ماذا وراء الصمت الراعي المتواصل؟
البطريركية تعود لمهمتها التاريخية بتصويب البوصلة ولمّ الشمل
بولا مراد - "الديار"
صحيح ان البطريرك الماروني بشارة الراعي لا يزال في مرحلة استعادة عافيته بعد الجراحة التي أُجريت له في وركه، ما ادى لغيابه عن قداديس الاحد طوال الشهر الماضي وبالتالي عدم صدور اي مواقف سياسية عنه كانت تلحظها عظته.
لكنه يتابع عن كثب كل التطورات الامنية والسياسية وبخاصة تلك المرتبطة بالوضع في الجنوب كما بملف السلاح الفلسطيني وسلاح حزب الله.
وتشير مصادر مطلعة على جوه انه هو الذي كان ابرز المتحمسين لوصول العماد جوزيف عون لسدة الرئاسة، لا يزال داعما له ولآدائه ومواقفه حتى النهاية، ويعتبر ان "الاندفاع المفرط في ملف السلاح غير الشرعي قد يؤدي لنتائج وخيمة على البلد ككل، لذلك يوافق تماما ان الحل الذي يتمسك به عون والذي يقول بالحوار وبالقيام بخطوات متأنية ومحسوبة هو الامثل في هذه المرحلة ، من دون ان يعني ذلك التلكؤ او التسليم للامر الواقع في لحظة استثنائية في المنطقة يُفترض اقتناصها".
ولا شك ان الراعي الذي لطالما اعتبر ان السيادة اللبنانية لا تُجزّأ وان على الدولة بسط سيطرتها على كامل اراضيها وضمنا المخيمات الفلسطينية، يتابع بحماسة وسرور الخطوات التي تتخذ في هذا المجال. وهو مقتنع ان العملية لا تتم بسحر ساحر نتيجة التعقيدات الكبرى المحيطة بالملف، لذلك يرى ان تجزئته لجهة سحب السلاح اولا من مخيمات بيروت ومن ثم من باقي المخيمات التي يُعتبر وضعها اكثر حساسية، هو القرار الافضل لمنع انفجار المخيمات وعلى رأسها مخيم "عين الحلوة" الذي يُعتبر قنبلة موقوتة قد تنفجر في اية لحظة وبخاصة في حال وجدت العوامل التي تشعل الفتيل.
وبحسب المصادر، يعتبر الراعي ان "انجاح العهد مهمة كل القوى دون استثناء، سواء اكانت تؤيد وصول عون الى سدة الرئاسة ام لا، لانه اذا فشل هذا العهد سيعني حكما تحول لبنان دولة فاشلة من منطلق ان المجتمعين العربي والدولي يعطيان البلد فرصة هي الاخيرة، فاما يتم اقتناصها أو تفويتها ومعها التسليم بتمدد واقعنا المرير الراهن الى اجل غير مسمى". وتضيف المصادر:"من هنا تشديد البطريرك على وجوب حل اي سوء تفاهم بين الرؤساء الثلاثة سواء بين رئيسي الجمهورية والحكومة او بين الاخير ورئيس المجلس النيابي لاعتباره ان المرحلة تستلزم تعاون وتنسيق متواصل ويومي بين الـ٣ وان لا مكان اطلاقا للمناكفات وتسجيل النقاط على بعضهم البعض".
وينظر الراعي باعجاب كبير لآداء الجيش اللبناني في منطقة جنوبي الليطاني وان كان يخشى مغامرة اسرائيلية جديدة في حال عدم تسريع الخطوات باتجاه حسم ملف السلاح بسرعة وبشكل كامل. كما انه يتبنى الموقف اللبناني الرسمي الداعي لانسحاب اسرائيلي فوري من النقاط الـ٥ التي لا تزال محتلة وتحرير الاسرى ووقف الخروقات المتواصلة لاتفاق وقف النار.
اما على المستوى المسيحي، فهو واكب الانتخابات البلدية وما افرزته من عودة لشد الحبال بين القوى المسيحية الرئيسية، ويأمل ان يكون قد تم طي تلك المرحلة وتفادي مزيدا من الانقسامات التي لا تخدم لا المصلحة المسيحية ولا المصلحة الوطنية العليا.
وبحسب المعلومات، يعود الراعي رويدا رويدا للعمل العام وعقد لقاءات واجتماعات مع ترجيح ترؤسه قداس هذا الاحد في بكركي معلنا بذلك عودة البطريركية لمهمتها التاريخية بتصويب البوصلة ولمّ الشمل والدفع لترسيخ السيادة اللبنانية.