في اليوم العالمي للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات... تحدّيات تتعلق بالتواصل الرقمي

في اليوم العالمي للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات... تحدّيات تتعلق بالتواصل الرقمي

image

في اليوم العالمي للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات... تحدّيات تتعلق بالتواصل الرقمي
ما هي سبل الاستفادة القصوى من الفرص في عصر وسائل التواصل الاجتماعي؟!

ندى عبد الرزاق - الديار
يمثل اليوم العالمي للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الذي يُحتفل به في 17 أيار من كل عام، مناسبة عالمية مهمة، تسلط الضوء على الدور المحوري لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في التنمية الاجتماعية والاقتصادية. رسميّاً، يُعرف هذا اليوم باسم اليوم العالمي للاتصالات ومجتمع المعلومات (World Telecommunication and Information Society Day - WTISD)، وهو يكرّم الذكرى السنوية لتوقيع أول اتفاقية تلغراف دولية في 17 أيار 1865، والتي أسست أيضاً الاتحاد الدولي للاتصالات (ITU). ويعود اختيار هذا التاريخ إلى الأثر الكبير الذي أحدثته هذه الاتفاقية في مجال الاتصالات العالمية، والتي شكلت نواة لتطوير البنية التحتية للاتصالات العالمية، وجعلها أكثر اتصالاً وتواصلاً.

ومنذ ذلك الحين، أصبحت التكنولوجيا والاتصالات أدوات رئيسية في تحسين الحياة البشرية، وتحقيق التنمية المستدامة. ويهدف هذا اليوم إلى زيادة الوعي حول أهمية هذه الأدوات في تحقيق النهضة الاجتماعية والاقتصادية، والحد من الفجوة الرقمية التي تعيق تطور بعض المجتمعات. ويخصص لهذا اليوم سنويا قضية محددة، تتعلق بالاتصالات والمجتمع الرقمي. في عام 2025 كان الموضوع الرئيسي لهذا اليوم هو "المساواة بين الجنسين في التحول الرقمي"، مما يبرز التحديات التي تواجهها النساء في العالم الرقمي، وهي مسائل لا تزال بحاجة إلى معالجة جادة على مستوى العالم.


بناء على ما تقدم، قد يتساءل المهتمون في هذا المجال، لماذا يجب تسليط الضوء على هذا اليوم؟ يجيب الخبير في الأمن السيبراني والمساواة الرقمية جورج سمعان "لقد باتت تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، من أهم العوامل التي تساهم في تحقيق التنمية المستدامة، ليس فقط من خلال تسهيل الحياة اليومية وتوفير الفرص الاقتصادية، ولكن أيضاً من خلال تيسير التواصل العالمي، وزيادة الإنتاجية في مختلف القطاعات. لذا، يساهم التركيز على هذا اليوم في تعزيز الوعي حول قدرة هذه الأدوات على تحقيق تغيير إيجابي في العالم. ويشجع على التعاون الدولي، وتبادل الخبرات لضمان تحقيق العدالة الرقمية للجميع".

السلبيات... تتكاثر!

ويوضح لـ "الديار": "انه على الرغم من الإيجابيات العديدة لتكنولوجيا المعلومات، يجب أن نلفت الانتباه إلى بعض الجوانب السلبية المرتبطة بهذا المجال. من أبرز هذه الجوانب الفجوة الرقمية، حيث لا يزال العديد من الناس في بعض المناطق النائية، أو ذات الدخل المنخفض يفتقرون إلى الوصول إلى "الإنترنت" أو التكنولوجيا الحديثة. كما أن هناك قلقاً متصاعداً حول الأمن السيبراني وحماية البيانات الشخصية، في عالم يشهد زيادة في الهجمات الإلكترونية. إضافة إلى ذلك، تبقى مسألة المساواة في الوصول إلى الفرص الرقمية، لا سيما بالنسبة للنساء والفئات الضعيفة، قضية محورية يجب التركيز عليها في هذا اليوم".

ويشدد على ان "هذه المناسبة تُعد فرصة لاستخلاص الدروس المهمة حول التطور الرقمي، وأهمية التحديات التي نواجهها في هذا المجال، بالإضافة إلى الاهتمام بالحلول الممكنة لتحسين الوصول إلى هذه الأدوات. وتعتبر وسائل التواصل الاجتماعي من أبرز أدوات العالم الرقمي الحديثة التي غيّرت بشكل جذري طريقة تفاعل الأفراد مع بعضهم بعضا، وساهمت في ترسيخ التواصل وتبادل الأفكار والمعلومات بين الناس في مختلف أنحاء العالم. ومع ذلك، فإن هذه الوسائل تحمل معها جوانب جيدة ومؤذية في آن معاً. وفي هذا السياق يمكننا التركيز على كيفية الاستفادة من الإيجابيات وتقليل التداعيات السلبية".


