آليّة تعيين بحاجة إلى تعديل

آليّة تعيين بحاجة إلى تعديل

image

آليّة تعيين بحاجة إلى تعديل
ترك التعيين دون ضوابط من شأنه أن يلحق الضرر في الإدارة ومصالح الدولة



سعيد مالك- "نداء الوطن"

سنداً للمادة/17/ من الدستور المعدّلة، أُنيطت السلطة الإجرائية بمجلس الوزراء، مع تعزيز صلاحيّات الوزير، حيث لم يعُد بالإمكان إقالة أي وزير إلّا بقرار يصدر عن ثُلثي الحكومة، أم بنزع الثقة منه.

والمادة/65/ من الدستور أوكلت مجلس الوزراء صلاحية تعيين موظّفي الدولة وصرفهم وقبول استقالاتهم وفق القانون (الفقرة الثالثة).


وعملاً بأحكام المادة/66/ من الدستور، التي أولت الوزراء مهمّة إدارة مصالح الدولة، كُلٌّ بما يتعلّق بالأمور العائدة إلى إدارته، فإن سُلطة اقتراح التعيين هي للوزير المُختّص حصراً.

علماً، أنّ منح الوزير صلاحية الاقتراح ناتجة عن كونه هو مَن يتحمّل مسؤولية أي سوء إدارة أو خطأ يقترفه موظّفٌ تابع له، أو مخالفة يرتكبها. ممكن أن تُقيل الوزير أو تنزع الثقة منه.

وبعيداً من دستورية أم عدم دستورية أي آلية تعيين تعتمد، من الثابت أن ترك التعيين دون ضوابط، من شأنه أن يلحق الضرر في الإدارة ومصالح الدولة. وسيدفع بعض الساسة إلى تعيينات زبائنية، عوض اختيار الأفضل في المكان الأنسب. كلّ ذلك شرط أن تكون الآلية شفافة، وأن تتمتع الجهة المعيّنة بالمسؤولية الوطنية. بالتالي، الرهان على رجال الدولة، أكثر مما هو على آلية جامدة ومفصّلة.

وبالاطلاع على الآلية التي وُزّعت قبل ساعات على السادة الوزراء (خلافاً لأحكام المادة الرابعة من المرسوم رقم 2552/1992) يتبيّن جليّاً، أنّها تضمّنت العديد من الشوائب الواجب مُعالجتها قبل إقرارها أصولاً.

فمن جهة أولى، صحيح أنّ شروط التوظيف هي مادة تنظيمية (Domaine Règlementaire) تدخل في دائرة اختصاص السلطة الإجرائية، أي مجلس الوزراء، سنداً للمادة/65/ من الدستور. لكنّ الأصحّ ألا تأتي هذه الآلية مُفخّخة، ولخدمة مصالح ضيّقة.
فالمُلفِت بهذه الآلية، أنّها تضمّنت لُغمَين مُلفتَين. فالآلية تنُصّ بأنّ اللجنة الثُلاثية وبعد دراسة الطلبات وإجراء المُقابلات الشفهيّة، ووضع تقييمها و.... تُنظّم محضراً يتضمّن أسماء جميع المُرشّحين الذين خضعوا للمُقابلة مع التقييم.... على أن تُدرج الأسماء وفق ترتيب أولويّتهم.... ويرفع الوزير المَعني قائمة بالأسماء المُدرجة في المحضر، إلى مجلس الوزراء....كذا.... .


فالُّلغم الأوّل، أنّه كان يُفترض أن يتضمّن المحضر، الأسماء التي تخطّت المُقابلة الشفهية بنجاح، فقط لا غير. وليس أسماء جميع المُرشّحين!!! لأنّ تضمين المحضر أسماء جميع المُرشّحين (ولو كان هناك ترتيب للأوائل) يفتح الباب أمام مجلس الوزراء باختيار أي اسم من هذه اللائحة. عندها ستكون للأكثريّات المُشكّل منها مجلس الوزراء كلمة الفصل بالتعيينات، ولو بعيداً من الكفاءة. أو أقلّه أكثرية التعطيل لأي تعيين.

أمّا اللُّغم الثاني، فهو تكليف الوزير برفع قائمة بكافة الأسماء المُدرجة في المحضر. عندها يسقط مفهوم الاقتراح، لأن دور الوزير يتحوّل من وزير يقترح الأسماء، إلى أمين سرّ يعرض الأسماء على طاولة مجلس الوزراء. واستطراداً، منحه صلاحية اقتراح أسماء من القائمة ولو لم تكُن قد اجتازت الاختبار، ورسبت في المقابلة. فيكفي أن يكون الاسم وارداً على المحضر. وهذه بدورها مخالفة دستورية.

الخشية أن يكون الهدف، ترتيب آلية للسّماح لمُندسّين أم مُتسلّلين إلى الإدارة، عبر تقديم طلبات، وإقرار تعيينات، بعيداً من الكفاءة. إذ يكفي أن يكون اسم الطامح لأي موقع مُدرجاً في محضر المرشّحين، بِغضّ النظر عن كفاءته. وبالتالي الأنسب أن يُحصر المحضر بأسماء الناجحين والمؤهّلين حصراً. وبأن يُمنح الوزير صلاحية الاقتراح من الأسماء الناجحة، وليس من كافة الأسماء المُدرجة في القائمة.

فالإصلاح بحاجة إلى شفافية، وإقرار آليات مُفخّخة يَنسُف المَسار. فحذارِ الألغام.