وقائع جلسة تطيير "اقتراع المغتربين"... باسيل "والثنائي الشيعي" في صف واحد
الحكومة مطالبة بإحالة مشروعها للتعديلات: الميغاسنتر والبطاقة الممغنطة والاقتراع لـ 6 نواب
كبريال مراد - "نداء الوطن"
لم يؤدِ خروج نواب من الجلسة التشريعية إلى فقدان النصاب. إذ بقي 73 نائبًا داخل القاعة. لكن ما جرى فتح الباب جدّيًا أمام نقاش أكثر عمقًا في قانون الانتخاب، لا سيما ما هو مرتبط منه باقتراع المغتربين. وفق معلومات عن لقاءات ستعقد في الأيام المقبلة على خط النواب المعترضين وعين التينة والحكومة، لوضع الملف في سلّم الأولويات، منعًا للمماطلة والتأجيل، أو للوصول إلى "إخراج أرانب" في اللحظة الأخيرة، على حساب صحة التمثيل وصحة الاقتراع للمقيمين والمغتربين.
أمس، لم يكن الاعتراض على عدم إدراج الاقتراح المعجّل المكرر المتعلق باقتراع المغتربين على جدول الأعمال مفاجئًا. إذ إن عددًا من النواب عقدوا مؤتمرًا صحافيًا قبل أيام، مطالبين رئيس المجلس بإضافة البند إلى الجدول، نظرًا لأهميته، لتنطلق تحضيرات وزارتي الخارجية والداخلية للعملية الانتخابية. كما أن أكثر من 65 نائبًا وقّعوا عريضة تطالب بري بنقاش هذا البند في الجلسة التشريعية. لكن البند لم يدرج، وأصر برّي على أن قوانين الانتخاب تناقش في اللجنة الفرعية التي تتمثّل فيها كل القوى السياسية.
ماذا حصل في الجلسة؟
كان أول طالبي الكلام، النائب ملحم خلف الذي توجّه إلى بري بالقول: "عدم إدراج البند على جدول الأعمال يمكن تصحيحه من قبلك دولة الرئيس، بموجب المادة 109 من النظام الداخلي لمجلس النواب، من دون أن يؤدي ذلك إلى إيقاف النقاشات الدائرة في اللجنة الفرعية".
أيدت النائبة بولا يعقوبيان خلف، مضيفة أن بري طبّق على مدى ثلاثين عامًا من رئاسته لمجلس النواب مبدأ إدراج القوانين المعجّلة المكررة على جدول أعمال الجلسات التشريعية، واصفة الاقتراح بالإصلاح الضروري.
أما النائب جورج عدوان فسأل بري: "هل تريد يا دولة الرئيس أن تسير بعكس الاجتهاد الذي طبّقته على مدى ثلاثين عامًا والقاضي بإدراج القوانين المعجّلة المكررة على جدول أعمال أول جلسة تشريعية تلي تقديم الاقتراح؟". مضيفًا: "نحن بمرحلة صعبة من تاريخ وطننا، والحرب لم تنته، والانتخابات على بعد أشهر، والحكومة تؤكد التزامها إجراء الاستحقاقات بموعدها. الأمر الذي يحتّم الجهوزية للانتخابات النيابية. لذلك، أتمنى عليك دولة الرئيس، بحكم مسؤوليتك الخروج من المشكل المطروح، وأن نعتمد الاجتهاد المطبّق منذ العام 1992، وتضع اقتراح القانون المعجّل على جدول الأعمال".
فردّ بري على عدوان قائلا: "عندما تكون لجنة في طور دراسة موضوع معيّن، لا يمكن أن أقوطب عليها وبزماني ما عملتها". مضيفًا:" اقتراح النائب سامي الجميل مشابه لهذا الاقتراح ويناقش في اللجنة الفرعية". فقاطعه عدوان قائلًا :"اقتراح الشيخ سامي ليس معجلًا مكررًا، أما هذا الاقتراح فبلا. وهناك عجلة بالتصديق على القانون قبل أشهر من الانتخابات".
أصرّ عدوان على طلبه متوجّهًا إلى بري بالقول: "الجميع يعلم أن هذا الاقتراح لن يبت إلّا بالتصويت في الهيئة العامة، لأن هناك انقسامًا حوله. فاختصارًا للوقت، أتينا اليوم بالاقتراح المعجّل إلى الهيئة العامة".
أيّد النائب ميشال معوض عدوان مؤكدًا أن "لملمة الجراح لا يمكن أن تتم من دون الاغتراب"، متمنيًا على بري "إدراج الاقتراح على جدول الأعمال لأنه موضوع حساس".
قانون الانتخاب و"ثلثا الأعضاء"
إشارة أخرى إلى عدم نية بري إدراج الاقتراح على جدول الأعمال تمثّلت بمداخلة عضو كتلة التنمية والتحرير النائب قبلان قبلان الذي قال "إن قانون الانتخاب مسألة أساسية، وإقراره في مجلس الوزراء يحتاج إلى ثلثي الأعضاء. فكيف نريد تعديله في مجلس النواب بصيغة العجلة؟ وإذا لم يكن هناك من توافق بين الجميع، لا قانون انتخاب".
