خلال إطلاق "لادي" مبادرة الإصلاح الانتخابي في لبنان 2026 بتمويل أوروبي
أطلقت الجمعية اللبنانية من أجل ديموقراطية الانتخابات (لادي)، بتمويل من الاتحاد الأوروبي، "مبادرة الإصلاح الانتخابي في لبنان 2026"، بهدف فتح النقاش حول أولويات الإصلاح الانتخابي ودعم الجهود السيادية للحكومة اللبنانية ومجلس النواب.
وتشمل هذه الأولويات: تعزيز هيئة الإشراف على الانتخابات، إنشاء الميغاسنتر، تعزيز المشاركة السياسية للنساء، وتحسين إجراءات يوم الاقتراع.
جاء ذلك في خلال مؤتمر وطني عقد في فندق جفينور روتانا - بيروت، برعاية رئيس مجلس الوزراء الدكتور نواف سلام ممثلا بنائب رئيس مجلس الوزراء الدكتور طارق متري، وفي حضور عدد من النواب وممثلي الهيئات الرسمية والسفراء والمنظمات الدولية والمحلية.
متري
"لا يختلف إثنان، في أن اصلاح النظام الانتخابي مطلب فئات لبنانية واسعة ولعله بات ضرورة وطنية لجهة تحقيق مبدأ المساواة بين المواطنين في الترشيح والاقتراع وتعزيز حسن التمثيل السياسي واعادة بناء ثقة اللبنانيين بدولتهم.
لقد جاء في البيان الوزاري للحكومة التزامنا بالسير في اصلاحات تكرس الشفافية والمحاسبة في مختلف المجالات وهذا ينطبق، بطبيعة الحال على النظام الانتخابي والادارة الانتخابية، بما ينسجم مع اهداف هذا المؤتمر ومع الدروس المستخلصة من الانتخابات الماضية.
التزمت حكومتنا، اجراء الانتخابات البلدية والاختيارية والنيابية في مواعيدها الدستورية كما التزمنا ترفع الدولة عن ان أي إنحياز لطرف ضد آخر، او أي تدخل في مجرى العملية الانتخابية، مع اعتماد الشفافية الكاملة في التنظيم واعلان النتائج وهو ما سعينا اليه وحققناه بنسبة عالية في الانتخابات البلدية".
أضاف: "يأتي مؤتمركم قبل نحو عام من الانتخابات النيابية، فكلما اقتربنا من موعد هذه الاخيرة، صعب الحوار والنقاش العقلاني واقرار التعديلات والاصلاحات التي تتطلب توافقا، سواء في مجلس الوزراء او في مجلس النواب.
والموضوعات التي يتناولها مؤتمركم تتسم بالواقعية، والنضج السياسي، والتطلع الى فائدة عملية.
بطبيعة الحال، لا تختصر هذه الموضوعات كل ما نحتاج اليه من إصلاح انتخابي، لكنها لا تعفي احدا - لا في الحكومة ولا في مجلس النواب، ولا في المجتمعين المدني والسياسي - من أداء واجبه في سائر مجالات الاصلاح غير المدرجة على جدول أعمال المؤتمر".
وتابع: "ومما لا شك فيه، ان تنوع المشاركة في هذا المؤتمر، يعزز فرصة تحول التوصيات التي ستجمعون عليها، الى مشاريع اصلاحية تصاغ في مراسيم وقوانين بحسب الحاجة.
ان تعزيز استقلالية وفاعلية هيئة الاشراف على الانتخابات، هو موضع ترحيب لدى الحكومة، ولذلك فان وضع اقتراحات في هذا الصدد ضمن المهلة الزمنية المتاحة، وفي ظل الامكانات المالية المحدودة ستكون محل دراسة وتفكر في اللجنة الوزارية التي الفها مجلس الوزراء، لاقتراح بعض التعديلات على التعاون الانتخابي.
ومن نافل القول، ان هيئة إشراف محايدة وفاعلة، تتمتع بالثقة العامة وبالصلاحيات والموارد التي تتناسب مع حجم المهمة المناطة بها، مدعوة للعمل بالتعاون الوثيق مع وزارتي الداخلية والعدل".
وأكمل متري: "هناك قضية أخرى، تتطلب جهدا كبيرا، عنيت بها ازالة العوائق السياسية التي تعترض تبني "الميغاسنتر"، وهو في جوهره تدبير إجرائي محايد، يؤمن الوصول والمشاركة لفئات واسعة من المواطنين المقيمين بعيدا عن أماكن قيدهم، لا سيما في ظل الظروف الاقتصادية الصعية، والمخاوف الامنية التي ما زالت جاثمة على قرى الجنوب العزيز نتيجة العدوان الاسرائيلي. واننا نامل ان يسهم هذا المنتدى في نشر الوعي باهمية رفع تلك العوائق.
