لهذه الأسباب ارتفعت لهجة "التوصية" الى مجلس الوزراء!

لهذه الأسباب ارتفعت لهجة "التوصية" الى مجلس الوزراء!

image

لهذه الأسباب ارتفعت لهجة "التوصية" الى مجلس الوزراء!
اثبتت التحقيقات في الاردن ولبنان انتماء المتورطين بـ "صواريخ الاردن والجنوب" الى فريق واحد 

الجمهورية - جورج شاهين
إلى النقاش المفتوح حول مصير سلاح "حزب الله" والأفكار المطروحة، قفز ملف السلاح الفلسطيني إلى الواجهة، وتقدّم سلاح حركة "حماس" بعد تجريد فصائل أخرى منه. وهي خطوة استعجلتها التحقيقات في ما سُمِّي "خلية الأردن" وما كشفته عن مراكز تدريب المتورّطين فيها على يَد خبراء من الحركة في لبنان، قبل إقفال التحقيقات في "خلية صواريخ الجنوب". وعليه حضر الملف على طاولة المجلس الأعلى للدفاع إلى جانب الترتيبات الخاصة بالانتخابات البلدية والاختيارية، وفق معايير محدّدة. وهذه نماذج منها.
عندما وُجِّهت الدعوة قبل 3 أيام إلى اجتماع المجلس الأعلى للدفاع أمس في قصر بعبدا، كان جدول الأعمال قد حمل مجموعة من الملفات الأمنية التي يجب مواجهتها على مستوى المجلس، سواء تلك المقبلة على مسافة أيام من فتح صناديق الاقتراع في الانتخابات البلدية والاختيارية بمراحلها الأربع الممتدة من 4 أيار إلى الـ24 منه. كما بالنسبة إلى السلاح الفلسطيني. فقد اعتاد المجلس أن يناقش مثل هذه الخطط الكبيرة الواجب اتخاذها على مساحة الوطن بكاملها. فلا تقف التدابير المطلوبة على الأمن فحسب، إنما على مختلف المستويات، لما يفرضه السلاح المتفلت من مخاطر على الأمن الوطني والسلم الأهلي. كما بالنسبة إلى العملية الانتخابية التي تستدعي تجنيد الآلاف من القوى العسكرية والأمنية والإداريِّين والمعلّمين والقضاة لإدارة عملية واسعة في آلاف الأقلام الانتخابية مع ما تفرضه من تدابير تتناول مختلف وجوه حياة اللبنانيِّين.
لكن ما جاء طارئاً على الاجتماع كانت المراسلات التي وجّهتها السلطات الأردنية القضائية والديبلوماسية إلى المسؤولين اللبنانيِّين بحثاً عن أفراد فلسطينيِّين من حركة "حماس" ثبُت أنّهم متورّطون ببرامج التدريب التي شارك فيها أعضاء الشبكة الأردنية. وقد استخدموا مواقع مخفية في مناطق مختلفة من لبنان بدعم مباشر وغير مباشر من قوى كانت تتعاون تحت مظلة "وحدة الساحات". وكان ذلك قبل أن تتوصّل التحقيقات مع موقوفي الأردن ولبنان إلى القول إنّهم لجأوا إلى المخيّمات الفلسطينية وهم معروفون بالاسم وبخبراتهم، كما اعترفت المراجع التي تبادلت الرسائل السرّية وتلك التي وردت من الإنتربول الدولي.
لم تقف الأمور عند هذا الحدّ، لفرض ملف السلاح الفلسطيني على جدول أعمال مجلس الدفاع، فالتحقيقات الجارية في بيروت بحثاً عن هوية مطلقي "الصواريخ اليتيمة" من جنوب لبنان في اتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة على دفعتَين ما بين 22 و28 آذار الماضي، لم تكن قد انتهت إلى ما يشتهيه المسؤولون. لكنّها كانت قد توصّلت إلى المسار عينه بطريقة أوحت ترابطاً بين الشبكتَين اللبنانية والأردنية ومن الحركة عينها. ولربما كانوا من شبكة واحدة نمت في لبنان وتوسعت رقعة أعمالها لتطاول دول المنطقة، ولا سيما منها تلك التي تشكّل "دول الطوق" لإسرائيل انطلاقاً من لبنان وحتى الأردن مروراً بسوريا، عدا عن تلك التي تمكّنت من إنشاء خطوط تواصل آمنة مع الحركة في الداخل الفلسطيني وربما عبر دول ثالثة.
