رسالة الرئيس عون إلى واشنطن: هل ستنفذ شروطه؟
خشية من تحويل لبنان إلى ورقة تفاوضية في بازار المصالح الإقليمية والدولية
شادي هيلانة - "أخبار اليوم"
يبدو أن لبنان بات يشكل محوراً رئيسياً في الحسابات الإسرائيلية، إذ تزامنت الغارات الأخيرة مع زيارة المبعوث الأميركي توم بارّاك إلى بيروت، حيث ناقش مقترحات تتعلق بنزع سلاح "حزب الله" وتنظيم الوضع الأمني في الجنوب. وبحسب ما أظهرته التجارب السابقة، فإن إسرائيل غالباً ما تحوّل مثل هذه النقاشات السياسية إلى أدوات ضغط ميدانية، من خلال تصعيد عسكري مدروس.
وتشير معطيات متقاطعة إلى أن تل أبيب تسعى لاستثمار الساحة اللبنانية كورقة ضغط إضافية ضمن صراعها الإقليمي، خاصة في ظل انكفاء نسبي للجبهة الإيرانية. وتلفت مصادر عليمة عبر وكالة "أخبار اليوم" إلى أن كلما اقتربت المنطقة من أي تسوية محتملة، تلجأ إسرائيل إلى تسخين الجبهات لتحسين شروط التفاوض أو فرض معادلات جديدة على الأرض.
في المقابل، لبنان الرسمي ليس في موقع المتفرّج، بل تحرك على المستويين السياسي والدبلوماسي. فقد جددت الدولة اللبنانية طلبها إلى الأمم المتحدة بتمديد ولاية قوات "اليونيفيل" لعام إضافي، مشددة على ضرورة انسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية المحتلة ووقف انتهاكاتها المتواصلة. وفي هذا السياق، أكد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون خلال لقائه القائد الجديد لقوات "اليونيفيل"، الجنرال ديوتاتو أباغنارا، صباح اليوم، على أهمية التعاون المستمر بين القوات الدولية والجيش اللبناني لتطبيق القرار 1701 بشكل كامل، مع التركيز على انسحاب الجيش الإسرائيلي من التلال الخمس، تمهيدًا لانتشار الجيش اللبناني على كامل الحدود المعترف بها دولياً.
وفي ظل التصعيد المستمر، أشارت معلومات عن رسائل رسمية وجهها لبنان إلى واشنطن، جدّد فيها الرئيس عون موقفه بشأن ضرورة حصرية السلاح بيد الدولة. غير أن هذا المطلب، بحسب المصادر نفسها، لا يمكن فصله عن السياق الأشمل، إذ لا يُعقل المطالبة بنزع سلاح داخلي في وقت لا تزال فيه إسرائيل تحتل أراض لبنانية وتخترق السيادة الوطنية بلا حسيب أو رادع.
من هنا، فإن التصعيد الجاري في الجنوب لا يبدو مجرد حدث طارئ، بل هو جزء من مسار ضاغط يهدف إلى جرّ لبنان نحو استحقاق سياسي وأمني بالغ الحساسية، يتمثل في نزع سلاح الحزب. وعليه، فإن التحدي الذي يواجهه لبنان اليوم يتجاوز الخطابات السياسية، ليصل إلى مفترق طرق يتطلب خوض مفاوضات جدّية، ابرز شروطها رفض تحويل لبنان إلى ورقة تفاوضية في بازار المصالح الإقليمية والدولية، سواء بيد خصم أو صديق.