"الدولار بزَلَمِي" والإنسان أرخص الموجودات على وجه الأرض وأدنى من سلعة!...
موسى: لا بدّ للمعالجة من أن تكون أممية وجدية
أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"
تذكر بعض المقولات التي تلقى انتشاراً شعبياً واسعاً في أزمنة الضّيق تحديداً، أن "القرش بزلمي"، وأن الإنسان هو أرخص الموجودات على وجه الأرض.
الأقلّ دعماً
وبين اللّهو السياسي والاقتصادي والمالي في سائر القطاعات الأساسية والحيوية من صحية، وتربوية، وغذائية... والجدّ، تحوّل الإنسان المحلّي والإقليمي والعالمي، الأضعف والأقلّ دعماً والأقلّ امتلاكاً للموارد تحديداً، في عالم اليوم، (تحوّل) الى أرخص ما يمكن إيجاده على الأرض، والى سلعة "ما بتسوا قرش".
وتكثر الأمثلة على ما سبق ذكره وتطول، في البقع الجغرافية المضطربة، ومنها ما رأيناه ونراه في لبنان وقطاع غزة وسوريا.
أقلّ من دولار...
هنا لا نتحدث عن كل الناس. فمن فقد كل ما يمتلكه أو هُجِّر لأنه يحارب أو ضمن مشروع حرب، يكون حصد ما يريده، وما هو قادر على تحمّله وعلى تدبير نفسه به في ما بعد، نظراً لكونه يدرك تماماً ومنذ ما قبل خوضه الحروب، أن نتيجتها ستكون تدميراً وفقداناً لكل شيء. ناهيك عن أن الجهة المُشغِّلَة له في الحرب تبقى هي المسؤولة عن تدبير شؤونه منذ ما قبل اندلاعها، وخلالها، وفي حقبة ما بعدها، سواء التزمت بذلك، أم لا.
ولكن من ينام في ليلة داخل منزله، وعلى أساس استقرار اجتماعي ومعيشي معيّن، ويصحو في اللّيل أو في اليوم التالي على من يطرده منه، وعلى واقع اجتماعي ومعيشي جديد كلياً، سواء نزح داخل بلده أو الى خارج حدوده، من دون أن يكون صاحب مشروع حرب، أو داعماً لحرب، فهذا هو أكثر من يدفع أكبر الأثمان، وأكثر من يفقد كرامته الإنسانية، وأكثر من يُصبح أقلّ قيمة من دولار واحد.
كرامة ضائعة
مؤسفة جداً هي مشاهد هذا السوري أو الفلسطيني أو اللبناني أو... ذاك، الذي يجلس حزيناً الى جانب طريق، والذي بات مُجبراً على استعطاء السندويش وعبوة المياه، والذي يغطي وجهه من عدسات الكاميرات بحثاً عمّا تبقّى من كرامته الضائعة في التراب، وذلك بعدما تهجّر من بيته وبلده من دون أن يكون عضواً في مشروع حرب. هذا مؤسف جداً، في زمن الأمم المتحدة والقانون الدولي وحقوق الإنسان، فيما لا يجد أمامه سوى جمعيات وتنظيمات تساعده على "الشحادة" لا أكثر، ووسائل إعلام محلية وعالمية تحاول استصراحه وتصويره، ونقل ما يعاني منه، من دون أي حلّ لما بات فيه من مآسٍ.
تفلُّت كبير
أكد رئيس لجنة حقوق الإنسان النيابية النائب ميشال موسى أنه "يُفتَرَض بالقوانين والاتفاقيات الدولية التي وُضِعَت بعد الحروب التي خاضتها أوروبا ودول العالم في الماضي، وبعد تأسيس الأمم المتحدة، أن تخفّف من آلام الناس ومن المشاكل عموماً، التي هي نتيجة صراعات النفوذ الاقتصادي والسياسي والعسكري التي يدفع العالم ثمنها".
وأشار في حديث لوكالة "أخبار اليوم" الى أنه "كان من المُفتَرَض ضبط المشاكل أكثر. ولكن بما أن الوضع ليس على تلك الحالة، فنحن نرى هذا التفلّت الكبير جداً اليوم على المستويات كافة، فيما يدفع المواطن العادي الثمن. وبالتالي، هناك إشكالية كبيرة، يتوجّب إيجاد مقاربة واضحة لها بطُرُق أكثر فاعلية، على الصعيد الدولي العام، ومن خلال الأمم المتحدة. ففي هذا الإطار، يجب أن تكون الأمم المتحدة هي المكان أو المساحة المشتركة لتبادل الآراء وتنفيس الاحتقانات، وذلك بموازاة تطبيق القوانين والأعراف والأنظمة الدولية بطريقة أكثر شدّة".
معالجة أممية وجدية
وأسف موسى لأن "هذا هو واقع الحال اليوم. فعند تصارُع النفوذ، يتجاوزون الاتفاقيات والقوانين الدولية بشكل مُطلَق. وهذا ما نراه في كل مكان، فيما أكثر من يدفع الثمن بكل شيء هو الإنسان العادي في كرامته ومسكنه وظروف حياته كافة. وهذه مشكلة حقيقية كبيرة".
وأضاف:"وصلنا الى مكان شديد السّوء حالياً. ولكن معالجة هذا الواقع ممكنة إذا أرادت القوى القادرة والكبرى والممثّلة في الأمم المتحدة أن تضبط إيقاع الأمور، بما يخفّف من آلام ومشاكل الناس وسط صراعات النفوذ التي تُخاض حول العالم".
وختم:"ما يزيد الأوضاع سوءاً هو التفلُّت المُطلَق من كل شيء في عصرنا الحاضر. ولكن في كل الأحوال، لا بدّ للمعالجة من أن تكون أممية وجدية، حتى لا يجنح العالم نحو مزيد من السّوء".