهم إلى نحو ألف عنصر وضابط من الجيش وقوى الأمن والأمن العام، مع الإشارة إلى أن نسبة كبيرة منهم هي في صفوف قوى الأمن، من تعقيدات على صعيد العمل أو إتمام معاملات رسمية أو مغادرة البلاد، كون جوازات سفرهم محجوزة، ما يجعل من وضعهم معلقاً على القانون الخاص بتسوية أوضاعهم.
واللافت، أن معالجة هذا الملف ما زالت مستمرة، ولكن من دون أن أي نتائج محسومة، حيث تكشف المعلومات بأن "المساعي ما زالت مستمرة في المجلس النيابي وفي الحكومة، من أجل الوصول إلى تسوية القانونية لأوضاع الفارين، إلاّ أن الوضع المالي العام والعجز عن الإحاطة بكل تفاصيل هذا الملف، على مستوى الحقوق المالية للعسكريين وإعادتها إليهم، يؤخر أي حسمٍ، لأن المطلوب هو العودة إلى تأمين حقوقهم بنسبة معقولة، إلى ما كانت عليه قبل الإنهيار، وهو مطلبٌ مطروح في كل المؤسسات العسكرية والأمنية، وبالنسبة لكل العناصر الموجودة في الخدمة، حيث ما زال الوضع قريباً من الصورة التي كان عليها بعد الإنهيار المالي، فيما باقي الموظفين في القطاع العام قد حصلوا على نوعٍ من العدالة في رواتبهم، وهو ما يُعتبر تمييزاً واضحاً بين الطرفين".
وتشدد المعلومات على أن "القيادات السياسية والأمنية تضع في الإعتبار، أولوية تحقيق العدالة للفارين منذ العام 2020، ذلك أن المئات منهم قد عاد في العام 2022، مع العلم أن نحو 70 بالمئة منهم بطلبات فردية لتسوية أوضاعهم، ولكن لم تتمّ إلى اليوم أي معالجة قانونية، رغم مداخلات سياسية وخصوصاً نيابية عبر مشاريع قوانين تهدف إلى التسوية الشاملة القانونية".
ومن ضمن هذا السياق، فإن عقبات عدة قد ساهمت في إثارة الجدل على المستوى النيابي حول هذا الملف، وهي تتعلق بما سبق وأن طرحته بعض القوى السياسية في السابق، من اقتراحات قضت بإجراء "مقايضة يتنازل بموجبها الفارون عن بعض حقوقهم المالية أو تعويضاتهم، مقابل فسخ العقود معهم وبالتالي، تحريرهم وتسوية وضعهم القانوني".
في هذا الإطار، يشدد النائب ملحم خلف على و"جوب فتح الباب أمام الجنود والعناصر الفارين، لتسوية أوضاعهم القانونية وإقفال هذا الملف"، ويوضح لـ"الديار" أن قرار "التفهم والسماح لعناصر الأجهزة الأمنية بالعمل خارج إطار المؤسسات الأمنية، يأتي في سياق التعاطي بشكلٍ إيجابي والأخذ بالإعتبار للأزمة التي واجهها كل الذين اضطروا للفرار، ما شكل بحد ذاته تفهماً لهذا الوضع، خصوصاً وأن الفرار لم يكن بسبب خيانة، بل بسبب الظروف المعيشية والإقتصادية".