ويعدّد سمعان النواحي الإيجابية التي يمكن الانكباب عليها، وتتمثل في المظاهر الآتية:

1- التواصل العالمي: توافر وسائل التواصل الاجتماعي منصات للجميع للتحاور مع بعضهم بعضًا، بغض النظر عن المسافة الجغرافية. هذا يساعد على بناء شبكات اجتماعية ومهنية واسعة، مما يساهم في تعزيز التعاون بين الأفراد والشركات والمنظمات حول العالم.

2- التعليم والتوعية: تتيح منصات مثل "يوتيوب"، "إكس"، "فيسبوك" و"تيك التوك"، نشر المعلومات بسرعة وبشكل غير مكلف، يمكن استخدامها في نشر الوعي بالقضايا الاجتماعية والصحية أو البيئية. وتجدر الإشارة هنا، الى ان العديد من المنظمات والجمعيات الخيرية تعتمد على هذه الوسائل، لزيادة التوعية بحملات التبرع والمساعدات.

3- الديمقراطية والمشاركة المجتمعية: تمكّن شبكات التواصل الأفراد من المشاركة في قضايا تهمهم. كما تسهم في تعزيز الديموقراطية من خلال السماح للأصوات الضعيفة بالظهور، وبالتالي تعطي الناس القدرة على المشاركة في الحوارات العامة وصناعة الرأي العام.
 
 
4- التسويق والابتكار: تؤمن منصات التواصل الاجتماعي بيئة مثالية للتسويق الإبداعي، مما يساعد الشركات على الوصول إلى جمهور أكبر بشكل سريع وبتكلفة أقل. هذا يفتح فرصاً كبيرة للابتكار والنمو في مجالات مختلفة، مثل التجارة الإلكترونية والتسويق الرقمي.

من جهة أخرى، يتطرق الى كيفية العمل لتجنب النواحي السلبية أو التخطيط للتقليل من انعكاساتها السيئة من خلال:

1- التوعية بالأمن السيبراني: من الضروري تعليم المستخدمين كيفية حماية بياناتهم الشخصية ومعلوماتهم المالية على "الإنترنت". ويجب أن تشمل البرامج التوعوية فهم المخاطر المرتبطة باستخدام "الإنترنت"، مثل الاحتيال الإلكتروني وسرقة الهوية، الى جانب إنشاء برامج تعليمية حول كيفية حماية الخصوصية. وتجنب الوقوع ضحية للهجمات الإلكترونية يعد خطوة أساسية في هذا الاتجاه.

2- الحد من المحتوى المضر: من المهم العمل على المضمون المضلل المنتشر على منصات وسائل التواصل الاجتماعي، لا سيما المحتوى الذي يتضمن أكاذيب ومعلومات مغلوطة. وهنا الحل يكمن في تطبيق آليات لتقليلها.


3- مكافحة التأثيرات النفسية السلبية: تساهم وسائل التواصل الاجتماعي في بعض الأحيان في زيادة مستويات القلق والاكتئاب والعزلة، بسبب المقارنات الاجتماعية أو الضغط الناتج من إظهار حياة مثالية على "الإنترنت". لذلك، من المهم التوعية بشأن هذه التأثيرات النفسية السلبية، وتشجيع التوازن بين الحياة الرقمية والحياة الواقعية. ويشمل ذلك رفع مستوى الفهم حول أهمية الراحة الرقمية، والحد من الوقت المفرط على "الإنترنت".

4- تقوية المحتوى الإيجابي والمفيد: من خلال التعاون مع المؤثرين والمستخدمين البارزين على وسائل التواصل، يحفّز هؤلاء على نشر مادة هادفة وملهمة. وبالتالي، يمكن استثمار هذه الوسائل للترويج لحملات اجتماعية وصحية، مثل التوعية بالأمراض، وحماية البيئة، والعمل الخيري، بدلًا من الانغماس في الدعاية السطحية التي تروج لاستهلاك غير مستدام.

5- تطوير القوانين واللوائح التنظيمية: تحتاج وسائل التواصل الاجتماعي إلى إطار قانوني يضمن عدم إساءة استخدامها. لذا، يجب على الحكومة اللبنانية وضع تشريعات صارمة تتعلق بالحماية من التحرش والتمييز والعنف الإلكتروني، وحماية خصوصية المستخدمين. في الوقت نفسه، يجب تشجيع شركات التكنولوجيا على تطوير تقنيات ذكية، لمكافحة الإساءة والإعلانات المضللة.

ويختم سمعان "تمثل وسائل التواصل الاجتماعي في العصر الرقمي أداة قوية، يمكنها تغيير حياة الأفراد والمجتمعات بشكل إيجابي، إذا تم استخدامها بحذر وبطريقة منظمة. ومن خلال زيادة الوعي بمخاطر "الإنترنت"، وتعزيز التشريعات التي تحمي الأفراد من الإساءة، وتشجيع المحتوى الهادف، يمكن للوسائل الرقمية أن تساهم في بناء مجتمع رقمي أكثر أماناً وإيجابية".