لغة مزدوجة تجعل لبنان بلسانَيْن وسلطاته بوجهَيْن... مخلوق لبناني غريب؟...
الحجار: السبيل الوحيد للخروج من الأزمات هو الدولة
أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"
غريبة فعلاً هي دولتنا اللبنانية التي سلكت سبيل استعراض إنجازاتها منذ أيام، في وقت واحد ومُوازٍ للاستمرار في الاحتفاظ بلغة مزدوجة، على أكثر من مستوى.
كلام مُلتبِس
فعلى سبيل المثال، يؤكد الجميع أن الحوار الداخلي هو السبيل لتمكين الدولة من بسط سيادتها على كامل أراضيها، وأن هذا الحوار يسير في مساره الصحيح، وذلك جنباً الى جنب رفض حصره بروزنامة، أو بمهل زمنية محددة. وهنا يصبح السؤال، كيف نصدّق أن هناك حواراً داخلياً جدياً وفعّالاً، إذا كان الحديث عن مدة زمنية محصورة له مسألة مستحيلة؟
وبموازاة ذلك، يؤكد الجميع أيضاً أن قطار الإصلاحات والانطلاق بالدولة، وبحصرية السلاح في يدها، انطلق، وذلك جنباً الى جنب الحفاظ على خطابات وتصريحات مُلتبِسَة من مستوى القول إن تلك القضايا خاضِعَة لمسار داخلي من الحكمة، والتروّي، والتبصُّر، و...
في وقت واحد
وانطلاقاً مما سبق، أي إنجازات هي تلك التي استعرضتها الحكومة والدولة اللبنانية قبل أيام، على وقع تدهور الأوضاع الأمنية في البلد، وصولاً الى الضاحية الجنوبية لبيروت، بُعَيْد زيارة وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي لبنان، وهي زيارة زخرت بكلام إيراني مزدوج تجاه الدولة في لبنان، بين تأكيد طهران رغبتها بفتح صفحة جديدة مع الدولة اللبنانية، واحترام سيادتها، من جهة، وبين تصريح وزير خارجيتها بأن درب المقاومة والانتصارات مستمرة، من جهة أخرى.
وبالتالي، كيف يمكن التنسيق بين احترام طهران للسيادة اللبنانية، ولدرب الانتصارات "الإيرانية" عبر الأراضي اللبنانية، في وقت واحد، وفي زمن المطالبة بإمساك الدولة اللبنانية بقرار السلم والحرب في يدها هي وحدها؟
استبشَروا خيراً...
تعليقاً على آخر المستجدات، أشار النائب السابق محمد الحجار الى أن "اللبنانيين استبشَروا خيراً كبيراً بانتخاب العماد جوزف عون رئيساً للجمهورية، وبتكليف الدكتور نواف سلام برئاسة الحكومة، للخروج من النفق المُظلِم الذي يعيشون فيه، بفعل إصرار أطراف داخلية على ممارسة عملها من ضمن دويلتها".
وشدد في حديث لوكالة "أخبار اليوم" على أن "ما يحرم الناس في لبنان من التفاؤل الآن، هو الاعتداءات الإسرائيلية، وتدمير القرى والبلدات الحدودية، وصولاً الى البقاع والضاحية الجنوبية، والتي كان آخرها العدوان الأخير الذي دُمِّرَت خلاله عشرات الوحدات السكنية من جانب عدوّ غاصب لا يرحم، يرتكب المجازر اليومية أمام أعيُن مجتمع دولي لم يأخذ حتى الآن أي موقف صارم لوقف مجازره التي تُرتَكَب في فلسطين المحتلة، وفي غزة تحديداً".
الدولة وحدها
ولفت الحجار الى أن "القطار اللبناني وُضِعَ على سكة الخروج من النفق المُظلِم، وهذا صحيح. ولكن هذا القطار يسير بخطى ثقيلة جداً. وقد يكون السبب في ذلك الظروف المحيطة، وعدم توفُّر الدعم الدولي الكافي لوقف إسرائيل عن عدوانها. هذا فضلاً عن أنه على المستوى الداخلي، كنا نتمنى وجود إصرار أكبر على تمكين الدولة من بسط سيادتها على كامل أراضيها، وحصر السلاح بيدها، تماماً كما ورد ذلك في خطاب القسم لفخامة الرئيس، وفي البيان الوزاري للحكومة الذي نالت على أساسه الثقة، لا سيّما أنه إذا لم يحصل ذلك، فلا أموال ولا إعادة إعمار".
وأضاف:"من هنا ندعو دائماً الى أن يأخذ "حزب الله" تلك الأمور في اعتباره، وأن يتوقف عن إصراره على الاستمرار بدويلته خارج إطار الدولة اللبنانية. فالسبيل الوحيد للخروج من الأزمات، هو الدولة وحدها، وتمكينها وحدها من ممارسة سيادتها. كما أن اللبنانيين يحتاجون الى أفعال على الأرض، على هذا المستوى، خصوصاً أننا نعيش أزمات اقتصادية متلاحقة، الى جانب الدمار لدى أهلنا في الجنوب والضاحية والبقاع".
ساحة؟
ورأى الحجار أن "المطلوب من "حزب الله" أولاً وأخيراً هو أن يسارع الى تحويل ما وافق عليه في البيان الوزاري الى واقع فعلي، وأن يُقلِع عن رفع شعارات بأن المقاومة تواجه العدوان الإسرائيلي. فالمقاومة تواجه إذا توفّر الإجماع الوطني العام بشأنها، وإذا كان قرار الحرب والسّلم بيد الدولة اللبنانية، وليس بيد أطراف في الداخل والخارج، تستخدم لبنان كساحة أو كصندوق بريد، كما تفعل إيران".
وختم الحجار بالدعوة الى الوعي الى أن "العدو الاسرائيلي يتربّص بنا، ويكيد المكائد لنا، ويريد الفتن الطائفية والداخلية في لبنان. ولكن لا يجب أن يعطيه أي طرف داخلي الذرائع التي تمكّنه من تحقيق أهدافه".