قلق متصاعد من ربط لبنان بتداعيات الحرب

قلق متصاعد من ربط لبنان بتداعيات الحرب

image

قلق متصاعد من ربط لبنان بتداعيات الحرب
ما حصل في جلسة مجلس الوزراء الاخيرة  مؤشر أولي إلى احتمال ان تشهد الحكومة انعكاسات 


"النهار"


لعل ما بدأ يفاقم القلق على تأثر لبنان بتداعيات الحرب المتدحرجة بين إسرائيل وايران وسط حبس الأنفاس العالمي ترقبا لحسم الموقف الاميركي من التدخل او عدم التدخل مباشرة في الحرب ، هو الارتباط الذي صار واضحا وثابتا للواقع السياسي والأمني والعسكري ناهيك عن التداعيات الاقتصادية في لبنان بحالة الترقب السائدة لمجريات الحرب .

وقد نظرت أوساط سياسية معنية بكثير من الحذر والريبة إلى تصاعد الانقسامات السياسية في لبنان على خلفية الموقف اللبناني من الحرب ولو ان ظاهر الامور لا يعكس كثيرا هذا الانقسام بفعل التهوين او التقليل منه على السنة اركان السلطة . اذ ان ما حصل في جلسة مجلس الوزراء الاخيرة بدأ بمثابة مؤشر أولي إلى احتمال ان تشهد الحكومة تباعا انعكاسات وترددات أوسع على خلفية اشتداد الضغط لنزع سلاح حزب الله من جهة وتنامي نبرة دعم الحزب لايران من جهة مقابلة . كما ان الأوساط نفسها لا تخفي خشيتها من افتعالات مدسوسة قد يتعرض لها الجنوب كلما تعاظم التصعيد في الحرب الاسرائيلية الإيرانية لتوريط لبنان في الحرب . ولذا بدأت الأوساط تثير سؤالاً جوهريا مفاده متى تقرر السلطة نزع البلاد من خطر الانتظار وربط مصيرها بمصير مجريات الحرب ولو عن غير نية او قصد لان هذا الربط صار امراً واقعا ولا شيء يزيله إلا قرار محلي رسمي سياسي حاسم ببرمجة أولويات تحييد لبنان وفي مقدمها نزع سلاح حزب الله ؟ 

وجاءت المعلومات عن اغتيال أحد أبرز مرافقي الأمين العام الأسبق لحزب الله، السيد حسن نصرالله "أبو علي" والمعروف بـ"درع السيد"، في غارة إسرائيلية استهدفت موقعًا حساسًا في العاصمة الإيرانية طهران لتزيد في صورة ربط لبنان بتداعيات الحرب حتى من باب الاغتيالات الجارية في ايران . ووفقًا لما تم تداوله من معلومات، فإن الغارة، التي نُفذت ضمن سلسلة الهجمات الإسرائيلية المكثفة على أهداف إيرانية خلال الأيام الماضية، قد استهدفت اجتماعًا أو مقرًا يضم شخصيات قيادية من جنسيات مختلفة، من بينها شخصيات لبنانية وعراقية على ارتباط بمحور المقاومة. وهناك معلومات أولية بأن نجل المرافق ابو علي قضى في الغارة كذلك. واشارت معلومات الى ان الغارة ادت ايضا إلى اغتيال القيادي في حركة كتائب سيد الشهداء العراقية حيدر الموسوي وشخصية لبنانية ثالثة.

وفي الترددات الديبلوماسية تلقى وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجي اتصالاً من وزير الخارجية البريطاني دافيد لامي نقل له دعم بلاده والمجموعة الأوروبية للبنان، مشدداً على أهمية بقائه خارج الحرب الدائرة بين إيران وإسرائيل، ومحذراً من تداعيات خطيرة على البلد في حال أي تدخل في هذا الصراع. وفي ما يتعلق بالوضع في الجنوب، أكد أن بلاده ستستمر في بذل كل ما يلزم للتوصل إلى انسحاب الجيش الاسرائيلي من النقاط الخمس،  مؤيداً مطلب لبنان التجديد لقوات "اليونيفيل" واستمرارها في مهامها.
وفي الداخل السياسي اللبناني تصاعدت غداة جلسة مجلس الوزراء التي شهدت سجالا حادا حول ضرورة اتخاذ موقف للحكومة من الكلام الأخير للامين العام ل"حزب الله " الشيخ نعيم قاسم صورة الانقسام الداخلي حول السلاح والحرب . وبرز موقف لوزير العدل عادل نصار اعتبر فيه "أن سياسة المماطلة وكسب الوقت لتأخير تسليم السلاح إلى السلطات اللبنانية لا تخدم لبنان ولا جمهور حزب الله، بل تجرّ عليهما الويلات".

