العراق بين "الأجنحة الثلاثة" ومخاطر الهجمات والتقلّبات الأميركية - الإيرانية؟...

العراق بين "الأجنحة الثلاثة" ومخاطر الهجمات والتقلّبات الأميركية - الإيرانية؟...

image

العراق بين "الأجنحة الثلاثة" ومخاطر الهجمات والتقلّبات الأميركية - الإيرانية؟...

جوني: هناك سلطة في العراق قادرة حتى الآن على اعتماد خيارات استراتيجية تحمي البلاد

 

 

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

 

 

باعتراف أكثر من مراقب ومُطَّلِع، لم تَكُن قمة بغداد العربية الأخيرة ناجحة أبداً، وسط ظروف إقليمية ساخنة جداً، ليس من النواحي العسكرية في غزة أولاً، واليمن ثانياً، ولبنان وسوريا ثالثاً، فقط، بل (ساخنة) من النواحي السياسية أيضاً، خصوصاً بعد المصافحة التي جمعت الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالرئيس السوري أحمد الشرع في الخليج، والإعلان عن بَدْء مسار رفع العقوبات عن سوريا. وهذه خطوات سياسية أقرب الى مفعول زلزال عسكري إقليمي كبير.

 

مستقبل العراق...

فماذا عن مستقبل العراق تحديداً، بعد تسارُع الأحداث في سوريا الى هذا الحدّ؟ وهل تصدق بعض الاستنتاجات التي تفيد بأنه سيحافظ على وضعية "واحة التلاقي" الدائمة بين الأميركيين والإيرانيين، في مرحلة ما بعد حروب غزة ولبنان وسوريا واليمن، وسواء وقّعت واشنطن وطهران على اتفاق نووي أو لا؟ أم هل يبدأ زمن الهجمات العسكرية، الإسرائيلية وربما الأميركية أيضاً، في العراق مستقبلاً، إذا بقيَ الكثير من الأمور فيه ضمن إطار رمادي، لا سيما إذا حافظت بعض الجماعات العراقية المسلّحة على حضور وازِن لها في بنية الدولة العراقية، من دون أن تنجح طهران في انتزاع إطار قانوني لها من واشنطن، بموجب أي اتفاق أميركي - إيراني نووي مُحتَمَل؟

 

الأجنحة الثلاثة

أوضح العميد الركن المتقاعد حسن جوني أن "هناك إشكالية معينة قائمة هناك، مرتبطة بمكونات الشعب العراقي. وهي إشكالية تحدث عنها (وزير الخارجية الأميركي الراحل هنري) كيسجنر في الماضي، عندما قال إن العراق هو بلد بثلاثة أجنحة، يُعيقه الجناح الثالث عن التحليق. وكان يقصد بذلك الشيعة والسُنّة والأكراد، باعتبار أنه إذا تحالف الشيعي والسُنّي تحت عنوان قومي عربي، فهذا يُضعف الكردي الذي يُعيق التحليق نتيجة ذلك. وأما إذا تحالف الكردي والسُنّي تحت عنوان مذهبي، فهذا يُضعف الشيعي الذي يُعيق التحليق أيضاً نتيجةً لذلك. وبالفعل، تنطلق وتتفاقم أزمات العراق من هذا التقسيم الثلاثي لتلك المكونات، التي تكاد تكون كيانات بذاتها داخل العراق".

وأكد في حديث لوكالة "أخبار اليوم" أن "لا دولة في العالم قادرة على أن تشكل مساحة مشتركة تؤدي الى مساحة إيجابية، إذا كانت منطقة اشتباك نفوذ. وطالما أن العراق منطقة اشتباك نفوذ إيراني - أميركي، فهو سيتأثّر دائماً بطبيعة العلاقات الأميركية - الإيرانية. وبالتالي، إذا ذهبت تلك الأخيرة بمنحى سلبي وتوترت، فبطبيعة الحال، سينعكس ذلك على استقرار العراق الذي ليس حالة ثابتة، بل يتأثر بجدلية أو بتقلّبات العلاقات الأميركية - الإيرانية".

 

أزمة جيوسياسية

وشرح جوني أن "العراق مرتبط بملفات الشرق الأوسط عموماً، سواء على صعيد علاقته بالقضية الفلسطينية وببعض حالات المساندة لغزة، أو على مستوى الحدود المتغيّرة مع سوريا، والأزمة الناتجة عنها، والتي ساهمت بعدم مشاركة (الرئيس السوري) أحمد الشرع بالقمة العربية الأخيرة في بغداد".

وأضاف:"هناك أيضاً موضوع الأكراد الذين يتمتّعون بحكم ذاتي في العراق، وهم جزء من أزمة جيوسياسية في المنطقة ما بين العراق وتركيا وإيران وسوريا. وهذا يجعله (العراق) بلداً غير مستقرّ، يسعى الى الاستقرار، وسط مشاكل عدة تحيط به، وهي على تماس إما مع ديموغرافيته وإما مع جغرافيته".

 

لا ضربات...

ورداً على سؤال حول احتمال أن يشهد العراق هجمات عسكرية إسرائيلية أو أميركية مستقبلاً، أجاب جوني:"لا، لن تصل الأمور الى هذا الحدّ".

وختم:"السلطات في العراق ستعمل لتجنُّب أي ضربات عسكرية، وعلى الأرجح هي قادرة على أن تتّبع سياسات تحمي البلاد هناك من الهجمات. ومهما بلغت حدّة الاختلافات العراقية الداخلية في مقاربة مسألة دعم القضية الفلسطينية أو مقاربة الصراع العربي - الإسرائيلي، إلا أنه يبدو أن هناك سلطة في العراق قادرة حتى الآن على اعتماد خيارات استراتيجية تحمي البلاد هناك من أن تصبح هدفاً لهجمات كبرى".