«هبّة السلام» على لبنان «ساخنةٌ»... إسرائيل «على الخط» بعد واشنطن

«هبّة السلام» على لبنان «ساخنةٌ»... إسرائيل «على الخط» بعد واشنطن

image

الراي- لم يكن ينقص ملف سلاح «حزب الله» ليزداد تعقيداً سوى إعلاء الولايات المتحدة عنوان «اتفاقات السلام بالنسبة إلى سوريا ولبنان مع إسرائيل باتت ضرورة»، الأمر الذي يزيل غباراً لفّ منذ نوفمبر الماضي «النهائيات» التي رسمَ خريطةَ طريقها اتفاقُ وَقْفِ الأعمال العدائية الذي يتكشّف تباعاً أنه ليس إلا مرحلةً «انتقالية» بين حربٍ عُلَّقتْ وسِلْمٍ تريده تل أبيب وواشنطن «دائماً» ومختوماً باتفاقٍ، في مقابل اعتبار «بلاد الأرز» أن اتفاقية الهدنة (1949) هي خطّ «الحد الأقصى» بعد بتّ كل النقاط العالقة.

وتلقّت بيروت باهتمامٍ ولكن بقلق المواقف التي أطلقها السفير الأميركي لدى تركيا، المبعوث الرئاسي إلى سوريا ولبنان توماس برّاك والتي قال فيها لـ «وكالة الأناضول للأنباء» التركية إن الحرب بين إيران وإسرائيل تمهّد لـ «طريق جديد» في الشرق الأوسط، موضحاً أن«الرئيس (أحمد) الشرع أشار إلى أنه لا يكره إسرائيل (...) وأنه يريد السلام على هذه الحدود. وأعتقد أن هذا سيحصل أيضاً مع لبنان»، مضيفاً«أن اتفاقاً مع إسرائيل هو أمر ضروري».

اندفاعة إسرائيلية

وإذ لم يتأخّر وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر في ملاقاة براك بإعلانه، أنّ «إسرائيل مهتمة بإقامة علاقات دبلوماسية رسمية مع لبنان وسوريا»، فإن أوساطاً واسعة الاطلاع ترى أن هذه الاندفاعة المتزامنة، من واشنطن وتل أبيب، على«جبهة السلام»من شأنها أن تشكّل «وقوداً» لـ «ماكينة» الرفض الذي يتبلور يوماً بعد آخر من«حزب الله»لسحْب سلاحه بـ «التوقيت» الذي حدّده الموفد الأميركي وبدا أقرب إلى «مهلة إسقاط»:

- فإما جدْولةٌ زمنية بموجب قرار من مجلس الوزراء يطلق مسار جمْع سلاح«حزب الله»من كل لبنان ووفق إستراتيجيةِ «الخطوة مقابل خطوة» التي تعنى بها إسرائيل في الشق المتعلق بالانسحاب من التلال الخمس التي أبقتْها تحت الاحتلال في الجنوب بعد اتفاق 27 نوفمبر وبإطلاق أسرى الحرب اللبنانيين لديها وبوقف الاعتداءات.

- وإما تعود الحرب وهذه المرّة بموازين ما بعد قطْع أوصال المحور الإيراني عبر حلقة سوريا - بشار الأسد والتي فتح الطريق إليها إنهاكُ «حزب الله» في حرب الـ 65 يوماً، والأهمّ ما بعد جعْل إيران مُكْرَهَةً على الدفاع عن «رأسها» بنفسها، وفي مواجهةٍ ظهّرتْ وبمعزل عن الجِراح التي أصابتْ تل أبيب أن الموازين تميل بقوةٍ إلى المعسكر الإسرائيلي - الأميركي وأن «الجمهورية الاسلامية» غير قادرة على تحقيق الردع بوجهه وأن «دومينو الوهن» انتقل إليها من ضمن مسارٍ واضح المعالم لإنهاء «المدّ الإيراني» في المنطقة.

