الانباء- كان يوم الخميس في لبنان يوم الأمن والاقتصاد وضبط الحدود الشرقية - الشمالية بين لبنان وسورية، وتأكيد حضور الدولة اللبنانية في مناطق بقاعية شمالية لطالما اعتبرت ملاذا للخارجين عن القانون «الطفار». في حين لم تغب الاعتداءات الإسرائيلية الموسعة، حيث نفذت الطائرات الحربية المعادية حزاما ناريا في مرتفعات النبطية.
رئيس الجمهورية العماد جوزف عون قصد مبنى المصرف المركزي «مصرف لبنان»، حرصا منه على إعادة الثقة بالنظام المصرفي، فيما جال رئيس الحكومة نواف سلام بمحافظة البقاع، متفقدا معبر المصنع الحدودي البري الرئيسي مع سورية، إلى معابر ومرافق أخرى ومبان حكومية عدة بينها سرايا بعلبك وزحلة.
وأكد رئيس الجمهورية «ضرورة قيام مصرف لبنان بدوره كاملا لإعادة الثقة في الداخل والخارج بالنظام المصرفي اللبناني، وحماية العملة الوطنية والعمل بشفافية بعيدا عن التدخلات السياسية والمساهمة في إنجاح مسيرة النهوض الاقتصادي في البلاد».
وكان في استقبال رئيس الجمهورية خلال زيارته حاكم المصرف د.كريم سعيد، وعقد معه اجتماعا في مكتبه استهله الرئيس عون بتهنئة الحاكم الجديد بتعيينه، مشددا على «مسؤولياته في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ لبنان»، لافتا إلى «أهمية الدور الملقى على عاتق مصرف لبنان خصوصا في ظل الأوضاع الاقتصادية والمالية الراهنة».
ثم عقد عون والحاكم سعيد اجتماعا ضم نواب الحاكم: وسيم منصوري (النائب الأول)، وبشير يقظان (النائب الثاني)، سليم شاهين (النائب الثالث)، والكسندر موراديان (النائب الرابع). وفي مستهل الاجتماع تحدث رئيس الجمهورية فأشار إلى أن «زيارته هدفها تهنئة الحاكم الجديد والتأكيد على ما يعلقه اللبنانيون من آمال كبيرة بأن يتمكن مصرف لبنان من المساعدة في معالجة الأوضاع المالية والاقتصادية في البلاد وفقا لأنظمة المصرف ومسؤولياته المحددة خصوصا في قانون النقد والتسليف».
وخاطب الرئيس عون الحاكم ونوابه قائلا: «مسؤوليتكم كبيرة ودوركم أساسي في إعادة ثقة اللبنانيين والعالم بالنظام المصرفي اللبناني وفي حماية العملة الوطنية والعمل من أجل مصلحة لبنان واللبنانيين وعدم التأثر بالتدخلات السياسية والحزبية والطائفية، لاسيما أن أنظار العالم متجهة إلى عملكم الذي يجب أن يبقى في إطاره المهني والتقني بعيدا من السياسة وزواريبها». وأضاف رئيس الجمهورية: «لا يمكن للاقتصاد اللبناني أن يستعيد دوره وتوازنه ما لم تعود الثقة بالنظام المصرفي اللبناني. صحيح إن الاستقرار الأمني في البلاد أساسي، لكن الصحيح أيضا أن الاستقرار المالي هو الذي يجلب الاستثمارات ويحقق انتعاشا في الحركة الاقتصادية، لاسيما أن دولا شقيقة وصديقة أعربت عن رغبتها في تقديم المساعدات للبنان وتشجيع رجال الأعمال على الاستثمار فيه بعد إقرار الإصلاحات التي اعتبرها حاجة لبنانية ملحة قبل أن تكون مطلبا خارجيا». وقال عون: «نعمل على وضع لبنان على سكة التعافي، وقد تحققت مسائل كثيرة في أقل من أربعة أشهر من بداية العهد، وأقل من ثلاثة أشهر على تشكيل الحكومة ونيلها الثقة، والعمل مستمر في أكثر من اتجاه. وأنا على ثقة بأنه متى صفت النوايا وتوفر التعاون من الجميع، فإن الإنجازات سوف تتوالى ويتحقق ما نتمناه للبنان واللبنانيين». وأضاف «بقدر ما تستندون إلى ضميركم وتطبيق القوانين يكون عملكم ناجحا وتسهمون أيضا في محاربة الفساد الذي يشكل 90% من الأزمة التي يعاني منها لبنان على الصعد كافة».
وبعدما نوه الرئيس عون بالجهود التي بذلها النائب الأول لحاكم مصرف لبنان د.وسيم منصوري خلال توليه الحاكمية بالوكالة للمحافظة على الاستقرار المالي، دعا رئيس الجمهورية الحاكم سعيد ونوابه إلى أن يكونوا أوفياء للقسم الذي رددوه عند تعيينهم قائلا: «هذا القسم يحملكم مسؤولية كبيرة فكونوا على مستوى هذه المسؤولية واعملوا يدا واحدة، وأنا ورئيس الحكومة إلى جانبكم لتذليل كل العقبات التي يمكن أن تواجه عملكم».
