اتّفاق موقَّع للدّمج... فهل يحتفل "أخوان" سوريا بعيد النيروز في ساحات دمشق؟؟؟
بويز: إذا كان هناك نوايا خارجية بتقسيمها فإن موضوع الثقافات المتنوعة سينفجر مستقبلاً
أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"
يتسابق أكثر من طرف إقليمي ودولي على الترحيب بالاتّفاق الموقّع بين الرئيس السوري الموقَّت أحمد الشرع من جهة، وبين قائد قوات سوريا الديموقراطية مظلوم عبدي، من جهة أخرى، لدمج المؤسسات المدنية والعسكرية التابعة للإدارة الكردية الذاتية، ضمن إطار الدولة السورية.
كيف؟
ورغم أن تبعات تلك الخطوة هائلة على مستوى الشرق الأوسط عموماً، لا سوريا وحدها، خصوصاً بالنّسبة الى تركيا وإيران، والعراق أيضاً، إلا أن هذا الاتّفاق يضع الدستور السوري الجديد مستقبلاً، والحكم السوري الجديد ذات الصّبغة الإيديولوجية في مكان ما، ضمن احتمالات وضغوط متعدّدة، ليست سهلة أبداً.
فهل يسلّم هذا الحكم بعلمانية سوريا الجديدة، و(هل) يقبل بأن تكون دولة ثقافات وحضارات وعادات متنوّعة، في دستورها؟ كيف؟
عيد النيروز...
فالأكراد ليسوا مجرّد مكوّن شعبي، بل هم دولة وحضارة كاملة، موزّعة على دول عدّة، من بينها سوريا. والدّمج الكردي في الدولة السورية، وما يرتّبه من اعتراف بالمكوّن الكردي، ومن ضمان لحقوقه في التركيبة السياسية والدستورية، يرتّب نتائج اجتماعية وثقافية وحضارية هائلة وبعيدة المدى، على الدولة السورية المستقبلية.
وأمام هذا الواقع، هل يقبل الحكم السوري الجديد، ذات الرعاية "الأخوانية"، بالاحتفال بعيد النيروز مثلاً، أو بغيره من الأعياد والاحتفالات الكردية، كمناسبة رسمية للدولة السورية الجديدة؟ وهل سيتفرّج العالم ربما على رجال دين مسلمين محسوبين على النظام السوري الجديد، يشاركون الأكراد باحتفالاتهم مثلا؟ أو يعايدونهم بسلاسة، أي من دون أي نوع من النقاشات "الشرعية" التي تشهد مصر مثلاً ما يشبهها بين حين وآخر، عند القيام بأي خطوة تجاه الأقباط هناك، وذلك رغم أن النظام المصري ليس "أخوانياً"؟
بين إسرائيل وتركيا
أكد الوزير السابق فارس بويز أن "هناك نقطة لا بدّ من طرحها ضمن هذا الإطار، وهي أنه صحيح أن الدولة السورية الجديدة تريد اتفاقاً مع الأكراد، يندرج ضمن إطار إعادة بناء دولة موحّدة في سوريا، تضمّ كل مركّبات وطوائف البلاد، وتحفظ حقوق الثقافات المختلفة المتعدّدة فيها، إلا أنه الى أي مدى يمكن لتلك الدولة السورية أن تتجاوز الصراع الكبير القائم بين تركيا والأكراد، في وقت يدرك فيه الجميع مدى الارتباط القائم بينها (الدولة السورية الجديدة) وبين تركيا. وبالتالي، هل ستتمكّن الدولة السورية من القيام بهذا الدمج من دون تصادم مع أنقرة صاحبة الحذر الكبير بموضوع الأكراد؟".
وأشار في حديث لوكالة "أخبار اليوم" الى أن "نقطة أخرى تطرح نفسها هنا أيضاً، وهي السؤال عن دور إسرائيل في كل هذا الموضوع. فمن الواضح جداً أن الحكم السوري الجديد لا يريد تصادماً مع إسرائيل. ولكن المتطلّبات الإسرائيلية كبيرة جداً، فهي لا تريد دولة سورية قوية، وتقوم بكل شيء في سبيل إضعاف هذه الدولة".
تعقيدات...
وأوضح بويز أن "إسرائيل دمّرت ما كان يبقى من الجيش السوري، وهي تقوم باحتلالات وانشقاقات وتحريض، للدروز مثلاً، لأنها لا تريد دولة سورية موحّدة وقوية. وفي الوقت عينه، النظام الجديد في سوريا ليس مُعادياً لتل أبيب، وارتباطاته بالولايات المتحدة الأميركية وبأصدقاء إسرائيل، وبإسرائيل ربما، واضحة. وأمام هذا الواقع، كيف سيوفّق الحكم السوري مستقبلاً بين عدم معاداته لإسرائيل، وبين المشاريع الإسرائيلية تجاه سوريا؟ كما بين تفاهمه مع تركيا وارتباطه بها بعدما لعبت دوراً كبيراً في نجاحه، وبين تناقضات تركيا مع الحالة الكردية في سوريا؟ وبالتالي، الأمور مُعقَّدَة للغاية، ولا تبشّر بالخير. وأشكّ بأن يتمكن الحكم السوري من تجاوز مثل تلك المعضلات".
نجاح أم فشل؟
ولفت بويز الى أن "استيعاب الثقافات المتعدّدة في سوريا ليس مستحيلاً، شرط أن تكون المعطيات الإقليمية مؤاتية لذلك. وأما إذا اصطدمت رغبات الحكم الجديد بمشاريع إقليمية مُعاكِسَة، فهذا يعني أن الثورة السورية لم تتثبّت بعد، ولم تجد طريق نهايتها، وأن سوريا قد تشهد حلقات مستقبلية من عدم الاستقرار بعد. فنادراً ما تبدأ الثورات وتنتهي بالمبادىء والسياسات نفسها التي انطلقت منها".
وأضاف:"المشكلة لا تكمن بالثقافات المختلفة في سوريا، بل هي سياسية، تنبع من الخارج. وبالتالي، إذا كان هناك نوايا خارجية فعلية بتقسيم سوريا وتشتيتها، فإن موضوع الثقافات والتقاليد والأعراف المتنوعة والمختلفة فيها، سينفجر مستقبلاً. وأما إذا لم تَكُن هناك نوايا بهذا الاتجاه، فإن هذه لن تشكل مشكلة".
وختم:"من المرجّح أن الدولة السورية بقيادة الشرع تتمتّع بكل الاستعداد والنيّة لتوحيد سوريا ضمن إطار احترام الطوائف، والثقافات المختلفة. ولكن هناك قوى خارجية، ومنها إسرائيل وربما تركيا، لا ترغب بهذا الاتّجاه. وأمام هذا الواقع، هل سيتمكن الشرع من تجاوز تلك التحديات الخارجية، ومن السّير قُدُماً باتجاه الأهداف التي وضعها منذ البداية؟ أم انه سيُضطّر للخضوع الى تلك القوى، لكونه مرتبط بها بشكل أو بآخر؟".