«خلايا داعش»

ووفق الأوساط واسعة الاطلاع، فإنه في وقت يعكف رؤساء الجمهورية العماد جوزاف عون والحكومة نواف سلام والبرلمان نبيه بري، على إعداد الردّ على الورقة التي حَمَلها براك إلى بيروت في ما خص سلاح «حزب الله» وإعلانه «دقت ساعة» برْمجة سحْبه وإعطاء جواب في هذا الإطار ليسمعه حين عودته إلى لبنان في غضون نحو 10 أيام، جاءت «هبّة» التطبيع لتُعطي الحزب مزيداً من«الذخيرة»السياسية لمحاولة إبطاء مَسارِ سحب سلاحه والتي بدأت تُستخدم فيها استراتيجية «خطوط الدفاع المتعددة»، من جعْل السلاح الفلسطيني الذي تم استئخارُه بنداً «أَوْلى» وليس انتهاءً باستحضارٍ يُخشى أن يكون مُمِنْهجاً لـ «داعش» وخلاياها النائمة من باب تظهيرِ «أولوية» التصدّي للإرهاب من الداخل كما الذي يُحدق من سورية في ضوء تفجير الكنيسة في دمشق.

تصعيد «حزب الله»

وفيما عُقد أمس اجتماع مطول بين ممثلي الرؤساء الثلاثة في قصر بعبدا لاستكمال البحث في الردّ على ورقة براك، رفع «حزب الله» سقف مواقفه، وبينها إعلان النائب حسين الحاج حسن أن «من المستغرب التركيز على المقاومة وسلاحها في ظل استمرار العدوان، أوقِفوا العدوان والاغتيالات، انسحِبوا من الأراضي، وابدأوا بالإعمار، عندها تُفتح النقاشات الوطنية، والأولويات الوطنية لا تُرسم بالاستهداف السياسي بل تُبنى على أساس السيادة الحقيقية، لا عبر التساهل مع العدو والتشدد مع المقاومين».

وفي الإطار، قال النائب إيهاب حمادة إن «من يروّج اليوم لفكرة نزع سلاح المقاومة، هو إما واهم وإما متواطئ... ومَن ينتظر أن تأتيه الأوامر من الخارج، سيصله الجواب من الميدان... من حيث لا يَحتسب».

وأكد الوزير السابق محمد فنيش أن «أي حديث عن دور المقاومة أو مستقبلها يجب أن يكون ضمن سياق مصلحة لبنان العليا، وضمن شروط واضحة، أبرزها إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لمزارع شبعا وتلال كفرشوبا، ووقف كلّ أشكال الخروق والانتهاكات للسيادة اللبنانية».

أما عضو المجلس السياسي في «حزب الله» محمود قماطي فانتقد أداء بعض القوى في لبنان، مضيفاً «المقاومة لن تتخلى عن واجبها في حماية لبنان، ونحن نتحمل السمّ من أجل لبنان، لكن البعض لا يقدّر ذلك ويستمر في التحريض».

«اليونيفيل»

في موازاة ذلك، أبلغ عون إلى القائد الجديد للقوة الدولية العاملة في الجنوب «اليونيفيل» الجنرال ديوداتو ابنيارا، أن «الظروف الراهنة في لبنان والمنطقة تفرض الآن أكثر من أي وقت بقاء القوة الدولية في الجنوب لتعمل مع الجيش اللبناني على المحافظة على الاستقرار والأمن فيه الذي هو جزء لا يتجزأ من الاستقرار في المنطقة».

واعتبر أن «استمرار الأعمال العدائية الإسرائيلية واحتلال التلال الخمس وعدم إطلاق الأسرى اللبنانيين يشكل انتهاكاً صريحاً لإرادة المجتمع الدولي في تطبيق قرار مجلس الأمن 1701 بكل مندرجاته»، مؤكداً أن «العمل جارٍ لزيادة عدد أفراد الجيش في الجنوب لتعزيز الاستقرار وتأمين الطمأنينة والأمان».

في موازة ذلك، تحدثت تقارير في بيروت عن أن مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبداللطيف دريان سيزور الرئيس السوري أحمد الشرع على رأس وفد من العلماء، السبت المقبل.