10 ملايين ليرة زيادة على الحدّ الأدنى حصراً: الكل ضدّ العمال
فرض أصحاب العمل تصوّرهم لزيادة الحدّ الأدنى للأجور بلا أي زيادات على الشطور
فؤاد بزي - الاخبار
لماذا أذعن وزير العمل محمد حيدر لأصحاب العمل ووقف ضدّ المنطق والعمال الذين يطالبون بزيادة غلاء معيشة تصيب كل شطور الأجور ولا تنحصر بالحدّ الأدنى للأجور فقط؟
السؤال لا إجابة عليه طالما أن الوزير يرفض الردّ. لكنّ الواضح من مجريات جلسة لجنة المؤشر التي انعقدت أمس بعد تأجيل أكثر من أسبوع، وبعد اجتماعات جانبية أفضت إلى تسوية تقضي برفع الحدّ الأدنى و«تطنيش» باقي شطور الأجر على أن ينسحب ممثل العمل من الجلسة، أن أصحاب العمل يحاولون تكريس قاعدة طالبوا بها في السنوات الماضية بلا طائل، وهي: الدولة تتدخل فقط بالحدّ الأدنى، والباقي متروك للسوق الحرّة.
وزير العمل يدخِل لبنان في عصر سوق العمل الحرّ. نعم إنه سوق حيث العرض والطلب فقط مسموح تداولهما، أما دولة الرعاية الاجتماعية التي وعدت بها الحكومة، فهي مجرّد كلام بكلام.
انعقدت لجنة المؤشر أمس بحضور الاتحاد العمالي العام الذي يزعم تمثيل لبنان، وبحضور اثنين من ممثّلي أصحاب العمل وأكثرهم شراسة: أولهما معروف بـ«أبو رخّوصة» وهو رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس، وثانيهما هو رئيس هيئات أصحاب العمل محمد شقير.
باقي الأعضاء من الضمان وإدارة الإحصاء المركزي هم مجرّد زينة على طاولة ما يُسمّى «حواراً»، إذ لا أحد يستمع إلى تضخّم الأسعار وحصّة الأرباح منها إن قيلت، ولا أحد يهدّد أصحاب العمل بأن تفتيش المؤسسات في الضمان سيبدأ رحلة البحث عن الأجور الفعلية المدفوعة للعمل وغير المصرّح عنها للضمان، أو تلك التعويضات العائلية التي يسرقها أصحاب العمل. وبدلاً من إقرار تعديل حقيقي للأجور، يشمل شطور الأجر، جرى حصر الأمر بالحدّ الأدنى للأجور فقط والوقوف عند رغبات أصحاب العمل ليصبح الحدّ الأدنى 312 دولاراً بدلاً من 200 دولار. بالعملة المحلية، سيصبح الحدّ الأدنى 28 مليون ليرة.
هكذا، برعاية وزير العمل، انتصر أصحاب العمل على العمال، ومنعوا أي زيادة عادلة. فقد تمكّن شقير، وشماس، ونائب رئيس جمعية الصناعيين زياد بكداش، ونائب رئيس غرفة الصناعة والتجارة نبيل فهد، من فرض أجندتهم على 11 عضواً آخر في اللجنة، وفرضوا على رئيس الاتحاد العمالي العام التراجع عن مطلبه بزيادة 700 دولار على الحدّ الأدنى إلى 112 دولاراً فقط.
ورغم التراجعات المستمرّة للاتحاد العمالي العام، وخفض سقف الحد الأدنى للأجور، لم يقبل ممثلو أرباب العمل البحث إلا بالأرقام التي عرضوها، فكانت الجلسة عبارة عن فرض رأي لا مفاوضات، إذ بدأت جلسات لجنة المؤشر الشهر الماضي بطلب الاتحاد العمالي العام زيادة الحدّ الأدنى للأجور حتى 900 دولار شهرياً.
وبسبب المعارضة الشرسة لأصحاب العمل ورفضهم أصل البحث في الرقم المُقترح، ووصفه بـ«العبثية»، تراجع الاتحاد إلى 700 دولار شهرياً أولاً، ثمّ إلى 50 مليون ليرة شهرياً، أي 558 دولاراً.
والمقبول للاتحاد العمالي أمس كان الوصول إلى 50 مليون ليرة شهرياً. وبعد تعذّر الاتفاق على الرقم، طرح وزير العمل محمد حيدر مبلغ 30 مليون ليرة شهرياً.
ولكن لم يقبل أرباب العمل الذين كانوا كتلةً واحدةً في الاجتماع مجتمعة على هضم حقوق العمال. وبعد الاجتماع، قال رئيس الاتحاد بشارة الأسمر: «وقع الخلاف، وغُدر بنا».
وبعكس كلّ اقتراحات الزيادات السابقة للحدّ الأدنى للأجور، فإن مرسوم الزيادة الذي نشأ من هذه الجلسة والذي سيُرفع إلى مجلس الوزراء لن يتضمن أي زيادة على شطور الأجر، ما سيوفّر على مجلس الوزراء اللجوء إلى شطب ما يتعلق بالشطور، كما قام بها أيام الوزير مصطفى بيرم.
بموجب هذه الجلسة صار بإمكان كلّ صاحب عمل فرض القانون الذي يعجبه في شركته، وضرب عرض الحائط بقانون العمل، وستؤدي هذه السياسة أيضاً إلى المزيد من التدهور في أحوال الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، إذ كان سيحصّل بدلات اشتراكات إضافية في حال رفع الحدّ الأدنى للأجور.
فبحسب الأسمر، «60% من الأجراء في القطاع الخاص مسجّلون في الضمان الاجتماعي على أنّهم يتقاضون الحدّ الأدنى فقط، وكل همّ أصحاب العمل عدم التصريح للضمان».
لكنّ وزير العمل قال في البيان الذي صدر بعد الجلسة، كما يبرّر لأصحاب العمل، إن الزيادة ستُقسم إلى مرحلتين: زيادة الحدّ الأدنى إلى 28 مليون ليرة أولاً، ثم البحث في الباقي لاحقاً!
6582 %
هي الزيادة في الأسعار بين مطلع 2019 ونهاية 2024 بحسب أرقام إدارة الإحصاء المركزي، علماً أن السلّة الغذائية الأساسية للبقاء على قيد الحياة لعائلة من 5 أفراد مُقدّرة من برنامج الغذاء العالمي بنحو 450 دولاراً شهرياً، أي 2.25 مرة الحدّ الأدنى للأجور حالياً