ياسر يُمهّد لزيارة “أبو مازن”: إنزعوا السّلاح

ياسر يُمهّد لزيارة “أبو مازن”: إنزعوا السّلاح

image

ياسر يُمهّد لزيارة “أبو مازن”: إنزعوا السّلاح
 نزع السلاح خارج المخيّمات وداخلها لا يُترجم على الأرض

ملاك عقيل - اساس ميديا
تحت الضغط اللبناني، السياسي والأمني، سلّمت حركة “حماس” ثلاثة من أصل أربعة مطلوبين مشتبه بإطلاقهم صواريخ من شمال الليطاني في 22 و28 آذار الماضي باتّجاه الأراضي المحتلّة. تقدّر أوساط أمنيّة أنّ الرابع، الذي يُعتبر عنصراً أساسيّاً ضمن الشبكة المتورّطة بإطلاق الصواريخ، متوارٍ عن الأنظار.

عمليّاً، ستواجه الأجهزة الأمنيّة اللبنانية صعوبة أمنيّة في توقيفه، في حال لم يُسلَّم وكان موجوداً في مخيّم عين الحلوة. فيما الأمر سيكون مختلفاً في المخيّمات الأخرى.

حتّى الساعة تمنح السلطات اللبنانية “حماس” المزيد من الوقت لتسليم المطلوب الرابع، لكن لن يتمّ السكوت عن عدم إيفاء مسؤول “الحركة” في لبنان، أحمد عبدالهادي، بالتزامه تسليم جميع المتورّطين، عقب الاجتماع الذي عُقد في المديرية العامّة للأمن العامّ بحضور مدير المخابرات العميد طوني قهوجي، بعد استدعائه من قبل اللواء حسن شقير، بتكليف من الحكومة بناءً على توصية المجلس الأعلى للدفاع. ثمّة إجراءات يتمّ الحديث عنها قد تُفرض على قادة “حماس” في حال عدم الإيفاء بالتسليم، بما في ذلك منع دخول لبنان وسحب الإقامات.

لم يُعرف بعد هل المدّة الفاصلة عن وصول الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى بيروت في 21 الجاري، بعد مشاركته في قمّة بغداد، ستشهد إتمام عمليّة التسليم في ظلّ الحديث عن “أجندة” يحملها أبو مازن، وعنوانها الأساس: غطاء السلطة الفلسطينية لنزع السلاح الفلسطيني خارج المخيّمات وداخلها.

ياسر في بيروت

وفق معلومات “أساس”، سَبقت موعد وصول الرئيس الفلسطيني زيارة نجله رجل الأعمال ياسر محمود عباس بيروت قبل أيّام، التي عقد خلالها لقاءات رسمية بعيدة من الأضواء مع شخصيّات سياسية وأمنيّة.

فعليّاً، لا دور رسمياً اليوم لياسر عباس في السلطة، لكنّه يكلَّف منذ سنوات بالعديد من المهامّ، ومن ضمنها أخيراً مشاركته في الوفد الفلسطيني، برئاسة رئيس الحكومة محمد مصطفى، الذي التقى القيادة السوريّة الجديدة برئاسة أحمد الشرع في كانون الثاني الماضي، وهي الزيارة التي مهّدت لزيارة الرئيس الفلسطيني لدمشق.

يتردّد أيضاً أنّ ياسر كان ضمن وفد فلسطيني شارك سرّاً، قبل اندلاع حرب “طوفان الأقصى”، في المحادثات بين واشنطن والرياض وتل أبيب في شأن التطبيع مع إسرائيل.

المبعوث الخاص لمحمود عباس، والمشارك الدائم في العديد من الاجتماعات الرسمية مع والده، بدا كمن يقدّم للبنان ما لا قدرة لوالده على تحقيقه فعلاً، إذ إنّ الضوء الأخضر الذي سيحمله محمود عباس في شأن الموافقة على نزع السلاح خارج المخيّمات وداخلها، بدءاً من الفصائل التابعة للسلطة الفلسطينية، وعلى رأسها حركة “فتح”، لا يُترجم على الأرض ما دام عباس لا يملك مفتاح جميع هذه الفصائل، وصولاً إلى المنظّمات المتشدّدة كـ”حماس” و”عصبة الأنصار” و”جند الشام” و”عصبة النور”.

“حماس” تفاوض!

هكذا لا يبدو أنّ زيارة محمود عباس قد تُدخِل عوامل حاسمة وإن كانت مؤثرة على ملفّ السلاح الفلسطيني. مع ذلك، تختلف تماماً عن فحوى زيارة “أبو مازن” لبيروت في شباط 2017 أثناء ولاية الرئيس السابق ميشال عون، ثمّ اللقاء الذي جمع الرجلين في فندق شيراتون في الدوحة عام 2021، وتختلف أيضاً عن سياق لقائه الرئيس الأسبق ميشال سليمان في بيروت عام 2008.

قد صار السلاح الفلسطيني مادّة تفاوض جدّية بعد الإعصار الذي ضرب المنطقة وحوَّل غزّة إلى أرض محروقة ودفع الرئيس الأميركي دونالد ترامب باتّجاه “ترانسفير” للفلسطينيين صوب مصر والأردن.

مع ذلك، ثمّة من يجزم بأنّ “حماس” نفسها لا تزال جالسة بقوّة على كرسي التفاوض وليست بنداً على الطاولة، والدليل “تفاوضها” من الندّ للندّ مع ترامب، بوساطة الدوحة، من أجل إطلاق سراح الأسير الأميركي – الإسرائيلي عيدان ألكسندر، آخر محتجز أميركي على قيد الحياة في غزّة، وانتظارها في المقابل خطوة أميركية في سياق تكريس اتّفاق شامل ومستدام لوقف إطلاق النار، والانسحاب الإسرائيلي، ووقف الحصار لغزّة.

مزايدة قوّاتيّة

حديثاً لَمَست رئاسة الجمهورية مزايدة في غير محلّها ومن خارج سياق المواكبة المدروسة والمتوازنة لملفّات مصيريّة، خصوصاً من جانب وزير الخارجية يوسف رجّي وبعض الوزراء. حتّى رئيس الحكومة نوّاف سلام “يستعجل” أحياناً، وفق مصادر مطّلعة، في تبنّيه مقاربات متسرّعة لا تتلاءم مع حساسيّة الوضع.

ربّما إحدى أبرز ترجمات هذا الواقع مطالبة الوزير رجّي خلال اجتماع المجلس الأعلى للدفاع باستغلال الفرصة الإقليمية لنزع السلاح بالقوّة، سواء سلاح “الحزب” أو السلاح الفلسطيني داخل المخيّمات.

قوبل هذا الأمر، وفق مداولات جلسة مجلس الدفاع الأعلى، بمقاربة أشمل لرئيس الجمهورية، فيما دخل بعض قادة الأجهزة الأمنيّة في حوار مباشر مع الوزير رجّي، تحديداً قائد الجيش العماد رودولف هيكل والمدير العامّ للأمن العامّ اللواء حسن شقير، عبر تقديم صورة محدّدة للمحاذير الأمنيّة، وضرورة تفادي وقوع دم أو اندلاع أحداث قد تُدخِل لبنان في المجهول.