وقال "انتهت نظرية "وحدة الساحات"، فكل ساحة انهارت بمفردها، من دون أي تضامن فعليّ أصلًا. انتهت نظرية "توازن القوة"، باعتراف أصحاب هذه النظرية أنفسهم. فماذا ينتظر بعد؟" وتابع:" إنّ المسؤولية تقع أولًا على جمهور حزب الله قبل سواه، للمطالبة بوقف هذا الابتزاز، والانخراط في مشروع بناء الدولة وإعادة الإعمار وحماية لبنان. الوقت يداهمنا جميعًا، والسلاح خارج الدولة لم يعد عنوانًا ل "قوة ردع"، بل عنوانًا للويلات".

بدوره أكد وزير الصناعة جو عيسى الخوري "أهمية أن تعيد قيادة حزب الله النظر في مواقفها، خاصة بعد الحرب التي خاضتها في 8 تشرين الأول 2023، والتي لم تخدم غزة، بل جلبت مآسي للبنان، خصوصا في الجنوب". وشدد على "ضرورة التزام لبنان بالحياد عن صراعات المنطقة"، مشيرا إلى أن "موقع لبنان الجغرافي والسياسي لا يسمح له بخوض معارك نيابة عن الآخرين". واعتبر أن "توريط لبنان في رهانات خاطئة لن يجلب إلا المآسي"، داعيا إلى "اعتماد الحياد كخيار وطني جامع يحقق مصلحة لبنان العليا، مستشهدا بالدعوات السابقة، ومن بينها دعوة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي إلى الحياد". وفي ما يتعلق بالسلاح، ذكر الخوري بمطالبتهم رئيس الجمهورية، في اجتماعات مجلس الوزراء، بوضع خطة زمنية لتسليم سلاح المنظمات اللبنانية وغير اللبنانية، مقترحًا مهلة ستة أشهر لهذا الإجراء.

في المقابل اعتبر عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب حسن عز الدين "أنّ التهديدات الأميركية التي تُطلق بوجه إيران وقيادتها، هي تهديداتٌ موجهةٌ للمنطقة بأكملها، لا للجمهورية ‏الإسلامية وحدها، وعلى الشعوب الحرّة أن تعي خطورة هذه المواجهة، وأن تقف بثبات إلى جانب الحق".‏ ولفت إلى أنّ "انخراط أميركا في العدوان إلى جانب العدو الصهيوني سيؤدي إلى تصعيد كبير، ويضع المنطقة بأسرها ‏على صفيحٍ ساخن، يُهدد أمن الجميع واستقرارهم، ويقود إلى مزيدٍ من التوتر والحروب".‏ وشدّد على أنّ "أميركا وحلفاءها لن يكونوا في مأمن من تداعيات هذا العدوان وتكبد خسائر مادية ومعنوية، وسيفرض ‏على الشعوب والحكومات والقوى السياسية اتخاذ موقف واضح إلى جانب الحقّ والمقدسات". وأضاف "إيران اليوم، هي قوية ومقتدرة، وتدافع عن الأمة جمعاء، وعن الشعوب المظلومة، وعن الأمن والسيادة ‏في المنطقة، وهي لا تُدافع عن نفسها فقط، بل عن فلسطين ولبنان وسوريا والعراق واليمن، وكل مواقع المقاومة ‏والكرامة". وختم ‏"نُعلنُ بكلّ وضوح أنّنا إلى جانب الجمهورية الإسلامية الإيرانية، التي لم تتخلَّ يومًا عن لبنان، وقد وقفت دائمًا مع ‏شعبنا ومقاومتنا في كل المراحل. وسنبقى أوفياء لهذا الحضور والدعم".

على الصعيد الميداني وسّعت اسرائيل في الساعات الماضية عملياتها العسكرية جنوبا. وبعيد منتصف الليل نفذت طائرة مسيّرة إسرائيلية، غارة بصاروخ موجه استهدفت غرفة معدّة كمحل لبيع الأسماك تقع في محيط ميناء الناقورة، ما أدى إلى أضرار مادية جسيمة في الغرفة ومحتوياتها. وكتب المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي "هاجمت قطعة بحرية لسلاح الجو الليلة الماضية مبنى عسكريًا تابعًا لقوة الرضوان في حزب الله في منطقة الناقورة في جنوب لبنان". اما من الجانب اللبناني، فتجددت فصول المواجهات بين "الاهالي" واليونيفيل حيث منع شبان من السلطانية دورية تابعة لقوات اليونيفيل من اكمال تحركها وذلك لعدم وجود الجيش اللبناني معها.