بدوره، رحب الحاكم سعيد بالرئيس عون، شاكرا زيارته إلى مصرف لبنان، وهو بذلك ثاني رئيس للجمهورية يزور المصرف المركزي بعد الرئيس الراحل اللواء فؤاد شهاب.
من جهته، رئيس الحكومة نواف سلام استهل جولته في محافظة البقاع الشمالي، من مركز الشعيبة في جرود بعلبك، ومن هناك انتقل إلى مركز بوفارس على الحدود مع سورية، حيث تفقد الإجراءات العسكرية والأمنية المتخذة لضبط الحدود وحمايتها ومنع التهريب.
وعقد الرئيس سلام اجتماعا مع ضباط الجيش وجنوده في هذا المركز، اطلع منهم على كل الإجراءات المتخذة لحماية حدود لبنان وسيادته، وأشاد بجهود عناصر الجيش، مؤكدا أنهم «سياج الوطن وعنوان التضحية والوفاء لحمايته وحماية أبنائه».
ورافق سلام في جولته البقاعية وزراء الدفاع اللواء ميشال منسى، الداخلية العميد أحمد الحجار والأشغال العامة والنقل فايز رسامني. وعقد رئيس الحكومة اجتماعا لمجلس الأمن الفرعي في سرايا بعلبك، فضلا عن لقاء مع نواب المحافظة. كما التقى مفتي بعلبك الشيخ بكر الرفاعي.
في الجنوب، نفذ الطيران الحربي الإسرائيلي أمس، عدوانا جويا واسعا على منطقة النبطية، حيث شن سلسلة غارات عنيفة وعلى دفعتين مستهدفة الأودية والمرتفعات والأحراج الممتدة بين بلدات كفرتبنيت، النبطية الفوقا، كفررمان. وذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية اللبنانية، أن معظم الغارات تركزت على أحراش علي الطاهر والموقع الأثري السابق. وأحدث دوي الصواريخ الملقاة انفجارات هائلة ترددت أصداؤها في معظم مناطق النبطية والجنوب وهرع السكان إلى المدارس لإجلاء أولادهم.
وتسبب حال الهلع بازدحام سير في الطرقات، وسجل عبور عشرات سيارات الإسعاف باتجاه محيط المناطق المستهدفة، كما أقفلت معظم الدوائر الرسمية أبوابها. وأفيد عن سقوط قتيلين وعدد من الجرحى بحسب وزارة الصحة اللبنانية.
على الخط المعيشي العمالي، خطة مقترحة من وزير العمل محمد حيدر ستكون قريبا على طاولة مجلس الوزراء تقضي برفع الحد الأدنى للأجور من 18 مليون ليرة إلى 28 مليونا (312 دولارا) مع زيادة التقديمات العائلية بنحو ضعفين وزيادة التقديمات المدرسية بضعفين ونصف الضعف. وهي خطة أعلنها وزير العمل أمس الأول بعد اجتماع للجنة المؤشر المكلفة بدراسة غلاء المعيشة وتأثيره على الأجور، والتي تضم ممثلين عن العمال وأرباب العمل والضمان الاجتماعي وأعضاء آخرين. وقد اعترض الاتحاد العمالي العام على رقم الوزير، وقال رئيسه د.بشارة الأسمر إن ممثليه انسحبوا من الاجتماع اعتراضا لكونهم لم يحصلوا على شيء، باعتبار أن رقمهم المقترح للحد الأدنى للأجور كان 900 دولار قبل أن يخفضوه إلى 558 دولارا يستفيد منه 450 ألف عامل يتبعون قانون العمل. وأخذ الاتحاد على وزير العمل تبنيه رقم الهيئات الاقتصادية الذي هو 27 مليونا اكتفى الوزير برفعه إلى 28 مليونا.
مصادر وزارة العمل قالت لـ «الأنباء» إن «ممثلي الاتحاد العمالي لم ينسحبوا من اجتماع لجنة المؤشر بل غادروا عندما كان الوزير يقوم بالتصريح أمام الإعلام». وأكدت أن «الوزير حيدر أراد قدر المستطاع تحسين الحد الأدنى للأجور لذوي الدخل المحدود، قبل أن يصار في مرحلة لاحقة إلى النظر في الأجور بشكل كامل وحتى تحسين أجور القطاع العام الذي سيكون لاحقا شغله الشاغل». وأضافت المصادر: «كان هاجس الوزير ألا تصل الأمور إلى طريق مسدود لأن تحصيل شيء ما أفضل من لا شيء، وكما يقال عصفور باليد ولا عشرة على الشجرة». وأكدت المصادر أنه «من الظلم القول إن الوزير منحاز إلى الهيئات الاقتصادية، وهو حاول مراعاة كل الظروف وحسن ما يمكن تحسينه اليوم، وهذه الخطة ستسلك طريق مجلس شورى الدولة فمجلس الوزراء الذي يعود إليه الموافقة على الخطة أو التعديل فيها أو تجميدها».