مخالفات دستورية في قوانين الانتخاب

مخالفات دستورية في قوانين الانتخاب

image

مخالفات دستورية في قوانين الانتخاب

المناصفة إسلامية - مسيحية فقط والتوزيع داخل الطائفتين غير ثابت

علي ناصر الدين - الاخبار
منذ عام 1992، نُظّمت الانتخابات النيابية وفقاً لنظام الاقتراع الأكثري، وشهدت كل انتخابات تـقسيماً للدوائر، وتوزيعاً للمقاعد النيابية على المذاهب والدوائر، بناء على مصالح بعض القوى السياسية الحاكمة. هذه الدراسة تلقي الضوء على المخالفات الدستورية التي شابت القوانين الانتخابية منذ عام 1992، بعد اتفاق الطائف، وتحديداً في الجانب الإحصائي منها


تنصّ المادة 24 من الدستور، المتعلقة حصراً بالانتخابات النيابية، على توزيع المقاعد النيابية وفقاً للقواعد الآتية:
أ - بالتساوي بين المسيحيين والمسلمين.
ب - نسبياً بين طوائف كل من الفئتين.
ج - نسبياً بين المناطق.

يعني ذلك أن الثابت الوحيد في توزيع المقاعد النيابية هو ما نصّت عليه الفقرة «أ» من هذه المادة، أي المساواة في عدد المقاعد بين المسيحيين والمسلمين. أما الفقرة «ب» فتعني أن تتوزع المقاعد وفقاً للقاعدة الآتية: يُحتسب معدل المقعد الواحد لكل من الفئتين (المسيحيين والمسلمين) كلّ على حدى، وتُوزّع نسبياً وفقاً لعدد ناخبي كل مذهب، مع اعتماد قاعدة أكبر البقايا بالنسبة إلى الكسور المتبقية. أما الفقرة «ج» فتعني أن توزيع المقاعد ضمن المذهب الواحد على الدوائر الانتخابية يتمّ وفقاً للقاعدة الآتية: يتم احتساب معدل المقعد الواحد لكل مذهب، ثم توزع المقاعد نسبياً على الدوائر الانتخابية، مع اعتماد قاعدة أكبر البقايا بالنسبة إلى الكسور المتبقية.

توزيع المقاعد على المذاهب
يبلغ عدد نواب المجلس النيابي 128، مُقسّمين مناصفة بين المسلمين والمسيحيين. وبالعودة إلى كل من الفئتين (وفقاً للنص)، يساوي نصيب المقعد الواحد مجموع ناخبي الفئة مقسوماً على 64. وبالتالي، تُوزّع المقاعد وفقاً للجدول الرقم 1، مع اعتماد توزيع المقاعد الكسور على أكبر البقايا، أي الصيغة المعتمدة في قانون الانتخابات النيابية الصادر عام 2017.

بناء على هذا الجدول، يتبيّن وجود المخالفات الآتية في القوانين الانتخابية:
- حصة الشيعة 27 مقعداً بدل 29.
- حصة السـنة 27 مقعداً بدل 29.
- حصة الدروز ثمانية مقاعد بدل خمسة.
- حصة العلويين مقعدان بدل واحد.
- حصة الموارنة 34 مقعداً بدل 36.
- حصة الروم الأرثوذكس 14 مقعداً بدل 12.
- حصة الأرمن الأرثوذكس 5 مقاعد بدل أربعة.
- حصة الأقليات مقعد واحد بدل اثنين.
وبالتالي، فإن توزيع المقاعد على المذاهب، ينبغي أن يكون وفقاً للجدول الرقم 2.

المناصفة إسلامية - مسيحية فقط والتوزيع داخل الطائفتين غير ثابت ويخضع للتغيرات الديموغرافية
توزيع المقاعد على المناطق
بالعودة إلى الفقرة «ج» من المادة 24، تُوزّع المقاعد نسبياً بين المناطق، والمقصود توزيع المقـاعد المذهبية نسبياً على الدوائـر الانتخابية. والدوائر المفترض اعتمادها في قوانين الانتخابات هي المحافـظة، بناءً على وثيقة الوفاق الوطـني التي تـنص في الفقرة الثانية على أن «الدائرة الانتخابية هي المحافظة». والسؤال الأهم في هذا الإطار هو حول طبيعة المحافظة التي ستوزع عليها المقاعد نسبياً وفقاً للفقرة «ج». وهنا تبرز خيارات عدة: هل هي المحافظات التاريخية (5 محافظات)؟ أم بشكلها الحالي (9 محافظات)؟ أم الدوائر الـ 15 الحالية؟

وتُوزّع المقاعد المذهبية على الدوائر وفقاً للقاعدة التالية: يُحتسب معدل المقعد الواحد لكل مذهب، ثم توزع المقاعد نسبياً على الدوائر الانتخابية وفقاً للجدول الرقم 2، مع اعتماد قاعدة أكبر البقايا بالنسبة إلى الكسور المتبقية.
باعتماد المحافظات التاريخية الخمس، أي بيروت وجبل لبنان ولبنان الجنوبي ولبنان الشمالي والبقاع، ينبغي أن تتوزّع المقاعد النيابية على المحافظات الخمس وفق الجدول الرقم 3.

أما وفق الدوائر الانتخابية الـ 15 المعتمدة في قانون الانتخابات النيابية الصادر عام 2017، فيكون توزيع المقاعد على النحو الوارد في الجدول رقم 4.
وفي حال اعتماد المحافظات التسع، يكون توزيع المقاعد النيابية على الدوائر الانتخابية وفقاً للجدول رقم 5.

بناءً على ذلك، وبالمقارنة مع المادة 24 من الدستور عطفاً على ما ورد في وثيقة الوفاق الوطني (وثيقة الطائف)، يبدو واضحاً أن المطلوب هو المناصفة الإسلامية - المسيحية، لذا ذكرت المناصفة حرفياً في نص المادة، أما باقي التوزيع، فيخضع لديموغرافيا كل من الديانتين، ومناطقياً ضمن كل طائفة أو مذهب، وبقي هذان التوزيعان، الطائفي والمناطقي، غير ثابتين، وبالتالي خاضعَين للتغيرات الديموغرافية والمناطقية.

لذلك، برزت في التطبيق مخالفات واضحة لأسباب عدة، أهمها:
1 - إرضاء بعض القوى الداخلية والخارجية، خصوصاً خلال حقبة الوصاية السورية، بإعطاء الطائفة العلوية مقعدين بدل مقعد واحد.
2 - إرضاء الطائفة الدرزية بمنحها 8 مقاعد بدل 5.
3 - حرمان الموارنة من مقعدين شكلاً، وتوزيع الباقي بشكل غير قانوني، وذلك بمنح مدينة طرابلس مقعداً مارونياً بدلاً من دائرة النبطية.
4 - حرمان دائرة عكار من مقعدين سنّيين ومقعد ماروني واستبدالهم بمقعد علوي واحد، مع العلم أن عدد الناخبين السنة في عكار زاد بشكل كبير بعد مرسوم التجنيس عام 1995.
5 - توزيع المقاعد بشكل يضمن لبعض القوى السياسية والطائفية الحصول على مقاعد إضافية، ليكون لها وزن في المجلس النيابي وفي تشكيل الحكومات، خصوصاً في ظل قانون الانتخاب الأكثري الذي كان معتمداً.
6 - تقسيم الدوائر الانتخابية خلافاً لوثيقة الوفاق الوطني ما يتيح لبعض القوى السياسية والطائفية الهيمنة على مقاعد نيابية أكبر من حجمها التمثيلي.