لبنان على شفا كارثة صحيّة: 80% مدخنون و"التنفيخ" يقتل بصمت أجيال المستقبل!

لبنان على شفا كارثة صحيّة: 80% مدخنون و"التنفيخ" يقتل بصمت أجيال المستقبل!

image


لبنان على شفا كارثة صحيّة: 80% مدخنون و"التنفيخ" يقتل بصمت أجيال المستقبل!
 البيانات مُخيفة.. والشباب في دائرة الخطر!  واقع صحي مقلق يتطلب اهتماماً فورياً 

ندى عبد الرزاق -الديار
 
في 31 أيار من كل عام، يحيي العالم اليوم العالمي للامتناع عن التدخين، وهي مناسبة دولية تهدف إلى تسليط الضوء على مخاطر التدخين وآثاره السلبية على الصحة العامة. ويكتسب هذا الحدث أهمية متزايدة في ظل تفاقم هذه الظاهرة بين فئات عمرية مختلفة، لا سيما الشباب الذين يشكلون عماد المستقبل الصحي للمجتمعات.

من زاوية اخرى، تكشف مصادر في وزارة الصحة اللبنانية لـ "الديار" ان "نسبة المدخنين في لبنان تصل إلى 80%، موزعة بين 45% رجال و35% نساء، بينما يبلغ معدل غير المدخنين 20%"..

وعلى المستوى المحلي، تسلط هذه الأرقام الضوء على واقع صحي مقلق يتطلب اهتماماً فورياً وإجراءات حازمة للحد من اتساع هذه الآفة، بعيدا عن اللامبالاة والتهاون، خصوصاً وأن التدخين بات يهدد صحة الأجيال الناشئة ويزيد من عبء الأمراض المزمنة في المجتمع.

وضع الاصبع على الجرح يكفي!

وفي نفس الصدد، أكد وزير الصحة العامة، الدكتور راكان ناصر الدين، خلال كلمته في مؤتمر نظمته جمعية "حياة حرة بلا تدخين"، قبل أيام قليلة، في اليوم العالمي للامتناع عن التدخين لعام 2025، على ضرورة اتخاذ إجراءات صارمة وحازمة لتفعيل القانون 174 المتعلق بمنع التدخين، مؤكداً أن هذه الخطوة لا تقتصر على تطبيق قانون فحسب، بل هي معركة حيوية لمواجهة أحد أخطر عوامل الخطر على الصحة العامة. وشدد ناصرالدين على أهمية التوعية المجتمعية المستمرة، معتبراً أن التصدي لهذه الآفة يتطلب إصراراً وثباتاً.

وحظي المؤتمر بدعم وزارة الصحة العامة، وبالشراكة مع الجامعة الأميركية في بيروت، حيث انعقد في "بيت الطبيب" بالعاصمة بيروت، في إطار تحرك جماعي يشدد على دور القانون في حماية الصحة العامة من أضرار التدخين.

وفي سياق متصل، أكدت وزيرة السياحة، لورا لحود، أهمية تطبيق القانون 174، وبيّنت أن عدم الالتزام بهذا القانون الذي يحظر التدخين في الأماكن المغلقة يضر بصحة الجميع، ولا يُفيد أحدا. مشيرة الى أن الصحة العامة تشكل أولوية لا يمكن المساومة عليها، معلنة عن تعاون وثيق بين وزارة السياحة والجهات المعنية في القطاعين الصحي والسياحي لوضع خطة واقعية وفعالة لتفعيل تطبيق القانون على أرض الواقع.

من جهته، رأى نقيب أطباء لبنان في بيروت، الدكتور يوسف بخاش، أن المؤتمر يحمل على عاتقه مهمة تسليط الضوء على التدخين كآفة صحية خطرة، تؤثر في المجتمع بأسره، داعيا إلى مزيد من الجهود والتنسيق بين القطاعات المختلفة لمواجهتها.

قانون 174.. "حجر الزاوية" الذي لم يسند أحدا!

وعلى الصعيد التشريعي، تجدر الإشارة الى القانون رقم 174 الذي أقرّ في عام 2011، ويُعتبر حجر الزاوية في جهود مكافحة التدخين في لبنان. هذا القانون جاء ليضع حدا نهائيا للتدخين في الأماكن العامة المغلقة، سواء كانت مطاعم أو مقاهي أو مؤسسات تعليمية أو صحية أو أماكن عمل، بهدف حماية الصحة العامة من أضرار التدخين السلبي. ورغم وضوح بنود القانون وضرورة تطبيقه، إلا أن الواقع يُظهر ضعفاً في الالتزام به، خاصة في القطاعات المطعمية والسياحية، حيث لا تزال ظاهرة التدخين منتشرة وفوضوية. لذا، فإن تفعيل هذا القانون ومراقبة تطبيقه بشكل صارم يمثلان خطوة حيوية لا غنى عنها للحد من انتشار التدخين، وحماية أجيال لبنان القادمة من المخاطر الصحية الناجمة عنه.

