سلعة رخيصة جداً في لبنان ولا تنقطع أبداً... ما هي وما هو سرّها؟؟؟

سلعة رخيصة جداً في لبنان ولا تنقطع أبداً... ما هي وما هو سرّها؟؟؟

image

سلعة رخيصة جداً في لبنان ولا تنقطع أبداً... ما هي وما هو سرّها؟؟؟

من يعلّم المسؤول في بلادنا الصمت والتركيز تسهيلاً للوصول الى وجهة التعافي "عا الموعد"

 

 

 

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

 

تُكثر أكثرية ساحقة من المسؤولين في لبنان من التصريحات والكلام، رغم علمها بأن كل كلمة تتفوّه بها تتمتّع بسعر معيّن، وبأن ديون كلامها مُسدَّدة بالانهيار الاقتصادي والمالي والأمني والمعيشي والحياتي المستمر. وهو ما يعني أن اللبنانيين عموماً، وأضعفهم خصوصاً، هم الذين يسدّدون فاتورة كل تصريح يصدر عن مسؤول لبناني، سواء كان من الصفّ الأول أم لا.

 

يتلذّذ بحصرم الكلام...

وأمام هذا الواقع، لماذا لا يُقلّل المسؤول في بلادنا من الكلام، مقابل إكثاره من العمل والتركيز على ذلك؟ ولماذا إصرار المسؤول في بلادنا على التغاضي المستمر عن حقيقة أساسية، وهي أن كل ما يفعله لا يدفع هو ثمنه، بل شعبه؟

فالمسؤول اللبناني يأكل الحصرم، ويتلذّذ بحموضته. وقد يُضيف الملح إليه، ويتناوله مع مشروب يطيب له ربما. ونعني بالحصرم هنا، كلامه السياسي، وتصريحاته التي تكون غير منطقية، وغير محسوبة بدقّة أحياناً كثيرة. ولكن هذا المسؤول نفسه لا يرغب بالصمت، وذلك رغم علمه بأن اللبناني "المعتّر" يضرس ضرساً شديداً، من جراء ذلك.

فمتى يركز المسؤول في لبنان على العمل قبل الكلام، أو حتى بدلاً من الكلام؟ ومتى يتعلّم حقيقة أن صمته قد يشكل سياسة متكاملة العناصر أكثر من الضجيج؟؟؟...

 

إطار داخلي

تعليقاً على ما سبق، تُفيد أوساط سياسية بأن "تحالف الفساد والوصاية الذي أفقر اللبنانيين وسرق أموالهم، من جهة، وسلب سيادة الدولة اللبنانية، من جهة أخرى، لا يزال قائماً".

وتؤكد لوكالة "أخبار اليوم" أن "هذا التحالف يترافق مع عدم شعور بالحاجة الى القيام بمجهود كبير وفعّال على نطاق داخلي. فمعظم من في الداخل يتصرّفون وكأن المجتمع الدولي هو الذي سينفّذ مهمّة استعادة عافية لبنان بالنيابة عن الداخل اللبناني، مع أن ذلك لن يحصل".

وتشدد على أن "لبنان اكتفى مما هو فيه، بعد عشرات من السنوات التي شهد فيها حكم وصايات وفساد. ولكن المساعدة الخارجية والاحتضان الدولي يحتاجان الى إطار داخلي جاذب لهما أولاً".

 

وكأنه يصدّق...؟

هي عشرات من السنوات رزحنا خلالها تحت وصايات مختلفة، وفساد مُعقَّد. ورغم ذلك، هي عشرات من سنوات زخرت بالكثير من الكلام والتصريحات.

ففي ذروة الوصاية، نتذكر أن المسؤول في بلادنا كان يتغنّى باستقلال لبنان، وبقراره الحرّ، وبأن ما يُقال عنه وصاية أو احتلال ليس أكثر من شعب واحد في بلدَيْن، وأن هذا ما يجب أن يكون الى الأبد، وكأنه يصدّق بالفعل ما كان يقوله.

وفي ذروة الفساد المتجذّر في لبنان، يسترسل المسؤول في بلادنا بالحديث عن دولة القانون والمؤسسات، وعن الإصلاح، وعن الضرب بيد من حديد، مُتناسياً ربما أن الحديد وكل أنواع المعادن ذابت على نار الإفساد المحلّي الشديد.

 

"عا الموعد"

وفي قمة الحاجة الى الصمت ولو قليلاً، يُكمل المسؤول في بلادنا بالنّهج نفسه، وهو الإكثار من الكلام والتصريحات التي تجعل من لبنان جزيرة معزولة عن العالم، في ذروة المتغيرات العالمية، وذلك جنباً الى جنب الإيحاء بأنه يُسابق الوقت لإخراج لبنان من "التعتير" الكبير ومتعدّد الأوجُه الذي هو فيه.

فمن يعلّم المسؤول في بلادنا الصمت؟ ومن يُفهمه أن لا الداخل اللبناني ولا الخارج بحاجة الى كلام، بل الى سير على طريق التغيير بصمت وتركيز، والى عدم اللّهو بالتوقّف المتكرّر، وذلك تسهيلاً للوصول الى وجهة التعافي المحدّدة، "عا الموعد".