ورقة برّاك تقترح تسليم سلاح «حزب الله» بحلول نوفمبر

ورقة برّاك تقترح تسليم سلاح «حزب الله» بحلول نوفمبر

image

الراي- رغم الطابع المُلِحّ للورقة - الردّ التي ينكبّ لبنان الرسمي على إعدادها لتسليمها إلى السفير الأميركي لدى تركيا والمبعوث الخاص إلى سوريا توماس برّاك خلال زيارته الثانية المرتقبة بعد أقلّ من 10 أيام متضمّنة إطاراً ناظماً «بالأحرف الأولى» لملف سحب سلاح «حزب الله» والخطوات «المتبادَلة» بين بيروت وتل أبيب، فإنّ «طبولَ» المعركةِ التي فُتحت في الساعات الماضية تحت قبة البرلمان حول اقتراع المغتربين في الانتخابات النيابية، التي ستُجرى بعد 10 أشهر بدت مدجَّجةً بأبعاد موصولة بمجمل الوضعية الجديدة في «بلاد الأرز» والمسار الذي يُراد أن تتوغّل فيه بعيداً عن «قبضة» الحزب الذي يشهد نفوذه في المشهد الداخلي ضموراً متواصلاً يشي بأن يُعَمِّقَه وهج الحرب الإسرائيلية - الإيرانية.

وتتعاطى أوساط مطلعة مع ضغط القوى السياسية المعارضة للحزب على زرّ إطلاق حملةِ إلغاء المادة في قانون الانتخاب الساري التي تقول بتخصيص اللبنانيين غير المقيمين بستة مقاعد تضاف إلى الـ 128، على أنها خطوةٌ لا يمكن فصْلها عن «مسرح العمليات» السياسي الذي يُخاض عليه «كباش السلاح» ويُسابِق واقعياً مهلة إسقاط أميركية ضمنية تضع بيروت أمام خياريْن: فإما طيّ صفحة «حزب الله» كتنظيمٍ مسلّح يملك مفاتيح الحرب والسلم وتالياً «تأهيل» بلاد الأرز للالتحاق بالمرحلة الجديدة في «الشرق الجديد»، وإما ترْك الوطن الصغير لجولةٍ أعتى من الحرب التي قد تستأنفها إسرائيل المتحفّزة أيضاً لـ «إكمال المهمة غير المنتهية» مع إيران.

وبحسب الأوساط فإن «شَدَّ الحبال» الذي انفجر لمناسبة انعقاد الجلسة التشريعية للبرلمان (الاثنين وأمس) حول اقتراعَ المغتربين ظاهره تقنيّ ولكنه ليس إلا «رأس جبل الجليد» الذي يطلّ من خلْفه ملف السلاح، وتأثيره المباشر وغير المباشر في الاستحقاقات الدستورية، وصولاً إلى الحضّ الخارجي المتزايد على إنهاء تمكين الحزب سياسياً واستطراداً ترجمة مفاعيل انحسار المحور الإيراني و«كسوف» نفوذه الإقليمي في المشهد اللبناني، بدءاً من انتخابات 2026 النيابية.

وفي الإطار، ترى الأوساط أن القوى المعارضة والتي انسحبت غالبيتها من الجلسة التشريعية، وفي مقدّمها «القوات اللبنانية» و«الكتائب» وتغييريون ومستقلون، قاموا بـ «رَبْطِ نزاع»، تُمْليه أيضاً مهلٌ قانونية ضاغطة، مع بُعْدٍ رئيسي تعبّر عنه الانتخابات المقبلة لجهة تكريس انكفاء «الغَلَبة» التي كانت لـ «حزب الله» على الواقع الداخلي بقوةِ السلاح كما «المدّ الإيراني» في المنطقة وساحاتٍ عدة فيها.

وفي مقابل إصرار المعارضين على استنهاض الرأي العام الداخلي والاغترابي للضغط في اتجاه إشراك غير المقيمين في الاقتراع (في السفارات) للنواب الـ 128 الذين يتألف منهم البرلمان، كلّ في دائرته، وبروز ملامح منحى تصعيدي متدحرج ستسلكه هذه «المعركة»، فإنّ رئيس البرلمان نبيه بري أعطى إشارةً بالغة الدلالات حيال الطابع «فوق العادي» لهذه المكاسرة حين أدار ظهرَه لعريضةٍ موقّعة من 70 نائباً طالبت بإدراج اقتراح القانون المعجّل المكرَّر المتعلق بإلغاء المادة التي تقضي باستحداث 6 مقاعد إضافية في القارات للمغتربين وربط هذا الملف بعمل اللجنة النيابية الفرعية المنبثقة عن اللجان المشتركة و«المخولة درس اقتراحات القوانين الانتخابية وهي لايزال لديها مزيد من الدرس ولم تنجز أعمالَها بعد».

