تخبّط قضائي وازدواجية في التعامل مع ملف رياض سلامة
إلى متى يستمر منطق "التشفّي" من رياض سلامة وجعله كبش محرقة
يشهد قصر العدل في بيروت فضيحة تلو الأخرى في التعامل مع ملف الحاكم السابق لمصرف لبنان رياض سلامة في ظل ازدواجية فاقعة نتيجة إصرار مرجع قضائي رفيع في الإبقاء على سلامة موقوفاً خلافاً لكل القوانين المرعية الإجراء. ويمارس هذا المرجع كل الضغوط الممكنة على القضاة المعنيين بالملف لتحقيق هدفه بالإبقاء على سلامة في سجنه رغم وضعه الصحي السيء والخطير، كما يستعمل هذا المرجع التهويل بملف التشكيلات القضائية لـ"معاقبة" أي قاضٍ يطبّق القانون ويتخذ الإجراء القانوني اللازم بإخلاء سبيله.
آخر الخزعبلات تمثل في ازدواجية التعاطي بالملف الموقوف بموجبه سلامة اي ملف الـ44 مليون دولار بينه وبين المدعى عليهما الآخرين في الملف المحاميين مروان عيسى الخوري وميكي تويني. فبعدما رفضت الهيئة الاتهامية برئاسة القاضي نسيب إيليا تطبيق القانون والمادة 108 من قانون أصول المحاكمات الجزائية بذرائع واهية مثل الخوف من أن يقدم سلامة على "إتلاف أدلة" أو تهديد الشهود، أو أن يقوم سلامة المنهك صحياً والذي لا صلاحيات نهائياً لديه والمعزول سياسياً وشعبياً بخضّات اقتصادية واجتماعية، قامت الهيئة الاتهامية برئاسة القاضي إيليا نفسها بالاستماع الى المدعى عليه المحامي مروان عيسى الخوري وأخلت سبيله بكفالة مالية قيمتها مليار ليرة لبنانية (حوالى 11 ألف دولار).
وسأل مرجع قانوني مرموق: "هل من شهود في هذا الملف خارج المدعى عليهم الثلاثة سلامة وعيسى الخوري وتويني ليقوم سلامة بالضغط عليهم؟ فهذا الملف لا شهود فيه على الإطلاق فعن أي خوف وضغط يتحدث الرئيس نسيب إيليا وهيئته الاتهامية؟ وأيضاً أي أدلة تخشى الهيئة اتلافها طالما أن لا أدلة خارج حركة الحسابات المصرفية الموجودة بحوزة القضاء ولا إمكانية لتلفها؟".
ويتابع المرجع القانوني: "أما بالنسبة الى القلق من التسبب بخضات اجتماعية واقتصادية في حال تم إخلاء سبيل سلامة فإن في هذا الادعاء إهانة الى الدولة والعهد والأجهزة الأمنية والحكومة ككل، ناهيك عن كون في هذا الادعاء الباطل تسخيف لعقول اللبنانيين. فكيف يكون سلامة قادراً على التسبب بمثل هذه الخضات في ظل ظروفه الحالية وانعدام صلاحياته ووجود عهد جديد وحاكم مصرف مركزي جديد؟".
ويختم المرجع القانوني: بالتأكيد أن "الازدواجية في التعاطي في الملف بالرضوخ لعدم توقيف المحاميين عيسى الخوري وتويني مقابل الإصرار على رفض إخلاء سلامة يشكل انتهاكاً صارخاً للمبدأ القانوني العام الذي ينص على التساوي بين المدّعى عليهم والشركاء المفترضين فإما يُحاكم الثلاثة موقوفين وإما يحاكم الثلاثة غير موقوفين في انتظار إصدار حكم المحكمة في الملف، وخصوصاً أن الهيئة الاتهامية نفسها قبلت بطلب التوسع بالتحقيق الذي تقدّم به وكيل سلامة ما يعني أن الهيئة اعتبرت أن التحقيقات التي قام بها قاضي التحقيق الأول بلال حلاوي تشوبها ثغرات قانونية أو أنها غير مكتملة ومنقوصة ما استدعى اتخاذ القرار بالتوسع بالتحقيقات".
كل ما تقدّم يجعل السؤال مشروعاً: إلى متى يستمر منطق "التشفّي" من رياض سلامة وجعله كبش محرقة للطبقة السياسية المسؤولة بالكامل عن الانهيار الذي وصل إليه لبنان؟