بين الهند وباكستان... مواجهة تنقل تحديات الإرهاب الإسلامي من الغرب الى قلب آسيا...
نيودلهي قادرة على إنزال 5 ملايين عسكري الى المعركة ويُستبعَد أن تختار إسلام آباد المواجهة
أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"
عندما تتوتر الحدود بين دولتَيْن كالهند وباكستان، لا يعود التركيز محصوراً بالخسائر البشرية والعسكرية...، ولا بالقدرة على تحقيق هدوء سريع أو لا، ولا بالجهة القادرة على القيام بهذا الدور، بل تأخذنا المستجدات للنظر الى المفاعيل بعيدة المدى لهكذا توتر.
الإرهاب الإسلامي
فمعركة ولو محدودة بين الهند وباكستان، هي أقرب الى حرب وجودية. وفي عصرنا الحديث، هي معركة قادرة على نقل تحديات الإرهاب الإسلامي العقائدية من غرب مستعدّ للتعايش مع كل شيء بإسم الديموقراطية، الى شرق آسيوي هو عنيف في الأساس، وأقلّ تقبّلاً لما يمكنه أن يؤثر على تركيبته الثقافية والاجتماعية والإيديولوجية.
الصين
وفي السياق نفسه، لا تقف التحديات عند هذا الحدّ. فـ "معركة جدية" بين الهند وباكستان، قد تكون مصلحة للصين التي لن تنزعج من إنهاك الهنود بمواجهة من هذا النوع، ولكن من دون أن تتسامح مع "انتصار" فعلي للباكستانيين، سيؤسّس في مدى أبْعَد لواقع آسيوي جديد في الإقليم المجاور للصين، ولـ "قلاقل" اجتماعية داخل المجتمع الصيني نفسه، سواء على خلفية أقلية "الإيغور" أو سواهم.
أميركا وروسيا
وما بين كل تلك الأطراف، الولايات المتحدة الأميركية التي قد تجد لنفسها مصلحة في كل شيء، مع حسابات مضبوطة جداً، نظراً للمصالح الحيوية التي تجمع واشنطن بنيودلهي، لا سيما على خلفية مستقبل "الممرّ الهندي" المُنافِس لمبادرة "الحزام والطريق" الصينية.
وأما روسيا التي تسعى الى مزيد من تطوير وتحسين علاقاتها مع باكستان، فهي بدورها لا ترغب بهندٍ مُتعَبَة أو مُنهَكَة بمستقبل ضبابي، نظراً لما لنيودلهي من فضل في تشكيل منصّة للالتفاف على العقوبات الغربية المفروضة على موسكو.
الدول العربية؟
وحتى الدول العربية الثرية التي لطالما استثمرت بالبرنامج النووي الباكستاني، والتي ينظر إليها بعض الغربيين كدول نووية، تمتلك أسلحة نووية موجودة في باكستان وليس على أراضيها، فهي بدورها عاجزة عن دعم إسلام آباد في أي حرب طويلة حتى النهاية، نظراً لما بات يجمعها في السنوات الأخيرة من مصالح جوهرية وبُنيوية اقتصادية واستثمارية وتكنولوجية... مع الهند.
وانطلاقاً مما سبق، ما هي الآفاق المُحتَمَلَة للتوتر العسكري بين الهند وباكستان؟ وهل من قدرة على لجمه سريعاً، وبالاستدامة اللازمة؟
سقف مرتفع...
أشار مصدر خبير في الشؤون الدولية الى أن "كل الترجيحات تستبعد حتى الساعة اندلاع حرب بالمعنى الفعلي بين نيودلهي وإسلام آباد. فالسير بمواجهة الى النهاية ليست من مصلحة أحد، كما أن الأميركيين تحديداً سيلجمونها، وسيمارسون ضغوطاً لوقف القتال".
ورجّح في حديث لوكالة "أخبار اليوم" أن "يقوم كل طرف برفع سقف الكلام والتهديدات، ولكن من دون أن تتطور الأمور الى ما هو أوسع من ذلك".
تنفيس احتقان
ورأى المصدر أن "باكستان لن تدخل بمغامرة ستخسرها في النهاية. فالهند أكبر منها عموماً، ولديها قدرات هائلة بالمقارنة معها، سواء عسكرياً أو بأمور أخرى، وهي (الهند) قادرة على إنزال 5 ملايين عسكري الى المعركة دفعة واحدة. ولذلك، يستبعد الجميع أن تختار إسلام آباد طريق المواجهة".
وختم:"أقصى الاحتمالات في المدى المنظور، هي حدوث اشتباكات حدودية تنفّس الاحتقان بينهما، مع الاحتفاظ بمواجهة إعلامية من دون أن يُسمَح لها بالتطور الى ما هو أبْعَد من ذلك".