أيّ جديد في التهديد الإسرائيلي بتصفية قادة "حماس" في بيروت؟ | أخبار اليوم

أيّ جديد في التهديد الإسرائيلي بتصفية قادة "حماس" في بيروت؟

| الثلاثاء 05 ديسمبر 2023

أيّ جديد في التهديد الإسرائيلي بتصفية قادة "حماس" في بيروت؟

لبنان الغارق في لجّة مخاوف وأوضاع غير مستقرة

"النهار"- ابراهيم بيرم

في ذروة هجمة إسرائيل على حركة "حماس" وفي قمّة المواجهات الضارية بينهما في ميدان غزة وسواه، ظهر خلال الساعات الماضية رئيس جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي "الشاباك"روبين بار وهو يتوعد قادة الحركة الذين يتخذون من بيروت والدوحة وأنقرة مقارّ لهم ومجالاً حيوياً لحراكهم بـ"الملاحقة حتى لو استغرق الأمر سنوات"، واللافت أن المسؤول الأمني الإسرائيلي أقر بأن هذا التوجه الذي يعبّر عنه والذي هو بمثابة حكم إعدام متخذ بحق هؤلاء القادة، إنما هو استتباع لتوجّه حكومة بلاده المعلن منذ انطلاق عملية "طوفان الأقصى" بالقضاء نهائياً على حماس "أينما حلّت ووُجدت"، وأكثر من ذلك ذكّر بعملية ميونيخ التي حصلت عام 1972 عندما هاجمت مجموعة "كوماندوس" فلسطينية تنتمي الى منظمة أيلول الأسود السرية التي نشأت حينها برعاية حركة فتح، مقر البعثة الرياضية الإسرائيلية الى دورة ألعاب ميونيخ الشتوية ونجحت في تصفية 11 لاعباً من أعضاء هذه البعثة "تقريباً كلها"، وما كان من الموساد الإسرائيلي إلا أن جرّد حملة ملاحقة لأعضاء هذه المنظمة وقادتها استمرت سنوات ومن أبرزهم المسؤول الأمني الأول في حركة فتح أبو حسن علي سلامة المعروف بـ"الأمير الأحمر" (لقب أطلقه عليه الموساد) ونجح في اغتياله عام 1979 بتفجير عبوة كبيرة في موكبه أثناء مروره على طريق كورنيش المزرعة في قلب العاصمة اللبنانية.

وبناءً على ذلك لا يشكل الكلام والوعيد الإسرائيلي عنصراً مستجداً ومفاجئاً، فالتطاحن الأمني بين الإسرائيليين وأجهزتهم الأمنية وبين الفلسطينيين قديم وتعود جذوره الى أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات من القرن الماضي وقد ذهب ضحيته عشرات القادة الفلسطينيين في عواصم شتى، ولكن اللافت أن بيروت التي وضعها المسؤول الأمني الإسرائيلي الرفيع كواحد من بنك أهدافه لإنفاذ أمر تصفية قادة حماس كانت أبرز محطات هذا التطاحن فضلاً عن أنها كانت منصة انطلاق الغارات الأمنية الإسرائيلية بقصد تصفية القادة الفلسطينيين العسكرييين منهم والسياسيين والإعلاميين.

فالمعلوم أنه في مطالع سبعينيات القرن الماضي هاجمت وحدة كوماندوس إسرائيلية أتت بالبحر ونزلت عند شاطئ الرملة البيضاء) منازل ثلاثة من أبرز قادة حركة فتح وهم كمال عدوان وكمال ناصر وأبو يوسف النجار في محلة فردان وقضت عليهم علماً بأنهم كانوا يقيمون تقريباً في مربّع سكني واحد في محلة الصنوبرة، ومن يومها مضت إسرائيل في نهج التصفية الأمنية للكوادر الفلسطينيين الذين كانوا قد انتقلوا لتوّهم من الأردن الى بيروت في عام 1970 ليتخذوها عاصمة حضورهم لأعوام عدة، فبعدها بسنتين اغتالت إسرائيل الكاتب والروائي والإعلامي القيادي في الجبهة الشعبية غسان كنفاني بعبوة ناسفة زُرعت تحت سيارته أمام منزله في محلة الحازمية. ولقد كان لافتاً أن الموساد الإسرائيلي كان دوماً يستسهل الاختراق الأمني لبيروت واغتيال القادة الفلسطينيين وقصف المقارّ الفلسطينية، ولقد تعامل معها وكأنها خاصرة رخوة يمكن الضغط عليها والتسلل منها، ولقد استمر واقع الحال هذا حتى بعد خروج الجسم العسكري لمنظمة التحرير الفلسطينية من لبنان في صيف عام 1982 وامتداداً الى الأمس القريب.