اما في ما يتعلق بتعزيز التمثيل السياسي للنساء ولبنان، يا للاسف، يحتل مرتبة متدنية جدا عالميا في هذا المجال، فقد اثبتت التجارب الدولية ان ادخال كوتا نسائية مؤقتة هو تدبير ناجح لسد هذه الفجوة، التي لا تليق ببلد مثل لبنان ونأمل ان يسهم مؤتمركم في التفكر حول هذه المسالة الحيوية.
بالاضافة الى ذلك، يترتب علينا ان نولي عناية خاصة للجوانب التقنية والعملية لاجراءات يوم الاقتراع، وخصوصا ما يتعلق بضمان سهولة وصول الناخبين من ذوي الاعاقة بما يكرس شمولية العملية الانتخابية وعدالتها".
وختم متري: "ان لبنان لا يعمل في فراغ. بعض دول العالم تتطور فيها الانظمة الانتخابية باستمرار، ولطالما دعم الاتحاد الاوروبي وسواه من الشركاء الدوليين، جهود الاصلاح لدينا، من منطلق الشراكة لا الاملاء فشكرا له.
وشكرا لكم لكل ما تقومون به، فالجمعية اللبنانية لديموقراطية الانتخابات وغيرها من المنظمات الفاعلة في هذا اللقاء، تبين لنا ان الاصلاح الانتخابي هو مسؤولية جماعية تقتضي التقاء الارادة السياسية بالخبرة المجتمعية".
سفيرة الاتحاد الاوروبي
من جهتها، أكدت سفيرة الاتحاد الأوروبي في لبنان ساندرا دو وال "أن الاتحاد الأوروبي قد خصص خلال الخمسة عشر عاما الماضية نحو 22 مليون يورو لدعم الانتخابات في لبنان، بما في ذلك التوعية الانتخابية والإصلاح الانتخابي والمساعدة التقنية لوزارة الداخلية والبلديات".
كما أشارت إلى "أن الاتحاد الأوروبي سبق أن أرسل بعثات لمراقبة الانتخابات، وهو على استعداد لتكرار ذلك في العام 2026 عند تلقي طلب رسمي".
وأضافت السفيرة دو وال: "لقد ساهمت هذه البعثات في تقديم عدد من التوصيات لتعزيز نسبة المشاركة وضمان أن تكون الانتخابات نزيهة وشفافة وتُجرى بكفاءة"، مؤكدةً أن هذه التوصيات تشكّل محور النقاشات الجارية اليوم.
عمار عبود
بدوره، شرح أمين عام "لادي" عمار عبود أن هذه المبادرة "ليست خطوة عابرة، بل نتاج أكثر من 29 عامًا من العمل المستمر للمطالبة بقانون انتخابي يعبّر عن إرادة الشعب ويضمن مشاركة شاملة وفعّالة. كما تمثّل فرصة لمعالجة التحديات البنيوية في النظام الانتخابي عبر إصلاحات قانونية ومؤسساتية وبرسالة ثابتة مفادها أن الإصلاح الانتخابي عملية شمولية، وأن مساهمة كل جزء لا تكفي دون الآخر".
وأضاف: "تمثل هذه المبادرة فرصة لإجراء إصلاحات انتخابية هيكلية استعدادا لانتخابات العام 2026، ودفع عجلة التغيير الديمقراطي في لبنان".
جلسات نقاش
وتضمّن المؤتمر ثلاث جلسات نقاش متخصصة تناولت الركائز الأساسية للمبادرة الإصلاحية، تمهيدًا للانتخابات النيابية في العام 2026. وشكّلت هذه الجلسات منصّة تفاعلية جمعت نوّابًا وخبراء وممثلين عن المجتمع المدني، وأسست لمسار تعاوني نحو إصلاح انتخابي شامل وجدي.
الجلسة الأولى تمحورت حول دور هيئة الإشراف على الانتخابات، حيث ناقش المشاركون ضرورة ضمان استقلاليتها القانونية والمالية، وتمكينها من مراقبة الإعلام والإنفاق الانتخابي، وتطبيق القانون بشكل فعّال.
أما الجلسة الثانية فناقشت إنشاء مراكز الاقتراع الكبرى (الميغاسنتر) كحل عملي لتسهيل الوصول إلى مراكز الاقتراع، لا سيما للمقيمين خارج دوائرهم الانتخابية. كما تناولت النقاشات البنية التحتية المطلوبة والتعديلات القانونية اللازمة، إضافةً إلى بحث مسألة التمثيل السياسي للنساء، والتأكيد على أهمية إقرار الكوتا النسائية لتعزيز هذا التمثيل.
الجلسة الثالثة ركزت على سُبل تحسين إجراءات يوم الاقتراع، مع التأكيد على أهمية توحيد البروتوكولات، وتطوير تدريب الموظفين، وتسهيل وصول ذوي الاحتياجات الخاصة وكبار السن، وضمان الشفافية وسرعة إعلان النتائج.