أما النائب علي فياض، وإذ أيّد قبلان في وصف قانون الانتخاب بالمسألة الأساسية استنادًا إلى المادة 65 من الدستور، فنوّه "باللهجة الهادئة التي تتم فيها النقاشات"، لكنه عبر عن رفضه مناقشة الاقتراح قائلًا:" إذا أراد المغتربون الاقتراع لـ 128 نائبًا، يمكنهم المجيء إلى لبنان والمشاركة في العملية الانتخابية، ولا شيء يمنعهم من ذلك". واصفًا اقتراع الاغتراب "بالمعيوب من أصله لأنه يفتقد إلى تكافؤ الفرص".
أما النائب سامي الجميل، فاعتبر أن إلغاء المادة 122 من قانون الانتخاب مسألة عاجلة قبل أشهر من الانتخابات النيابية، مذكرًا بأن إلغاء المقاعد الـ 6 المخصصة للاغتراب كان مطلبه منذ العام 2018.
ليعود النائب جورج عقيص ويؤكد أن لا شيء في النظام الداخلي لمجلس النواب يمنع مناقشة الاقتراح، مذكرًا بأن هناك عريضة نيابية مقدّمة في هذا الشأن. فأجابه بري: "لم نستلم أي عريضة"، في إشارة منه إلى أن العريضة يجب أن ترفع إلى هيئة مكتب مجلس النواب بحسب المادة 46 من النظام الداخلي، الأمر الذي لم يتم.
فأعاد عقيص تأكيد ضرورة إدراج البند "وإلاّ فسنضطر للانسحاب من الجلسة". فقال بري " ما تهددني".
هنا تدخل النائب جميل السيد محاولًا إيجاد مخرج للنقاش الدائر فقال "نحن أمام مسألة من اثنتين، إما استمرار الجلسة وعليها العديد من البنود الهامة، أو أن تطير الجلسة. لذلك، فلتطرح صفة العجلة على التصويت". لكن بري رفض.
باسيل مع النواب الـ 6
وعندما أعطي الكلام للنائب جبران باسيل، اعتبر أن اقتراح القانون المعجّل "يسلب من الاغتراب 6 نواب منحهم إياهم القانون الحالي الذي حصل صراع سياسي طويل عريض حتى اتفقنا عليه"، لافتًا إلى أن "التيار تقدّم باقتراح القانون الأرثوذكسي الذي يشمل الانتشار ويحل المشكلة".
أما النائب مارك ضو، فسلّم بري العريضة النيابية الموقّعة من النواب لإدراجها في محضر الجلسة التشريعية.
قبل أن يعيد النائب علي حسن خليل تأكيد "أن السير بالاقتراح المعجّل يسلب المغتربين حقّهم بالتمثل بـ 6 نواب، أما حقّهم بالاقتراع في لبنان، فمكرّس بالقانون". ذاهبًا أبعد من ذلك بالقول "دولة رئيس الحكومة عبّر عن التزامه الدستور ووثيقة الوفاق الوطني التي تقول إن علينا إجراء الانتخابات النيابية خارج القيد الطائفي وإنشاء مجلس للشيوخ، فلتكن إذًا لدينا الجرأة لطرح الموضوع على الطاولة".
خاتمًا بالقول "دولة الرئيس بري، هناك إرادة نيابية تناشدك طرح الموضوع على جدول الأعمال، وهناك إرادة نيابية أخرى، تناشدك من موقعك وصلاحياتك ودورك عدم طرح الموضوع".
ووسط النقاش الدائر، طلب النائب أديب عبد المسيح من بري تخصيص الجلسة للمشاريع والاقتراحات التي تهم الناس، وعقد جلسة خاصة بقانون الانتخاب الخميس المقبل.
لكن بري فضّل الدخول مباشرة بجدول الأعمال، ما دفع بنواب "الجمهورية القوية" و"الكتائب اللبنانية" وبعض التغييريين والمستقلين للخروج من الجلسة. من دون أن يؤدي خروجهم إلى فقدان النصاب المطلوب أي 65 نائبًا، إذ بقي 73 نائبًا داخل القاعة، بينهم النواب ياسين ياسين وأديب عبد المسيح وميشال ضاهر وملحم خلف وجان طالوزيان ونبيل بدر ومحمد سليمان وسجيع عطيه.
واللافت أن النواب بولا يعقوبيان وفراس حمدان ونجاة عون صليبا وحليمة قعقور، عادوا ودخلوا القاعة بعدما تبيّن لهم، من الطابق الثاني المخصص للإعلاميين، أن النصاب لا يزال متوفرًا. الأمر الذي انتقده النواب الذي استمروا بمقاطعة الجلسة، بينما قابل عدد من النواب دخولهم الجلسة بالقول "شو مبيّن رجعتوا... لشو تضهروا أصلًا".
في المحصلة، أكدت جلسة الأمس أن الكباش حول قانون الانتخاب سيتصاعد في المرحلة المقبلة. فالحكومة مطالبة بالإسراع بإحالة مشروعها للتعديلات المطلوبة لا سيما على الميغاسنتر والبطاقة الممغنطة والاقتراع لـ 6 نواب. واللجنة الفرعية مطالبة بمهلة زمنية لا تتعدى مطلع الخريف المقبل، حتى لا يدخل قانون الانتخاب في بازار اللحظة الأخيرة للتسويات. وبين الإثنين، يؤكد أكثر من نائب معني "المطلوب الحديث بالسياسة".