ولعل آخر القادة العسكريين الفلسطينيين الذين نجح الاحتلال الإسرائيلي في تصفيتهم هو المسؤول العسكري للجبهة الشعبية – القيادة العامة جهاد جبريل عندما انفجرت عبوة ناسفة بسيارته التي كانت مركونة في أحد المواقف بين محلة مار الياس وكورنيش المزرعة، وقد كان ذلك في عام 2006.

ومن باب التذكير والربط فإن الإسرائيليين نجحوا أيضاً مرات عدة في اغتيال قادة عسكريين محترفين من "حزب الله" متخطين كل الإجراءات وتدابير الوقاية والحماية التي نفّذها الحزب.
والجدير ذكره أن الحزب استذكر أمس مؤسِّس وحدة الصواريخ في الحزب حسان هولو اللقيس الذي سقط في ذلك اليوم (4 كانون الأول) على يد وحدة كوماندوس إسرائيلية تسللت الى بيته في محلة الصفير في الضاحية الجنوبية وعملت على تصفيته بالرصاص،
ولقد عُدّ هذا الاغتيال الإجراء الأشدّ إيلاماً للحزب لأن الرجل كان بعيداً كل البعد عن الإعلام من جهة وكان مقيماً في أحد المربعات الأمنية المحميّة من الحزب.

وهكذا فإن الوعيد الإسرائيلي المتجدد أخيراً بعمليات اغتيال لقادة حماس في بيروت وعاصمتين أخريين دفع كثراً الى استذكار حقبة التصفيات الطويلة التي نفّذها الأمن الإسرائيلي من جهة وزاد من منسوب الضغوط الإسرائيلية على لبنان الغارق في لجّة مخاوف وأوضاع غير مستقرة من جهة أخرى، وهي حقبة عُدّت الأسوأ إبان سني الحرب الأهلية وما بعدها.

وإن كان ثمة من لا يرى في الأمر جديداً خصوصاً أن إسرائيل لم توقف منذ الثامن من شهر تشرين الأول الماضي من هجماتها وغاراتها على المنطقة الحدودية، وهي فوق ملاحقتها لمقاتلي الحزب، بادرت قبل أقل من ثلاثة أسابيع الى اغتيال أحد القادة العسكريين لحركة حماس أبو خليل الخراز من مخيّم الرشيدية بمسيّرة لاحقت سيارته على طريق فرعي لإحدى القرى الجنوبية في قضاء صور (الشعيتية).

وهذا إن دل على شىء فإنه يدل على أن إسرائيل ليست بحاجة الى الوعيد والتهديد بممارسة فعل الاغتيال فهي تقدم على مزاولة نهج التصفية والاغتيال لكوادر حماس و"حزب الله" ساعة يتوفر لها الهدف.

والمعلوم أيضاً أن تل أبيب هدّدت سابقاً أكثر من مرة بتصفية أحد أبرز القادة السياسيين والعسكريين للحركة الذي يظهر دوماً في بيروت ويُعتقد أنه مقيم فيها وهو الشيخ صالح العاروري الذي تصفه إسرائيل بأنه الأخطر عليها بعد يحيى السنوار.

والمعلوم في حينه أن الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله ظهر في إطلالة إعلامية تلت ذلك معلناً أن العاروري هو ضيف لبنان وبحمايته وأن أي استهداف له سيكون للحزب رد فوري عليه، والمعلوم أيضاً أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أعلن في ظهور له في نوفمبر الماضي أنه طلب من جهاز الموساد العمل ضد قادة حماس "في أي مكان يكونون فيه حول العالم".

وبناءً على ذلك فإن "حماس" تعتبر أن هذا التهديد الإسرائيلي الجديد صار معتاداً عندها ولا قيمة له إلا أنه حلقة في سلسلة الضغوط المعنوية والحرب النفسية على الحركة والشعب الفلسطيني.

ويقول الناطق بلسان الحركة في لبنان جهاد طه "الوعيد الإسرائيلي ليس جديداً وليس وليد مرحلة بدء المواجهات في غزة، فالإجرام والاغتيال والتدمير والبطش هي جزء من الهوية والشخصية الإسرائيلية. ومستوى الإجرام الذي تمارسه اليوم في غزة دليل جليّ على هذه العقلية الإجرامية وبرهان على أنها لا تتورّع عن أي فعل إجرامي بحق البشر والحجر". وأضاف "لذا نحن نضع هذا الموقف في سياق سياسة الإجرام الصهيوني تجاه شعبنا وتجاه مقاومتنا التي شرعتها كل الشرائع الدولية"، وخلص: "إن هذا التهديد والتهويل لن يثنينا بطبيعة الحال عن المضيّ قدماً في نهجنا الواضح والراسخ لانتزاع حقوقنا على أرض فلسطين".

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار