إيران والحزب يتيحان للشرع بيع أوراق لواشنطن!
من غير المتوقع أن يكون لبنان ملفّاً بين الملفّات على طاولة الرياض
روزانا بومنصف - "النهار"
في الكلام الذي يسوقه البعض عن زيارة قريبة محتملة لمساعدة موفد الرئيس الأميركي إلى المنطقة مورغان أورتاغوس لبيروت، ثمة تجاهل للتغييرات المتوقعة بين الزيارة الأخيرة لها والزيارة المقبلة إذا حصلت. يحرز لبنان تقدماً ولو بطيئاً أو جزئياً ولا يمكن تجاهل ذلك لا سيما في الملفات المطلوبة منه على مستوى الإصلاحات الاقتصادية أو ملف سلاح "حزب الله" أقله من حيث ضبط الدولة اللبنانية استمرار حركة تمويل الحزب عبر المعابر الشرعية بالأموال أو الذهب كما سرى أخيراً. هذا التطور يخشى كثر أن يعني أن إيران ليست مستعدة أو راغبة في تقليص دعمها للحزب وأنها مستمرة في ذلك أقله في استخدام هذه الورقة توازياً مع التفاوض الذي تجريه مع الولايات المتحدة حول ملفها النووي في شكل أساسي. ويُخشى أن يستمر في توفير ورقة لإسرائيل بأن الحزب على رغم إعلان وقوفه وراء الدولة اللبنانية لا يزال على غرار ما تتهمه إسرائيل بمحاولة إعادة بناء هيكليته مجدداً. يسير ذلك في موازاة ما يراه هؤلاء هدايا قدّمها الحزب ومعه إيران حتى الآن إلى الرئيس السوري أحمد الشرع أكثر بكثير ممّا قدماه للبنان. ففي الحديث عن عروض واقتراحات سورية في لقاء محتمل للشرع مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب أو على نحو غير مباشر ثمة أوراق مماثلة لتلك التي كان يبيعها بشار الأسد للأميركيين. ففيما صرّح النائب الإيراني إبراهيم رضائي في 12 أيار رداً على قول الموفد الأميركي إلى المفاوضات الإيرانية ستيف ويتكوف بأن الولايات المتحدة لا تزال ملتزمة بإنهاء الدعم الإيراني لوكلائها الإقليميين، لكنها ستُعالج هذه المسألة في "مراحل لاحقة" من المفاوضات، بأن "القوة الإقليمية" لإيران غير قابلة للتفاوض، في إشارة شبه مؤكدة إلى دعم إيران لمحور "المقاومة"، فإن الشرع كان يعلن إطباقه على ثلاث محاولات منفصلة لتهريب أسلحة وعملات مزورة إلى لبنان يرجَّح أنها كانت مخصّصة لـ"حزب الله"، إذ أعلن عن مصادرة الأجهزة الأمنية السورية شحنة تضمّنت نظامين روسيين للدفاع الجوي المحمول وقنابل يدوية ومكونات استهداف لقاذفة صواريخ موجهة مضادة للدبابات في ريف دمشق كما صودرت صواريخ في حمص. ويبيع الشرع أيضاً انسجاماً مع ما كان أعلنه من إعادة النفوذ الإيراني إلى الوراء تدمير نفق إيراني يربط بين العراق وسوريا في البوكمال بمحافظة دير الزور الأسبوع الماضي ويُعتمد لنقل الأسلحة.
ولا يتوقع مراقبون أن يعمد الحزب إلى اعتماد سلوك مشابه لحزب العمال الكردستاني (PKK) الذي أعلن أنه سيحلّ نفسه و"سينهي كفاحه المسلح" بعد أربعين عاماً من النشاط المسلح فيما هو منظمة كردية مسلحة تمتدّ في المناطق ذات الأغلبية الكردية في تركيا وسوريا والعراق وإيران واتخذ قراراً تاريخياً ربطاً بالتحولات في المنطقة، على رغم طموح كثر لتصرّف واقعي مماثل من "حزب الله" على الأقل في الشق العسكري منه. ففي غمرة إحراز حركة "حماس" تقدماً نوعياً لمصلحتها تمثل في التفاوض المباشر مع الأميركيين والحصول على مقابل من واشنطن يضغط على إسرائيل، وفي غمرة إحراز الحوثيين مكسباً نوعياً عبر تبادل غير مباشر مع العاصمة الأميركية أيضاً أوقفت من خلاله واشنطن قصف مواقع الحوثيين في اليمن، ثمة من يسأل هل يطمح الحزب إلى رفع سقف شروطه للتحاور أو لمساومة الولايات المتحدة مباشرة حول سلاحه على رغم أن الوضع مختلف في لبنان وقد بات هناك رئيس للجمهورية وحكومة فاعلة كذلك ولا يمكن لأي طرف تجاوزهما فيما الحزب فاوض عبر الرئيس نبيه بري واشنطن ووافق على اتفاق وتفاهمات تؤكد التزامه احترام القرارات الدولية حول سلاحه.
أتاح تجاوب الحزب مع تنفيذ الجزء المتعلق بجنوبي الليطاني أن تتخذ الحكومة اللبنانية والجيش اللبناني عدداً من الخطوات التي قد تعزز بمرور الوقت عودة الدولة وبسط سيادتها على كل أراضيها واحتفاظها بقرار الحرب والسلم والردع والإكراه كما يضيف الوزير السابق ناصيف حتي بالنسبة إلى الردع والإكراه. وحين الكلام عن مجموعة ملفات إقليمية قد تكون مطروحة على طاولة لقاءات الرئيس الأميركي دونالد ترامب في المملكة السعودية أو الإمارات العربية أو قطر، فإن الولايات المتحدة لا تزال مهتمة بلبنان وتنفيذ التزاماته إلى حد ما ولكن الأهم أنها اعتمدت منذ الولاية الرئاسية الأولى لترامب على أن تؤدي المملكة دوراً محورياً في لبنان بناءً على مقاربة إجماعية للوضع فيه منذ ذلك الوقت تلتقي فيها الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي وحتى الدول العربية بحيث يصعب، وفقاً لذلك، أن يشغل لبنان أي أولوية كما قد يرى أو يطمح البعض.