على هذه الخلفيات، رُفعت التقارير إلى المجلس الأعلى، وقدّمت المراجع العسكرية والمخابراتية والديبلوماسية ما يقود إلى الإحاطة بالحدث من مختلف جوانبه، بغية التوصّل إلى معالجة هذا الموضوع ومحاسبة المرتكبين أينما وُجدوا وفي أي موقع كانوا، والتثبّت من منع تكرار ما حصل لألف سبب وسبب. فعلى المستوى المحلي لا يمكن لأحد أن يتنكّر أنّ عملية إطلاق الصواريخ من جنوب لبنان، التي لم يصل بعضها إليها، هي التي استجرّت الاتهامات الدولية للبنان بعدم قدرته على ضبط الوضع في الجنوب والتشكيك بقدرات الجيش، عملاً بما قال به القرار 1701 والتفاهم الذي أُبرم لتجميد العمليات العسكرية في 27 تشرين الثاني الماضي. كما أنّها هي التي شكّلت مبرّراً دفع باسرائيل لتجديد غاراتها على الضاحية الجنوبية لبيروت وفي عمق لبنان. فكانت الغارات الموجعة التي استهدفت عدداً من قادة "حزب الله" والمسؤولين فيه، كما من قادة "حماس" الذين استُهدفوا على طريق الجنوب وساحل الشوف بطريقة زادت من حدّة التوتر ورفعت المسؤولية مسبقاً عن العدوان الإسرائيلي المتمادي.
وفي ظل التكتّم الذي حافظ عليه المشاركون في اجتماع المجلس الأعلى للدفاع على ما دار فيه من مناقشات والاحتفاظ بقراراته سرّية للغاية، لا بُدّ من التوقف عند مضمون التوصية التي أصدرها المجلس إلى مجلس الوزراء قبل ساعات قليلة من اجتماعه في السراي. وهي التي قالت بـ "تحذير حركة "حماس" من استخدام الأراضي اللبنانية للقيام بأي أعمال تمسّ بالأمن القومي اللبناني، إذ ستُتخذ أقصى التدابير والإجراءات اللازمة لوضع حدّ نهائي لأي عمل ينتهك السيادة اللبنانية". وهي توصية توحي بمزيد من الإجراءات التي ستُتخذ الأسبوع المقبل إن لم يكن قد أُطلِق أمس عدد منها على المستوى الأمني.
وانتظاراً للإجراءات الأمنية والقضائية المقبلة، التي ستُتخذ، لا بُدّ من إلقاء الضوء على ما سبق الاجتماع، فالمراجع الأمنية المختصة كانت قد وجّهت طلبا مباشراً إلى عدد من مسؤولي "حماس" في لبنان مطلع الأسبوع الجاري طالبة تسليم المتهمين بالعملية وهم موزّعون بين مخيّمَي عين الحلوة وربما الرشيدية أو البرج الشمالي. وعلى رغم من تأكيد البعض منهم أنّهم ليسوا على علم بما حصل، اعترف آخرون بدقة المعلومات وأكّدوا انتسابهم إلى الحركة. وكانت هناك مهلة انتهت أول أمس الخميس لتسليمهم وقد انقضت من دون أي تجاوب وهو أمر رفع من لهجة التوصية التي توصّل إليها المجلس، والتي على مجلس الوزراء أن يترجمها عبر المراجع المختصة التي كان مَن يُمثلها مشاركاً في الاجتماع، وأنّه لا بُدّ من أن تتوافر معلومات إضافية من حولها في الأيام المقبلة.
ولا بُدّ من الإشارة، بحسب أحد المشاركين في الاجتماع، إلى أنّ ما صدر عن المجلس الأعلى للدفاع من قرارات جدّية وحازمة لا بُدّ لها من أن تأتي بالنتائج المرجوة قريباً، ولن تكون مخفية على أحد. وأنّه في مقابل أي خطوة معلنة سيكون قادة هذه الفصائل والحركات على علم بما يمكن أن تنتهي إليه التحقيقات مع المطلوبين، سواء انتهت إلى الإدانة أو البراءة. فالأساليب السابقة التي رافقت صدور بعض القرارات المتشابهة وكانت تذوب في البحور السياسية في ظل حجم الرعاية والحماية الداخلية في بعض البؤر الأمنية المقفلة على الأجهزة الأمنية، قد انتهت وباتت من التاريخ. فالمرحلة تفرض أن تكون الأجهزة الأمنية على جهوزيتها للتحرّك والمواجهة كما كانت دائماً، بفوارق بسيطة أبرزها وجود القرار السياسي الموحّد الذي يظلّلها ويحمي خطواتها، ما يمنحها كثيراً ممّا يضمن تنفيذها في أفضل الظروف. وستأتي الأيام المقبلة بما يُثبِت أو ينفي هذه المعادلة.