رئيس أميركي يدمّر ويوقف إطلاق النار عبر وسائل التواصُل فهل ضَعُفَت أميركا الى هذا الحدّ؟؟؟...
مواجهة داخلية بين اليسار الأميركي وبين ترامب والتيار المحافظ
أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"
على هامش "الإبهار" الدائم الذي يتقصّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب إبرازه أمام الأميركيين والعالم، في كل ما يفعله، يرى مراقبون أن الإدارة التي قامت بها إدارته للحرب بين إسرائيل وإيران، أظهرت هشاشة و"ركاكة" أميركية معيّنة، لم يشهدها العالم في الولايات المتحدة الأميركية بهذا الشكل "النافر" من قبل.
"الرجل الخارق"
فبعد إصداره الأمر الذي سمح بقصف أميركي لمنشآت نووية إيرانية، رأى العالم رئيساً أميركياً ووزير دفاعه، يهرعان الى استنتاجات سريعة تقول إن البرنامج النووي الإيراني دُمِّر بالكامل، حتى من دون انتظار الانتهاء من وضع اللّمسات الأولى (لا الأخيرة) على بعض المعلومات الاستخباراتية، وذلك جنباً الى جنب إسراع رئاسي وعام داخل الإدارة الأميركية، الى التحدّث عن وقف لإطلاق النار، استناداً الى أن هناك ضربة أميركية حصلت، وأنهت كل شيء.
ولكن ما كادت بعض الساعات القليلة تمضي، حتى بدأ الكشف عن معلومات تشير الى أن هناك مخزوناً من اليورانيوم المخصّب والمواد النووية، تمّ نقلها من المنشآت النووية، ومن منشأة فوردو خصوصاً، قبل قصفها. وهو ما يؤكد أنه كان يتوجب على الرئيس الأميركي ووزير دفاعه وأعضاء إدارته الصمت قليلاً، قبل الإعلان عن بتّ كل شيء، على طريقة "الرجل الخارق".
لا يعتقد...
وبعد دخول وقف إطلاق النار الذي أعلنه ترامب حيّز التنفيذ، كشفت تسريبات استخباراتية أميركية، أن الضربات الواسعة التي شنّتها الولايات المتحدة الأميركية ضد ثلاثة مواقع نووية إيرانية لم تحقّق ما أعلنه ترامب من "تدمير كامل" للمنشآت، بل أدت فقط الى أضرار بسيطة، ستؤخر البرنامج النووي الإيراني على مدى أشهر.
وأكدت التسريبات التي استندت إلى تقييم مبكر لوكالة استخبارات الدفاع، أن الضربة لم تُبدّد قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم، خصوصاً في منشأة "فوردو".
وأما ترامب، فقد علّق من جهته على التقييم الاستخباراتي بمهاجمة وسائل الإعلام التي نشرت معلومات بشأنه، مُصرّاً على أنها تشوّه سمعة إحدى أنجح الضربات العسكرية في التاريخ، ومؤكداً أن المواقع النووية في إيران دُمرت بالكامل، وذلك قبل ساعات من تصريح أدلى به من هولندا، وقال فيه إنه لا يعتقد أن اليورانيوم المُخصّب في المنشآت الإيرانية قد أُزيل قبل الضربات الأميركية، وذلك من دون أن يستند الى أي معلومات استخباراتية دقيقة في هذا الإطار أيضاً.
تخيّلات؟
واستناداً الى ما سبق، تبدو إدارة ترامب ركيكة وضعيفة في إدارة الحروب، وحتى على مستوى وقف إطلاق النار، الذي يرى مراقبون أنه بدأ تبعاً لمشيئة ترامب ومصالح يراها هو مناسبة، ومُستبِقاً الانتهاء من بعض التقييمات الاستخباراتية الضرورية بشأن الصواريخ الباليستية الإيرانية أيضاً.
فهل هذا هو عصر الإبهار الأميركي، من جانب رئيس أميركي يُمضي وقتاً على منصّته، وفي التصريح والكلام الإعلامي، وفي نسج سياسات هي أقرب الى تخيّلات، وذلك بدلاً من الصمت والاستماع والتحليل والتركيز، واستشارة أصحاب الاختصاص في الاستخبارات والعسكر والديبلوماسية... قبل اتّخاذ أي نوع من القرارات؟
والى أي مدى يساهم ترامب بإضعاف صورة أميركا بدلاً من جعلها عظيمة مجدداً، خصوصاً أنه حرّك قاذفاتها الاستراتيجية في إيران، من دون أن يُسفر ذلك عن أي تغيير ملموس، على عكس رؤساء سبقوه، ما كانوا يحرّكون السلاح الأميركي الاستراتيجي في أي مكان، إلا لإحداث تغيير جوهري بحدّ أدنى، أو (تغيير) دائم، بحدّ أقصى، يكون سريعاً وأكيداً، في أي بلد يحلّقون فوقه بقاذفاتهم.
مشاكل داخلية؟
وضعت أوساط مُطَّلِعَة على الشؤون الأميركية المعلومات الاستخباراتية عن أن الضربات الأميركية ضد المواقع النووية الإيرانية لم تحقّق أهدافها، ضمن إطار "المواجهة الأميركية الداخلية بين اليسار الأميركي، وبعض أجنحة الحزب الديموقراطي، من جهة، وبين ترامب والتيار المحافظ والحزب الجمهوري، من جهة أخرى".
وأكدت لوكالة "أخبار اليوم" أن "اليسار الأميركي قوي جداً داخل بعض وسائل الإعلام الأميركية، التي تتبع له، وتنشر كل ما من شأنه التشكيك بترامب وبإدارته وسياسته. وبالتالي، لا يُعوَّل على مثل تلك التقارير. فتدمير المنشآت النووية الإيرانية كان شاملاً".
وختمت:"اليسار الأميركي مُناهِض لسياسة ترامب والحزب الجمهوري. ولذلك، فإن كل ما يصدر في وسائل الإعلام التي تتبع لهم يقع ضمن خانة المواجهات الأميركية الداخلية، والتي لا تؤثر على السياسة الأميركية الخارجية".