كباش على اقتراع المغتربين يشلّ التعديلات...
والحكومة بين مشروع الإصلاح و "رفع العتب"
محمد بلوط - "الديار"
يكتسب النقاش الذي تجدد مؤخرا في اللجان النيابية المشتركة حول قانون الانتخابات اهمية مضاعفة:
- اولا: لتأثيره في تشكيل المجلس النيابي والتمثيل السياسي في البلاد.
- ثانيا: لاهمية الاستحقاق الانتخابي النيابي المرتقب في ايار من العام المقبل، خصوصا في ضوء المتغيرات والتطورات غير العادية، التي جرت وتجري ليس في لبنان فحسب ، بل ايضا في المنطقة .
ومما لا شك فيه ان ثُغرًا كبيرة ونتائج سلبية برزت بعد تطبيق القانون الحالي، لا سيما على صعيد عدم صحة او عدالة التمثيل، ورفع وتيرة الاجواء الطائفية على حساب الوطنية، وهذا ما جعل الرئيس نبيه بري يجدد مؤخرا انتقاده لهذا القانون ويصفه بالمسخ.
وكان امرا متوقعا منذ فترة غير قصيرة، ان تتقدم كتل نيابية باقتراحات قوانين قديمة جديدة بديلة عن القانون الحالي، بعضها ينطلق من روح الدستور واتفاق الطائف، وبعضها يذهب باتجاه معاكس لتكريس قوانين طائفية اشد من القانون الحالي .
وفي هذا المجال، اجتمعت اللجان المشتركة في النصف الثاني من ايار الماضي بناء لدعوة الرئيس بري، لمناقشة 4 اقتراحات قوانين للانتخابات النيابية، واقتراحين لانتخاب مجلس للشيوخ كما نص اتفاق الطائف .
والمعلوم ان هناك اقتراحا لكتلة "التنمية والتحرير" تقدم به النائب علي حسن خليل، ينص على لبنان دائرة واحدة واعتماد اللائحة المغلقة والنسبية، وامور اخرى منها تخفيض سن الاقتراع الى 18 عاما، ونظم اقتراع تسهل العملية وتكافح المال الانتخابي. وهناك اقتراح من نواب "التيار الوطني الحر" الذي يعرف بً "القانون الاورثوذكسي"، والذي يعتمد على انتخاب كل طائفة نوابها، مع تطبيق النظام النسبي واستخدام البطاقة الممغنطة والميغا سنتر. وهناك ايضا قانون يعتمد على ان يقترع الناخب لنائب واحد، وتتبناه كتلة "الكتائب".
وكما كان متوقعا، بقي النقاش في جلستي اللجان المشتركة يدور في الاطار العام لقانون الانتخاب، دون الدخول في مناقشة كل اقتراح من هذه الاقتراحات، لا سيما في ظل معارضة كتل نيابية، وفي مقدمها تكتل "القوات اللبنانية"، درسها في اللجان المشتركة ودعوتها الى تشكيل لجنة اشتراعية لهذه الغاية، مع تأكيدها ايضا ان الظرف لا يسمح للدخول في هذا الموضوع، وتأييدها للابقاء على القانون الحالي، مع تجديد الاستثناء الذي اعتمد في انتخابات العام 2022 ، الذي يسمح للمغتربين بالمشاركة في الانتخابات في مراكز اقتراع في بلدان الانتشار وفق جداول الشطب المعتمدة، وبالتالي الغاء الفِقرة التي تنص على تخصيص 6 مقاعد اضافية للمغتربين الواردة في القانون الحالي المعتمد .
وقبل ان يحط هذا الموضوع الاساسي في رسم الحياة السياسية في القاعة الكبرى التي تجتمع فيها اللجان المشتركة، كان برز موقف لرئيس الجمهورية جوزاف عون في خطاب القسم تعهد فيه، ان يدفع مع الحكومة باتجاه "تطوير قوانين الانتخابات بما يعزز فرص تداول السلطة والتمثيل الصحيح والشفافية والمحاسبة".
ووعدت حكومة الرئيس نواف سلام ايضا بسلوك هذا التوجه وبقانون عصري. وعندما سئل وزير الداخلية احمد الحجار من قبل اعضاء اللجنة المنبثقة من اللجان المشتركة في اجتماعها مؤخرا عن هذا القانون، وعد بان يكون لدى الحكومة تصور لمشروع قانون الانتخابات خلال شهر او شهرين، وفق ما اعلن نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب بعد الاجتماع.
