التقرير الفرنسي بتفجير المرفأ: لا ضربة خارجية

التقرير الفرنسي بتفجير المرفأ: لا ضربة خارجية

image

فرح منصور - المدن

بعد انفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب العام 2020، فتح القضاء الفرنسي تحقيقًا لمعرفة ملابسات هذا الانفجار، وذلك نتيجة وجود ضحايا وعشرات الجرحى من الذين يحملون الجنسيّة الفرنسيّة. بعدها، سلّم القضاء الفرنسي ثلاثة تقارير للقضاء اللبناني حول انفجار المرفأ: الأول هو نتيجة الفحوص التربة التي أجراها فريق فرنسي متخصص في المرفأ، الثاني هو مجموعة صور للأقمار الصناعية، الثالث هو تقرير فني تقني، وكان من المفترض أن يُسلّم التقرير الفني النهائي منذ حوالى الشهر للمحقق العدلي طارق البيطار، وهو خلاصة التحقيقات الفرنسية بعد خمس سنوات من العمل، لكن الوفد القضائي الفرنسي لم يسلّمه بعد.  

"المدن"، تنفرد بنشر التقرير الفني الأول الذي سُلّم للقضاء اللبناني في العام 2021.

ما توصلت إليه التحقيقات الفرنسي  في تقريرها الأول:

- أدى اندلاع الحريق في العنبر (12) إلى حصول انفجارين، لكن لم يتم تحديد مكان انطلاق الحريق الأول، لأن الأدلة مُحيت بكاملها بسبب الانفجارين.

- مصادر احتراق المنطقة عديدة، وممكن أن تكون ناتجة عن أعمال تلحيم، مشكلة في التيار الكهربائي، أو سبب آخر (سيجارة غير مطفأة لموظف).

- لم يتم مراعاة ظروف التخزين داخل العنبر لكافة المواد الموجودة من حيث عزلها أو توضيبها، أو من حيث الحرص على عدم تعرضها لحرارة مرتفعة.

- لا يوجد تدخل خارجي لحصول الانفجار، كونه لو ثمة تدخلًا خارجيًا لكانت المواد انفجرت فورًا من دون أن يسبق ذلك حريق.

- بحسب المصادر، قُدرت الكمية التي انفجرت بين الـ700 والـ1000 طنًا من نيترات الأمونيوم.

- تبيّن للسلطات الفرنسية أن خطورة البضائع التي كانت موجودة في سفينة روسوس كانت مأخوذة بعين الاعتبار من قبل كافة المعنيين، ومنذ لحظة تفريغ نيترات الأمونيوم في العنبر 12، لكن لم تتخذ أية قرارات للحماية من خطورتها، وأهمل الأمر.



- منذ رسو السفينة أي بتاريخ 25\11\2013 لم يقم أي معني أو مسؤول عن السفينة بأية مبادرة، بل ترك الأمر للمسؤولين اللبنانيين لحلّ هذه القضية.

- وصول السفينة إلى مرفأ بيروت لم يكن مخطّطًا له سابقًا، لكن أخذ القرار بعد أن واجه طاقم السفينة مشكلة في إفراغ البضاعة، وثانيًا المشكلة المادية المتوجبة على السفينة لعبورها قناة السويس.

معلومات حصلت عليها فرنسا
القسم المتضرر من المرفأ مكون أساسًا من العنابر، وبقربه كمية من القمح والذرة. تبلغ مساحة العنبر (12) 5000 م2، خُزن فيه 2750 طنًا من نيترات الأمونيوم. مواد أخرى وجدت داخل العنبر: الفتيل البطيء، براميل الكيروزين، علب زيت، مفرقعات نارية، براميل ميتانول. بدأت أعمال التلحيم في تمام الساعة الخامسة لأحد أبواب العنبر 12.

ما هو شكل العنبر 12؟
هو مبنى مكسو معدنيًا، طوله 110 أمتار وعرضه 40 مترًا، فيه ستة أبواب معدنية مزدوجة من كل جهة مرقمة من 1 إلى 6 من الشمال إلى الجنوب، ومن 7 إلى 12 من الجنوب إلى الشمال من الواجهة الشرقية.

- بعد الانفجار وجد على الطرف الشمالي للعنبر 12 على حافة الحفرة عدة عناصر مبعثرة مع أكوام التراب والرمل بسبب ضغط الانفجار ومنها: بقايا تغليف نيترات الأمونيوم، أكياس بيضاء مع طباعة باللون الأزرق، الأخضر، البرتقالي من بولياتيلان 50 كلغ من مؤسسة kemira،



- كمية مهمة من المواد البيضاء عُثر عليها، هذه المواد ذابت ثم أصبحت كريستالًا بسبب الحرارة المنبعثة من الانفجار.

- حوالى 20 علبة معدنية ذهبية من الزيت مقفلة ببلاستك أحمر مدون عليها أنها زيت غذائي.

