قانون الانتخاب في البازار السياسي

قانون الانتخاب في البازار السياسي

image

قانون الانتخاب في البازار السياسي
للانتقال إلى وضعٍ تشريعي أكثر إنصافاً وانسجاماً مع القواعد العامة

سعيد مالك - "نداء الوطن"

عقدت اللجان المشتركة أمس اجتماعاً، وكان على جدول أعمالها أكثر من خمسة اقتراحات قوانين، تتعلّق بتعديل قانون الانتخابات العامة رقم 44/2017، وإنشاء مجلس للشيوخ، وتعديل النظام الانتخابي.

ومَن يتمحّص في هذه الاقتراحات يتبيّن له جليّاً، أنّ الهدف منها تحصيل مكاسب في المقاعد، ولَو على حساب صحّة التمثيل وعدالته.
ومن الثابت والأكيد، أنّ القانون الحالي رقم 44/2017 قد أمّن عدالة التمثيل لكافة الشرائح والفئات. وبالتالي لا داعي لإدخال أي تعديلات عليه، باستثناء ما يَلزم لاستحداث «الميغاسنتر»، إضافةً إلى إلغاء المواد/111/ حتى/123/ من قانون الانتخاب المتعلّقة بنوّاب الاغتراب حصراً.

ومن القواعد الثابتة، والمبادئ ذات القيمة الدستورية، مبدأ الأمان التشريعي (sécurité juridique). ومبدأ الأمان التشريعي لا يعني ثبات التشريع، بل الانتقال إلى وضعٍ تشريعي أكثر إنصافاً وانسجاماً مع القواعد العامة. وليس الإطاحة بمكتسبات ونصوص أمّنت عدالة التمثيل وصحّته، للذّهاب إلى نصوص تضرب صحّة التمثيل وتُطيح بعدالة التشريع. وهذا ما استقرّ عليه اجتهاد المجلس الدستوري (القرار رقم/6/ لعام/2014/ تاريخ 6/8/2014).

وبالتالي، وعملاً بقاعدة الأمان التشريعي ومبدأ الحقوق المكتسبة، لا يُمكِن سَلب عدالة التمثيل من المواطنين، بأيّ شكلٍ مِن الأشكال.

ما يفترض معه، تأمين الظروف المُناسبة لإنفاذ نصوص القانون الحالي، من استحداث «الميغاسنتر» إلى استرداد حقّ المغتربين في المُشاركة بالعملية الانتخابية، انطلاقاً من سجّلات قيدهم. وبعدها، يُمكِن الحُكم ما إذا كان هذا القانون مُناسباً، أم هو بحاجة إلى تعديل في نصوصه.

أمّا وقد أُرجئ البّت بهذه الاقتراحات إلى الأسبوع المُقبل، بسبب افتقاد النِصاب. نودّ أن نلفت الانتباه إلى بعض المُلاحظات:

إنّ هذا البحث بحاجة إلى مساحة من الوقت والمُناقشة، بحيث لا يجوز التسرُّع في تبنّي أي تعديل أم اقتراح.

إنّ البحث في موضوع إنشاء مجلس للشيوخ غير دستوري في هذا التوقيت. كَون المادة/22/ من الدستور نصّت على إنشاء مجلس للشيوخ بعد انتخاب أوّل مجلس نيابي على أساس وطني لا طائفي. علماً، أنّ المجلس النيابي الحالي ما زال طائفيّاً وانتخابه تمّ على هذا الأساس.
إنّ انتخاب مجلس نوّاب على أساس وطني لا طائفي، مُرتبطٌ بأحكام المادة/95/ من الدستور، بعد إلغاء الطائفية السياسية وفق خطّةٍ مرحليّة وتشكيل هيئة وطنية برئاسة رئيس الجمهورية مهمّتها دراسة واقتراح الطُرق الكفيلة بإلغاء الطائفية السياسية.

وبالتالي، خريطة الطريق تبدأ بتشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية برئاسة رئيس الدولة. لدراسة واقتراح الطُرُق والسُبُل الكفيلة لإلغاء الطائفية السياسية. وبعد إلغائها، انتخاب مجلس نوّاب على أساس وطني وليس طائفياً، بالتزامن عندها مع استحداث مجلس للشيوخ تتمثّل فيه جميع العائلات الروحية، بحيث تنحصر صلاحياته في القضايا المصيريّة، سنداً لما جاء نصّه في المادة/22/ من الدستور اللبناني. وعندها لا يعود من حاجة لتعديل قانون الانتخاب، حيث يُصار إلى انتخاب المجلس النيابي على أساسٍ وطني وليس طائفياً.

وحتّى تاريخه، يقتضي الإبقاء على قانون الانتخابات الحالي، الذي أمّن ويؤمّن صحّة التمثيل وعدالته، مع ضرورة إدخال بعض التعديلات التحسينيّة عليه، إن كان لجهة استحداث «الميغاسنتر» أم استرداد حقّ المغتربين في الاقتراع في قُراهم.

وبالختام، لا محلّ لأي قانون يفتقد إلى عدالة التمثيل. كما قال أرسطو (المعلّم الأوّل- الفيلسوف اليوناني) «العدل أساس المُلك، والقانون هو سلاحه الأهّم» أمّا إدخال قانون الانتخاب في البازار السياسي ممنوع. وتحويل النّص إلى مواد عقابية ممنوع. وليس المطلوب من أي قانون إلّا أن يكون عادلاً ويؤمّن التمثيل الصحيح لكافة الفئات والشرائح دون أي استثناء على الإطلاق.