وفي النقاش الذي دار في اللجان المشتركة والمستمر خارجها، يظهر بوضوح الانقسام والخلافات بين الكتل النيابية حول الموقف من قانون الانتخابات ومصيره، وكذلك الموقف من القوانين الجديدة المقترحة .
وتؤيد كتلة "القوات" ومعها "الكتائب" و"تجدد" ونواب من "التغيير" الابقاء على القانون الحالي، مع اقرار التعديل الذي اعتمد في العام 2022 مرة اخرى، او شطب فقرة تخصيص 6 مقاعد اضافية للمغتربي بصورة نهائية من القانون الحالي، وهذا الامر بطبيعة الحال يحتاج لتعديل جديد من قبل مجلس النواب . ويسعى هذا الفريق الى اعتماد القانون الحالي بمثل هذا التعديل، للسماح للمغتربين بالمشاركة في الانتخابات كالمقيمين والاقتراع في مراكز تخصص لهم في بلدان الانتشار، وبالتالي يبقى عدد اعضاء المجلس 128 نائبا وليس 134 كما ينص القانون الحالي، مع اضافة المقاعد الستة المخصصة للمغتربين.
وما عزز تمسك الفريق المذكور بهذا الرأي، هي نتائج انتخابات العام 2022 التي اظهرت ان مرشحيه حصلوا على نسبة عالية في بلدان الاغتراب، مقابل تعرض فريق آخر لا سيما ثنائي امل وحزب الله لضغوط وظروف صعبة في بعض البلدان، لا سيما الولايات المتحدة الاميركية.
وفي المقابل، يركز "التيار الوطني الحر" على اقرار "القانون الاورثوذكسي"، وفي حال تعذر هذا الامر، يتمسك التيار بالقانون الحالي من دون اي تعديل، بمعنى تخصيص 6 مقاعد اضافية للمغتربين الذي ينتخبون نوابهم الستة مناصفة، 6 مسلمين و3 مسيحيين .
ويركز الثنائي الشيعي على ضرورة اقرار قانون جديد يضمن تمثيل افضل وعادلا، ويساهم في تحسين اجواء الانصهار الوطني بدلا من تكريس المناخ الطائفي، وينسجم مع نص اتفاق الطائف. وهذا يتجسد باقتراح قانون كتلة "التنمية والتحرير" . ولا تفضل مصادر نيابية في الثنائي الدخول في مناقشة الشق المتعلق بطريقة انتخاب المغتربين، لكنها تشير الى ان القانون الحالي الساري المفعول ينص على تخصيص ٦ مقاعد اضافية للمغتربين، ليصبح عدد المجلس 134 نائبا . وترى المصادر انه يمكن الابقاء على الـ 128 نائبا، وان ينتخب المغتربون في لبنان وليس في بلدان الانتشار، وهذا ايضا يحتاج الى تعديل القانون الحالي .
ومع ان الحزب "التقدمي الاشتراكي" لا يعارض بالمبدأ اقرار قانون جديد اكثر تمثيلا، الا انه يميل الى الابقاء على القانون الحالي، من دون الحسم بشأن طريقة اقتراع المغتربين .
وتتنوع وتنقسم الآراء بين النواب السنّة حول هذا الموضوع ، كما هو الحال تجاه العديد من الملفات والاستحقاقات.
وفي اجواء الحكومة ، يستبعد مصدر نيابي مطلع ان تقر الحكومة مشروع قانون جديد وتحيله الى المجلس خلال الصيف، ولا يستبعد ان ترسل بعد ذلك مشروعها الى المجلس من باب رفع العتب، ورمي الكرة من جديد في ملعب المجلس . ويضيف المصدر ان الانقسامات والخلافات داخل المجلس وخارجه، تعزز الاعتقاد بان فرصة اقرار قانون جديد للانتخابات ضعيفة جدا ان لم نقل معدومة، وان "الكباش" سيدور حول القانون الحالي، وتحديدا كيفية مشاركة المغتربين في العملية الانتخابية ومكان اقتراعهم، مستبعدا اعتماد التعديل الاستثنائي الذي اعتمد في العام 2022 .