- 4 علب معدنية لونها رمادي ممزقة ومشوهة، وهي عبارة عن علب سعتها 50 ليترًا من الميتانول من نوع فلوكا.

- الكيروسين، براميل زرقاء اللون سعتها 2000 ليترًا، وهي براميل من الفولاذ تستخدم لنقل مواد خطرة سائلة، تحتوي على سائل شفاف، ونتيجة اختبار امتزاجه مع الماء واختبار اتجاه الأشعة تحت الحمراء التي أجريت عليه يدل على أنه سائل عضوي.

- الفتيل البطيء: أعمال الحفر أظهرت وجود عدة لفائف فتيل مكلسة ملغمة.

 - عناصر أخرى: علبة بلاستيك زرقاء، قنينة جل استحمام، برميل ايتانول، قرطاسية، إطار، لفائف تغليف، لفائف أقمشة.

كيف اندلع الحريق؟
حريق واحد أدى لانفجارين في العنبر رقم 12، حريق في بيئة محصورة حيث تم تخزين العديد من المواد المقابلة للاحتراق، ونيترات الأمونيوم التي هي مناسبة لخلق ظروف التفجير، (أي تحلل أو احتراق تكون سرعته أكبر بكثير من سرعة الصوت). لم يتمكن الفرنسيون من تحديد مكان انطلاق الحريق لأن الانفجارين أديا لمحو كل الأدلة.



وحسب المقاطع المصورة: بدأ الحريق في القسم الشمالي للمبنى، إشعاعات ومفرقعات نارية واضحة تمامًا، وتمدد الحريق باتجاه الجنوب \ الجنوب الشرقي. حصل الانفجار الأول، وعدة عناصر سقطت بين الدخان الكثيف، وأتى الحريق الثاني ومن ثم الانفجار.

- لحظة بدء الحريق ظهرت شعاعات تدل على المفرقعات، ولكن ليس في اللحظات الأولى للحريق، والانفجار قذف السفينة AMADEO، الراسية على الرصيف 9.

- امتداد الحريق أدى إلى الانفجارين، إضافة إلى وجود مواد مخزنة في العنبر رقم 12، قابلة للاشتعال وللتفجير في ظروف معينة.

- موجة مياه البحر تعلو بسبب ضغط الانفجار.

فرضيات احتراق المنطقة الأولى التي بدأت بها الكارثة:
- أعمال التلحيم: تمت أعمال التلحيم قبل ساعات من بدء الحريق.

- مشكلة الكهرباء: لم يعرف كم تبلغ مدة التركيب الكهربائي، في حال تمت أعمال على الامدادات، إذا كان البناء مزودًا بنظام السلامة من الحرائق.

- استعمال شيء تافه: سيجارة غير مطفأة لموظف مثلاً..



أخذ العديد من العينات، للبحث فيها عن مواد قابلة للاشتعال، أو احتمال وجود مسرّع لانطلاق الحريق، أو إن كان هناك متفجر خارجيّ.

كُشف على المرفأ في تاريخ 14 آب 2020، بأمر من جان لوك غادو، النائب الأول لرئيس المحكمة المكلف بالتحقيق بالمحكمة القضائية، وماري كاترين ايديارت، نائب رئيس محكمة العدل في باريس.

يتبين بحسب المعهد القومي للبحوث والأمن أن مادة نيترات الأمونيوم هو ملح من دون لون، بشكل كريستال، يذوب في الماء بسهولة، حرارة ذوبانه 169,6 درجة، مادة مؤكسدة تؤدي إلى احتراق مواد أخرى حتى ولو بكمية قليلة، ارتفاع حرارتها حتى 200 درجة يؤدي إلى تحللها ويعطيها خصائص الاشتعال، تحللها يعطي مركب آزوتي خاصة من مونوكسيد الآزوت الذي يتأكسد مع الهواء إلى ديوكسيد الآزوت وبخار النيترات الأحمر. الأمونيوم هي أسمدة آزوت مكونة من نيترات الأمونيوم وتتواجد على شكلين: إما أن تكون بعيار عالي وتتكون من 93 بالمئة إلى 98 بالمئة من نيترات الأمونيوم أو بعيار خفيف أي أقل من 80 بالمئة من نيترات الأمونيوم.

- لم يتم مراعاة ظروف التخزين لكافة المواد من حيث عزلها وتوضيبها، ومن حيث الحرص على عدم تعرضها لحرارة مرتفعة.

ماذا استنتجت التحقيقات الفرنسية الأولية؟
الاستنتاج في التقرير الأول: حريق سبق الانفجارين. لا تدخل خارجيّ. لو ثمة تدخل خارجي لكانت هذه المواد انفجرت فورًا من دون أن يسبق ذلك حريق.



(*) ما ذكرناه هو عبارة عن تحقيقات جاءت في تقارير فرنسية بعد انفجار مرفأ بيروت، وفي التقرير الفني الأخير سيعلن عن خلاصة كل التحقيقات الفرنسية.

(*) تنشر "المدن" الجزء الثاني من التقرير الفرنسي غداً السبت.