تأجير السيارات: الحجوز للأضحى 85% والتعويل على الصيف للاستمرارية
القطاع كان يضم 20 ألف سيارة عام 2019 انخفض عددها حاليا إلى أقل من 9 آلاف سيارة
سلوى بعلبكي- "النهار"
فيما تتوالى المؤشرات الإيجابية للتحسن الاقتصادي، عاكسة تقييما قويا لمستقبل نشاط الأسواق، تتقدم الحركة السياحية صفوف النمو المتوقع، لترسم مشهدا جديدا افتقده اللبنانيون لأعوام خلت.
فبعدما أخذت الحجوز الفندقية بالارتفاع إلى معدلاتها التاريخية خلال موسم الصيف، وبدأ توافد السياح العرب وعودة الحياة إلى القطاعين المطعمي والترفيهي، ها هو قطاع تأجير السيارات ينخرط مجددا بعد سبات طويل، في معركة استعادة دوره ووظيفته السياحية.
أقصت ظروف الانهيار المالي والاقتصدي، وبعدها تداعيات الحرب، دور هذا القطاع، وأبعدته عن السوق، وبات يعمل بنسبة لا تتعدى الـ10% من طاقته، بالإضافة إلى الانخفاض الحاد في عدد السيارات الذي تعدى النصف تقريبا.
وصل عدد شركات تأجير السيارات السياحية عام 2019 إلى ما يقارب الـ325 شركة عام 2019، بمعدل عدد سيارات وصل بلغ 19960، أما حاليا فوصل عدد الشركات إلى نحو 180 شركة تضم 8 آلاف إلى 9 آلاف سيارة. فهل يعود القطاع إلى سابق عهده في الفترة المقبلة، خصوصا أن عيد الأضحى يبشر بعودته إلى ذروته؟
لا يعتبر رئيس نقابة تأجير السيارات السياحية الخصوصية في لبنان محمد دقدوق أن "الطلب على قطاع تأجير السيارات السياحية في فترة الاعياد بمثابة مؤشر لصحة القطاع أو قاعدة يمكن الركون إليها، إذ عادة يزداد الطلب في مواسم الأعياد، ومن ثم يعود الوضع إلى طبيعته.
وبما أن كل مكونات القطاع السياحي تعول على فترة العيد للنهوض من الكبوة التي رافقته في الأعوام الماضية، يشير دقدوق إلى أن "نسبة حجوز تأجير السيارات المتوقعة لفترة عيد الأضحى بين 80 و85%، لكن الميزان الرئيسي لعمل القطاع يمكن قياسه بعد فترة العيد، إذ إن المطلوب أن يتواصل زخم العمل بالنسب عينها وإلا سيقع القطاع في عجز".
أما أسباب المشكلة فيردها إلى أن "قطاع السيارات كان يضم أسطولا بنحو 20 ألف سيارة عام 2019، انخفض عددها حاليا إلى أقل من 9 آلاف سيارة، بتراجع نسبته نحو 60%. وثمة مشكلة أخرى تتعلق بطرازات السيارات، إذ إن ما نسبته 30% من السيارات الموجودة في الخدمة من طراز عامي 2017 و2018، وتاليا يفترض سحبها من الأسواق وفق ما ينص عليه القانون. وقد أصدرت وزيرة السياحة قرارا في هذا الخصوص، ولكن نأمل من القوى الأمنية التغاضي عن تنفيذه لتتمكن الشركات من تأجير السيارات، خصوصا أنها لا تزال في وضع جيد. فالقطاع يعاني، وليس في إمكانه شراء سيارات جديدة بتكاليف مرتفعة جدا، فيما أسعار تأجير السيارات لا تزال منخفضة. ويراوح ايجار السيارات الصغيرة بين 20 و35 دولارا حدا أقصى في موسم الذروة، أما السيارات ذات الحجم المتوسط فتراوح بين 30 و50 دولارا. ولكن حتما رقم الـ50 دولارا مستبعد لكون الإقبال محدودا ويقتصر على الزبائن المحليين، بما يجبر أصحاب المكاتب على تخفيضات بنسبة 20 إلى 50%".
وإذ يوضح أن "القطاع كان يعمل منذ أول السنة حتى اليوم بنسبة 10% إلى 15% حدا أقصى، يشير إلى أنه "في الأعوام الخمسة الماضية أقفلت شركات كثيرة لتأجير السيارات أبوابها، فيما خفض بعضها الآخر أسطوله. ولكن بعد تشكيل الحكومة والأمل بعودة البلاد إلى مسار النمو، أعاد القطاع هيكلة نفسه توازيا مع التوقعات بعودة السياح العرب والخليجيين والمغتربين إلى لبنان، ويفترض أن تكون نسبة تشغيل القطاع بين 80 و90% في أشهر الصيف، ليكون في مقدورنا الصمود وتعويض الأشهر الستة الماضية التي كان العمل فيها ضعيفا".
وفيما يأمل دقدوق من وزارتي السياحة والداخلية "تأجيل تنفيذ قرار سحب السيارات القديمة نوعا ما من الأسواق"، يوضح أن "مكاتب تأجير السيارات تأخذ في الاعتبار أن تعمل السيارة بمعدل يصل إلى نحو 60% سنويا على الأقل ليكون في مقدورها تغطية مصاريفها.
صحيح أن أجواء التفاؤل التي تسود، والاستقرار السياسي والأمني النسبي، دفعت بأهل قطاع تأجير السيارات إلى تمنين النفس بقرب العودة إلى العمل والنمو، ومغادرة مستنقع الجمود، بيد أن دقدوق يبرز مخاوف أصحاب الشركات من ضخ أموالهم لتحديث أسطول سياراتهم قبل عودة الاستقرار الكلي إلى البلاد، وخصوصا أن القطاع "يعتمد على فتح المحافظات جميعها بعضها على بعض، فيما الأوضاع في محافظة الجنوب لا تزال محفوفة بالخطر، علما أن ثمة نحو 15 شركة لتأجير السيارات في الجنوب لا تزال أبوابها مقفلة نتيجة الاعتداءات الإسرائيلية".