وفي الوقت الذي لاقى «حزب الله» خطوةَ بري بسرديةِ أن اقتراعَ المغتربين للنواب الـ 128 يشوبه عَيْبُ «عدم تكافؤ الفرص» فـ «بعض الدول تعتبرنا إرهابيين مثلاً»، كما قال النائب علي فياض، وتالياً كيف سيقوم مرشحوه بحملات انتخابية فيها لاستقطاب غير المقيمين، فإنّ الأوساطَ المطلعة ترى أن القطبة المَخْفية التي لم تعُد خافية على أحد تتمثّل في أن الحزبَ يريد عملياً حَجْبَ تأثير المنتشرين (نحو 1.5 مليون لبناني) في الاستحقاق النيابي (وغالبيتهم من مناهضي الحزب) بحيث لا يشكّلون قوةً وازنةً من شأنها تحديد اتجاهات الريح في مجمل مجلس 2026 وحصْر وزْنهم في 6 نواب يضافون إلى البرلمان.

واعتبرتْ الأوساط أن هذا الإصرار من «حزب الله» على إسقاط قدرة المنتشرين على أن تكون لهم «كلمة فاصلة» في الانتخابات وأن يبقى اقتراعُهم أشبه بـ «قنبلة صوتية»، لا يمكن فصلُه عن تقديراتٍ بأن الحزب يحاول «إبطاء» مسار سحب سلاحه لِما بعد استحقاق 2026 النيابي كي يَجري في ظلال السلاح، وإن ببُعده المعنوي الباقي، بعدما تلاشت في شكل كبير تأثيراته العسكرية تجاه اسرائيل - وفق خصومه - وهو ما تَرافق مع تسريباتٍ عن أن لا انتخابات إذا مُنح المغتربون حق الاقتراع للـ 128، في مقابل تقارير عن ضغط خارجي للانتهاء من «صناديق الرصاص» قبل موعد اختبار صناديق الاقتراع لأن إجراءه في ظلّ البنادق يجعل الثنائي الشيعي أمام فرصة تجديد الإمساك بكل الحصة الشيعية في مجلس النواب.

رد لبناني

في موازاة ذلك، أكّد مصدران لـ «رويترز» أنّ مسؤولين لبنانيين يعكفون على صوغ ردّ على مطالب الولايات المتحدة بأن يتخلى «حزب الله» عن سلاحه في كل لبنان بحلول نوفمبر المقبل مقابل وقف العمليات العسكرية الإسرائيلية.

وقال المصدران إن توماس برّاك، أطلع مسؤولين لبنانيين على خريطة طريق مكتوبة وأبلغهم أنه يتوقع الرد في شأن أي تعديلات مقترحة. وأضافا أنّ الوثيقة المكونة من ست صفحات تركّز على تسليم سلاح الحزب والفصائل المسلحة الأخرى، وتحضّ لبنان على تحسين العلاقات مع سوريا وتنفيذ إصلاحات مالية.

وأوضح المصدران أنّ الوثيقة تقترح نهجاً ممرحلاً لتسليم السلاح بحيث يقوم الحزب بتسليم سلاحه في كل أنحاء لبنان مقابل انسحاب القوات الإسرائيلية التي تحتل مناطق في الجنوب. ولفتا إلى وجوب الانتهاء من تسليم السلاح تماماً في حلول نوفمبر أو نهاية العام على أقصى تقدير.

وشدّدا على أنّ تسليم السلاح سينهي الضربات التي تستهدف عناصر الحزب وسيؤدي إلى الإفراج عن أموال لإعادة بناء مناطق لبنانية دمرتها القوات الإسرائيلية العام الماضي.

وأشار المصدران إلى أن الاقتراح يشير أيضاً إلى إنشاء آلية تشرف عليها الأمم المتحدة لضمان أن تطلق إسرائيل الأسرى المرتبطين بالحزب. وقالا إنّ براك حض المسؤولين على اغتنام الفرصة التي وفّرتها خريطة الطريق لأنها «قد لا تتاح مرة أخرى».

وأضافا أن براك، الذي من المقرر أن يعود إلى بيروت الأسبوع المقبل، لم يحصل بعد على موافقة إسرائيل على «خريطة الطريق»، وأن لبنان عيّن لجنة لصوغ رد أولي، تضم ممثلين لمكتب رئيس الوزراء نواف سلام، والرئيس جوزاف عون، وبري.

وأكد المصدر الثاني، ومصدر ثالث، أن بري على تواصل وثيق مع «حزب الله» لضمان الحصول على رأيه وأن الحزب لم يرفض التعاون مع اللجنة «وقد بدأ بالفعل إرسال إشارات لهذا التعاون لكنه لم يلتزم مرة بتسليم السلاح لتاريخه».