من 1998 الى 2025... "نسخات" متكررة من الجهل لبلد يقتات من التخلُّف...

من 1998 الى 2025... "نسخات" متكررة من الجهل لبلد يقتات من التخلُّف...

image

من 1998 الى 2025... "نسخات" متكررة من الجهل لبلد يقتات من التخلُّف...

متى يتحول الأجداد الى حكماء ينزعون المُلك من أيدي أحفادهم لأجل لبنان؟

 

 

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

 

تشكل الانتخابات البلدية إحدى أهم المحطات التي تُعيدنا الى عمق أعماق مجتمعنا، والى ما لدينا من "أمراض مجتمعية"، تؤكد أن بلداننا لا يمكنها أن تستقيم، بسبب مجتمعاتها "المريضة".

 

الكرامة...

فبالعودة الى عام 1998، أي الى السنة التي شهدت أول استحقاق بلدي رسمي بعد انتهاء الحرب الأهلية، نتذكر جيداً مشاهد التصفيق، والأهازيج، والصراخ... وبعض المرشّحين، والمفاتيح الانتخابية... ومشاهد بعض الشخصيات السياسية المناطقية التي حكمت لبنان بأظافر "زحفها" أمام نظام آل الأسد في سوريا بذلك الوقت، وتلذّذهم بمظاهر التخلُّف التي تُحيط بهم عبر الحماسة الخالية من أي مستوى إنساني وسياسي، والتي يعجزون عن ضمان استمراريتهم من الأب الى الإبن وصولاً الى الحفيد وحفيد الإبن... من دونها، (نتذكر جيداً كل تلك المشاهد) لنُصدَم بما يوازيها تماماً في عام 2025، أي بعد مرور 27 عاماً على المشاهد الأولى، وكأننا أمام "نسخات" متكررة من الجهل والتخلّف، لمجتمع يقتات من ثقافة الزّحف بعيداً من أي كرامة.

 

"التزاحُف"

لن نتحدث عن الرشاوى المالية، ولا عن الخدمات التي يشتري بها الحاكم المحلي، المناطقي واللبناني العام، شعبه. ولكن ما يصعقنا هو ثقافة الزّحف المُزمِنَة لدى شعبنا، والتي يقدّمها كطاعة و"عبادة" للزعيم أو "الميني - زعيم" المناطقي والوطني، على حدّ سواء، وذلك بموازاة ثقافة هذا الزعيم المُزمِنَة القائمة على البحث عن زاحفين أمامه.

والأكثر غرابة في ما سبق ذكره، هي أن مشاهد الزحف و"التزاحُف" والتخلّف والتملُّق والتكاذب... المستمرة في كل المجتمعات والمناطق اللبنانية، ولدى كل الجماهير الحزبية والسياسية والطائفية والمذهبية... اللبنانية، المُتوارَثَة من جيل الى جيل، والتي نراها في 2025 تماماً كما لو كنّا في 1998 وما قبل... (تلك المشاهد) هي نفسها التي نجدها أيضاً لدى جماهير وفئات وجهات سياسية "مُستحدَثَة" في العمل السياسي اللبناني، وهي تجهد في تقديم ذاتها للناس بمظهر تغييري معيّن.

فرغم ذلك، نجد من يحيطون بهم من "ماسحي جوخ"، ومن مصفّقين ومهلّلين... وكأنهم في حفلة ملكية، يجلس فيها الملك محاطاً بمن "يُفَلتِرون" الهواء له ربما، قبل وصول نسماته إليه، وهو يُبهدل من يراه أهلاً "للبهدلة" أو يُثني على من يراه مؤهلاً لذلك، بحسب حالته النفسية والعاطفية، فيما يجثو الجميع على ركبهم أمامه قائلين له "يا معيّشنا".

 

"عشيرة" أخرى...

مؤسف حقاً أن يكون لبنان 2025 على تلك الشاكِلَة. فنحن ننتظر اليوم الذي يُصبح فيه بلدنا بلداً، تماماً كما ينتظر الأب أن يُصبح إبنه رجلاً. والانتظار الذي نتحدث عنه هنا لا يُشبه ذاك الذي ينتظره أجداد، وأجداد أجداد... بعض أنواع الحكام في بلدنا. فهذا النوع من الأجداد خرب لبنان، وأوصله وشعبه الى أن يكونا محكومَيْن من أولاد سيبقون أولاداً ولو حكموا بلداً. وأما ما ينتظره لبنان الحقيقي، وشعبه الحقيقي، فهو اليوم الذي يتحوّل فيه الأجداد الى حكماء، يعلمون جيداً متى يحكمون، ومتى يخرجون من الحكم، ولو كلّفهم ذلك نزع المُلك من أيدي أحفادهم ومنحه لمن هم قادرون على حفظ شعلة البلد متّقدة، حتى ولو كانوا من "عشيرة" أخرى.