اللقاء الوطني لعاملي القطاع العام من جنيف: لتعزيز أدوات تنفيذ العدالة الاجتماعية

اللقاء الوطني لعاملي القطاع العام من جنيف: لتعزيز أدوات تنفيذ العدالة الاجتماعية

image


اللقاء الوطني لعاملي القطاع العام من جنيف: لتعزيز أدوات تنفيذ العدالة الاجتماعية

شارك ممثل الاتحاد العالمي للنقابات عن فريق العمال ورئيس اللقاء الوطني للعاملين في القطاع العام عماد ياغي في الجلسة العامة لفريق العمال في الدورة 113 لمؤتمر العمل الدولي المنعقدة في جنيف، وألقى كلمة دعا فيها إلى "ضرورة إصلاح عميق في آليات عمل منظمة العمل الدولية"، مشددًا على "أهمية الانتقال من الخطابات والنصوص إلى الأثر الميداني الفعلي في حماية حقوق العمال، لا سيما في الدول التي تواجه أزمات وصراعات".

استهل ياغي كلمته بالتعبير عن تقديره للجهود التي تبذلها منظمة العمل الدولية، وللدور الذي يضطلع به فريق العمال في الدفاع عن حقوق من يمثلونهم، رغم تعقيدات السياقات وتداخل الملفات الدولية. لكنه أكد، انطلاقًا من الحرص المشترك على تعزيز موقع العمال وحقوقهم، أنه من "واجبه تسليط الضوء على ما وصفه بمكامن ضعف بنيوية تعيق التقدم نحو العدالة الاجتماعية".

وأشار إلى أن "آليات تنفيذ ومتابعة الاتفاقيات والتوصيات الصادرة عن المنظمة لا تزال هشة، خاصة في الدول التي تعاني من أزمات أو نزاعات"، مضيفًا "أن كثيرًا من هذه الاتفاقيات تبقى مجرد وعود على الورق"، سائلا "ما جدوى عدالة تُكتب ولا تُنفّذ؟ وهل تمتلك المنظمة أدوات الضغط الكافية لإلزام الدول الكبرى، كما تُلزم الدول الأضعف؟".

وانتقد ياغي البطء في الاستجابة للأزمات الطارئة، مؤكدًا أن "هناك تأخرًا كبيرًا في التعامل مع الحروب والاعتداءات والكوارث"، معتبرا  أن "التركيز المفرط على التقارير والمراسلات يأتي على حساب التدخلات الميدانية"، متسائلًا: "هل نقيس التضامن بعدد الصفحات، أم بسرعة الاستجابة لمن فقدوا كل شيء؟"

وفي سياق متصل، أشار إلى "اختلال موازين القوى داخل المنظمة"، موضحًا أنه "رغم ما يبدو من توازن نظري، إلا أن التأثير غير المتكافئ للدول الصناعية الكبرى والممولين ما زال قائمًا"، داعيًا ممثلي العمال إلى "مواجهة هذا الخلل لأن العدالة لا يمكن أن تتحقّق في ظل موازين قوى مختلّة حتى داخل أروقة المنظمة".

وانتقد كذلك "اعتماد المنظمة على سياسات موحدة تُطبّق على بلدان تختلف ظروفها جذريًا"، معتبرًا أن "هذه المساواة الشكلية تخفي ظلمًا حقيقيًا". وقال: "كيف نُقارن بين دولة تحت الحصار وأخرى تنعم بالاستقرار وتصدر فائضها؟".

أما في ما يخص تمويل البرامج، فأوضح ياغي أن "الدول المنهكة مثل لبنان تتلقى دعمًا رمزيًا بسبب اعتماد المنظمة على التمويل الطوعي، مؤكدًا أن "حاجات العمال ليست طوعية، بل ضرورية." وطالب بآليات تمويل عادلة تُلبّي حاجات العمال لا مصالح المانحين.

وفي حديثه عن التحولات التكنولوجية، اعتبر أن "المنظمة متأخرة في سياساتها المتعلقة بالذكاء الاصطناعي واقتصاد المنصات، رغم طرح الموضوع في الدورة الحالية" مضيفا "إن الطرح جاء متأخرًا ويفتقر إلى رؤية متكاملة تحمي العاملين في الاقتصاد غير الرسمي، الذين يشكّلون جزءًا كبيرًا من الطبقة العاملة في العديد من الدول".

وختم ياغي مداخلته بالتشديد على "أهمية تحويل منظمة العمل الدولية من منبر للتقارير إلى قوة حماية وتدخل فاعلة". وقال: "المبادئ لا تُختبر في الوثائق، بل في الميدان والعامل الذي يُقصف منزله في جنوب لبنان لا ينتظر تقريرًا في جنيف، بل موقفًا يُدرجه في صلب الأولويات. والعامل الذي خسر عمله بسبب احتلال أو اعتداء أو فساد، لا يبحث عن تضامن لفظي، بل عن نظام حماية دولية يجعله في قلب السياسات لا على هامشها."