هل من تضارب بين بري وقاسم حيال إسناد إيران؟
كان من الطبيعي بحسب من يفهم طبيعة الحزب اطلاق هذا الموقف حيال إيران
"النهار"
يترقب اللبنانيون مجريات المواجهات الحربية بين إسرائيل وإيران وما إذا كان "حزب الله" والفصائل العراقية التي تتلاقى مع المرشد علي خامنئي ستشارك في المعركة التي تشغل كل بلدان المنطقة والعالم.
عندما خرج الموفد الأميركي توم باراك من عين التينة أمس، لخص الرئيس نبيه بري لـ"النهار" موقف لبنان بعدم الانخراط في هذه الحرب، وكان يقصد "حزب الله" ضمنا ولو لم يسمّه.
بعد أقل من ساعتين على كلام بري الذي تلقفته بارتياح أكثر من جهة، خرج الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم ليوجه رسالة غير مشفرة يقول فيها إن الحزب لن يقف "على الحياد" بين إسرائيل وإيران، ولو من دون أن يحدد طريقة الدعم الذي يمكنه أن يقدمه لطهران التي تشكل له الكثير في حساباته السياسية والعقيدية.
وكان بري قد رد على سؤال عقب اجتماعه مع باراك عن حصوله منه على ضمانات لعدم مشاركة الحزب في أي عمل عسكري من لبنان إذا طلبت منه طهران الإسناد، فأجاب بعد تحميله إسرائيل بـ"الوقائع والأرقام" تبعة خروقها في الجنوب ومناطق أخرى، بأن "الحزب يمون على نفسه".
ثمة مقاربة لكل جناح في "الثنائي" حيال إيران، وهما يريدان لنظامها الاستمرار والبقاء وتفويت الفرصة على بنيامين نتنياهو الذي يودّ ضرب منشآتها النووية وقدراتها الصاروخية. ولو تمكن من إزاحة السيد علي خامنئي وما يمثله في وجدان الشيعة في العالم، لما تأخر عن تحقيق هذا الحلم الذي ينتظره منذ سنوات تسبق عملية "طوفان الأقصى" وما جلبته حركة "حماس" من تبدلات في قطاع غزة والمنطقة.
يأتي كلام قاسم وموقف حزبه في لحظات أكثر من خطِرة جراء هجوم إسرائيلي - أميركي قد يهدد بناء مشروع الثورة الإسلامية الإيرانية الذي شيده الإمام الخميني عام 1979، وأي استهداف له ستكون له ارتداداته على أبناء كل هذا المكون في العالم، ولا سيما أن الحزب يشكل مساحة كبيرة فيه.
لذا كان من الطبيعي بحسب من يفهم طبيعة الحزب ومن يلتقي مع خياراته أن يطلق قاسم مثل هذا الموقف حيال إيران، مع تلويح خصومها باستهداف خامنئي وما يشكله من رمزية في هذه الجمهورية "حيث يتجاوز شعاع تأثيره حدودها".
ليس من الضروري أن تعطي قيادة الحزب الإذن لماكينته العسكرية رغم كل ما تعرضت له في الحرب الأخيرة، لإطلاق صواريخها في اتجاه إسرائيل، لكنها تريد على الأقل أن تقول لإسرائيل أولا إنها "ما زالت موجودة".
هل من تباعد بين بري وقاسم؟
توضح جهات مواكبة أن لا مشكلة بين الطرفين "وهما في مركب واحد". وتضيف أن بيان الحزب كان محضرا من مساء الأربعاء، ولا سيما بعد تصاعد التهديدات الإسرائيلية والحديث عن الاستعداد لاغتيال خامنئي، "ومن غير المنطقي أن يقف الحزب متفرجا على هذا النوع من التهديدات التي تستهدف الرأس الاول في إيران. ولا مشكلة بين الحزب وحركة أمل".
وفي خضم كل هذه المساحات من الترقب، يقول قيادي كبير في الحزب في معرض الرد على سيل الأسئلة التي يتلقاها من الداخل اللبناني والخارج عما سيفعله إذا لمس بالفعل أن القيادتين السياسية والعسكرية في طهران وصلتا إلى حافة الهاوية: "يبقى الجواب رهنا بتطورات المواجهة على الأرض، ولا نرغب في طمأنة إسرائيل".
ويبقى لسان حال رئيس المجلس أن إيران تستطيع وفق إمكاناتها في أكثر من حقل الدفاع عن نفسها رغم كل أثقال التحديات التي تواجهها، والتي تبقى الأخطر منذ ولادة ثورتها قبل 46 عاما، وهي تتنقل من حصار الى حصار.