الإصابة بأحد الامراض المزمنة.. حاصلة لا محالة!

من جانبه، يقول رئيس قسم أمراض القلب في مستشفى رزق، البروفيسور جورج غانم، لـ "الديار"، إن "التدخين، وبشكل خاص عند الشباب، أي من عمر الأربعين وما دون، هو أهمّ سبب لأمراض التصلّب والجلطات في شرايين القلب والذبحات القلبية".

المعطيات مخيفة!

ويكشف أن "الإحصاءات في لبنان، التي شملت نحو مئة ألف مريض، وُضِعت خلال فترة امتدت بين 10 و15 سنة، ضمن إطار عمل الجمعية اللبنانية لأمراض القلب (Lebanese Coronary Artery Registry). ويهدف هذا السجل الى جمع بيانات طبية مفصّلة حول مرضى أمراض القلب التاجية، وتقييم أنماط الإصابة، والعلاج، والاستجابة. وقد غطّى التوثيق جميع الذين خضعوا لعمليات تمييل وتوسيع شرايين القلب، ووجدنا أن التدخين في هذه الفئة العمرية هو السبب الأهم لأمراض القلب والشرايين".

بلاء ينال من اليافعين

ويشدّد على أن "الشباب، لأنهم يتأذون بشكل أكبر، فكلّما بدأ الشخص بالتدخين في عمر صغير، تضرّرت شرايينه أكثر. لذلك يجب الانتباه بجدية إلى هذه المسألة، والعمل بشكل مكثّف على توعية هذا الجيل بأن التدخين، بما فيه تنفيخ النرجيلة، ليس أمرا بسيطا، إذ إنّ كل نفس منها يعادل علبة سجائر، وهذا الأمر ليس مزحة".

ويؤكّد أنّه "لا بدّ من وجود وعي تام بأضرار هذه الآفة، ونتأمل من وزارة الصحة اللبنانية والحكومة الجديدة إعادة تفعيل القوانين التي تضع حدًّا للفلتان الحاصل في المطاعم والأماكن العامة والمفتوحة".

معركة الصحة ضد المدخنين في الأماكن العامة

ويشير إلى أنه "من المعيب أن يبقى لبنان في حالة الفوضى التي يشهدها القطاع المطعمي وغيره من المؤسسات المشابهة. وقد يعتبر البعض أنّ هذه القضية تافهة، لكنّ تنظيم الأمور يجب أن يشمل جميع جوانب الحياة في البلاد، لأنّ هذا الأمر يتعلّق بالصحة العامة. وقد بدأت هذه الظاهرة تتسرّب حتى إلى المستشفيات، وإنْ كان ذلك ضمن نطاق ضيّق، إذ نضطر إلى طلب الأمن لضبط المدخنين وإجبارهم على الخروج إلى خارج حرم المستشفى، وهذا أمر غير مقبول. ولذلك، لا بدّ من نشر ثقافة الاحترام في المطاعم والمقاهي والأماكن العامة، احتراما لأولئك الذين لا يريدون التدخين. ومن يريد التدخين، من المفترض أن يكون في مساحة خارج هذه الأماكن، في الهواء الطلق".

الوعي: السبيل لإنقاذ الأجيال القادمة

ويختتم حديثه بالتشديد على أنّ "المدخّن لن ينجو في جميع الحالات؛ ففي حال سلِم من ذبحة قلبية أو مشاكل جلطات الشرايين، فقد يُصاب بمرض السرطان، لا سمح الله. وإن لم يُصب بهذا الداء الخبيث، فالأكيد أن رئتيه ستتأثران وتتدهوران، بحيث لا تعودان قادرتين على القيام بعملهما وتبادل الهواء والأوكسجين بالشكل الطبيعي بعد سن الستين وما فوق، فيعيش وكأنه يختنق. لذلك، يجب التحلّي بالوعي، وإن لم يكن هذا كافيا وحده، كما ينبغي أن تكون هناك قوانين مفعّلة ومشدّدة".