صور من أبرز الوجهات السياحية الطبيعية في العالم… ما الهدف من تشويهها؟! (بالصور)

صور من أبرز الوجهات السياحية الطبيعية في العالم… ما الهدف من تشويهها؟! (بالصور)

image

صور من أبرز الوجهات السياحية الطبيعية في العالم… ما الهدف من تشويهها؟!
وهل يتحرّك المعنيون قبل فوات الأوان؟

"اخبار اليوم"

من منا لا يحلم بالسفر إلى وجهات سياحية تُدهش الأبصار بطبيعتها الساحرة، بحثًا عن الهدوء، والاستجمام، واستعادة التوازن النفسي؟

لكن ما قد لا يدركه كثيرون، هو أن مثل هذه الوجهات، بل وأجمل منها، موجود في لبنان… إلا أنها، ويا للأسف، تعاني من الإهمال وسوء الإدارة، بل ومن محاولات متكررة لتشويهها وطمس هويتها.

أحد أبرز الأمثلة على ذلك، ما تشهده محمية صور الطبيعية، وتحديدًا موقع الجفتلك، من انتهاكات فاضحة. هناك، تُهمَل الآثار المطمورة، وتُحوَّل الأراضي الغنية بالتاريخ إلى مشاريع تجارية لا تمتّ بصلة إلى حماية التراث أو احترام البيئة.

في التقرير التالي، نسلّط الضوء على أهمية هذا الموقع الفريد في صور – الشواكير، ونُبيّن الأسباب التي تحتّم التحرك العاجل للحفاظ عليه، قبل أن يُطمس ما تبقى من ملامحه إلى غير رجعة.

تعتبر مدينة صور تراثاً عالميا، وبفضل "الجمعية الدولية للحفاظ على صور" صدرت بشأنها قرارات هامة عن مجلس الأمن، ومنظمة الأونيسكو، والبرلمان الأوروبي، ومجلس الشيوخ الأميركي، ومجلس اللوردات البريطاني، وجامعة الدول العربية... التي تؤكد جميعها على ضرورة الحفاظ على مقومات صور التراثية الثقافية والبيئية .

وبعد جهود حثيثة تمكنت الجمعية من حمل الدولة اللبنانية الى المصادقة على اتفاقية التراث العالمي عام 1983 مما مهد الطريق لإدراج مدينة صورعلى لائحة التراث العالمي عام 1984، بالإضافة الى جبيل وبعلبك وعنجر . كما تم في العام نفسه الإستحصال على "حملة من اليونسكو من أجل صور"، في خطوة بارزة لدعم حماية المدينة وتعزيز مكانتها العالمية.

لا بد من الاشارة الى ان مدينة صور تتميز ومنذ ما  قبل الإسكندر بإحتوائها ثلاث مرافىء فينيقية

*       الميناء الشمالي المعروف باسم "الميناء الصيداوي" وهو قيد الإستخدام منذ آلاف السنين وحتى اليوم، معروف حالياً بمرفأ الصيادين.

*       الميناء الجنوبي، الأكبر في العالم القديم، والمعروف باسم "الميناء المصري" نظراً للعلاقات الوطيدة بين الفينيقيين والفراعنة. يقع في منطقة "رأس الجمل". والمهم إن معبد ملقارت، يقع في هذا الموقع تحت المدافن المسيحية الحديثة ويشمل موقع رأس الجمل لذلك يجب عدم السماح بالبناء عليه.

*       ميناء صور البرية (Paléo-Tyr)، الذي شكل نقطة التواصل بين البرّ والجزيرة قبل إجتياح الإسكندر، يقع ضمن نطاق محمية صور بين تل المعشوق وتل الرشيدية، مدفونًا تحت طبقات من الرمل والتربة المضافة بعمق يقدر بثلاثة أمتار.

وقد كشفت الأبحاث الجيولوجية الحديثة عن التفاعل بين السكان والبيئة على مدى 5000 عام، وبفضل الإثبارات التي أُجريت في الأحواض المرفئية القديمة، حدد العالم الفرنسي البروفيسور كريستوف مورانج  أن "الشواكير" تحتوي على بيانات جيولوجية أثرية مهمة.

وقد اثبتت أبحاثه أن موقع مرفأ صور البرية، موجود حاليًا في منطقة الشواكير ويمتد بين تل الرشيدية وتل المعشوق بعد وصل اليابسة بالجزيرة ونتيجة للزلازل والتفاعلات الزمنية غُمرالموقع بطبقة رملية لا تتعدى بضعة أمتار تحولت الى مستنقعات تشكل خليطا من المياه العذبة والمالحة أثمرت مزروعات نادرة وأصبحت مأوى للسلاحف والطيور المهاجرة مما جعل المنطقة تُصنف محمية طبيعية، اي لها قيمتها التاريخية والبيئية.

وفي عام 1996، سعت الجمعية الدولية للحفاظ على صور بكل جهدها إلى تحويل جميع عقارات جفتلك رأس العين إلى محمية طبيعية. وبعد عامين، أي في عام 1998، صدر القانون رقم 708 الذي قضى بإعلان شاطئ صور محمية طبيعية. غير أن بعض بنود مشروع القانون الأصلي، الذي كانت الجمعية قد قدمته سابقًا، قد خضعت لتعديلات جوهرية، أبرزها وضع جزء كبير من أراضي جفتلك رأس العين بتصرّف مؤسسة خاصة.

مع التشديد هنا ان جفتلك رأس العين يحتوي إرثا ثقافيا، هو ثروة وطنية هامة وبالتالي حمايته هي مسؤولية عامة.

اما اليوم، وللأسف يواجه جفتلك رأس العين خطرًا داهمًا  بسبب مشروع تجاري يمتد على مساحة 400,000 متر مربع  من أملاك الجرد العام ، المحاذي للمحمية. ويشكل هذا المشروع تهديدًا مباشرًا للمكامن الأثرية المدفونة ويهدد التوازن البيئي الهش في المنطقة بالإضافة إلى انتهاكه القوانين المتعلقة بالأملاك العامة والآثار.

لذا المطلوب دون اي تأخير: الإيقاف الفوري لمشروع البناء، الشفافية الكاملة بشأن العقود والوثائق التي ابرمت لهذا المشروع التجاري، نقل نادي الضباط إلى موقع بديل، احترام القوانين المتعلقة بالمحمية والآثار، عدم المس بموقع رأس الجمل عقار 640.

كما لا بدّ من التوقف عند التداعيات الثقافية والاقتصادية، حيث تدمير هذه المواقع الأثرية هي فقدان لجزء ثمين من تاريخنا، وخسارة اقتصادية كبرى حيث السياحة الثقافية والأثرية تشكل جزءًا هاما ًمن الاقتصاد.

علما ان الحفاظ على هذه المواقع سيضمن تدفقا سياحيا كبيرا، ويعزز مكانة صور كموقع تراث عالمي محمي من قبل اليونسكو، ويساهم في تنمية مستدامة تعود بالفائدة على الأجيال القادمة.

ويبقى السؤال مطروحًا بإلحاح: هل يتحرّك المعنيون قبل فوات الأوان؟

أين دور البلدية الحالية التي تتولى السلطة منذ ثمانية سنين وهي المسؤولة الأولى عن محمية صور ؟

هل سيقترع "الصوريون" يوم السبت المقبل لصالح من لم يحفظ مدينتهم، ولم يصن ثرواتها الطبيعية الهائلة، التي هي حقّ لكل مواطن ومصدر خير يعود بالنفع على الجميع؟!؟!!!