نسف التفرّغ وكسر الجامعة؟

نسف التفرّغ وكسر الجامعة؟

image

نسف التفرّغ وكسر الجامعة؟
الكلام عن الإصلاح  تدحضه الممارسات في التربية 


ابراهيم حيدر - "النهار"

كشف إضراب أساتذة اللبنانية المتعاقدين حجم المأزق الذي تعانيه الجامعة. يطالب الأساتذة الذين يشكلون نحو 70 في المئة من مجمل الكادر التعليمي، بإقرار ملف التفرغ، تحويل المستحقات ورفع أجر الساعة، وقد شمل الإضراب كل الكليات وفروعها وعكس التزاماً من معظم الأساتذة بسبب أوضاعهم الصعبة. حرّك الإضراب المعنيين لمناقشة سبل حل المشكلة والخروج من الأزمة، فعقدت لقاءات عدة، لكنها بقيت ضمن دائرة التعقيدات نفسها، وتعدد وجهات النظر والخلافات، من دون أن تتحرك سلطة الوصاية وتطلق مبادرات تريح الجامعة وأساتذتها وتعزز استقرارها إدارياً وأكاديمياً.

لم يحسم لقاء المتعاقدين مع رئيس الجامعة ملفهم، إذ إن عقدة التفرغ لا تزال عند وزيرة التربية التي لا تعترف بكل ما أعد سابقاً انطلاقاً من مقاربة تعتبر أن كل ما أنجز لا يُبنى عليه ويدخل ضمن "الفساد"، وهي كشفت للمتعاقدين خلال اجتماعها بهم أن التفرغ ستكون له آلية مختلفة. ويُفهم من ذلك أن رؤيتها تقوم على تفريغ عدد محدود سنوياً وفق ما ترفعه الأقسام في الكليات، علماً بأن ملف التفرغ الموجود في التربية منذ العهد السابق قد استند إلى ما رفعته الأقسام من نصاب، لكن الوزيرة ريما كرامي ومستشاريها يرفضون السير به وإن كان مجزأً على ثلاث سنوات. وهي بذلك تلتقي بحجة الإصلاح، مع الفيتوات السياسية التي منعت رفعه إلى الحكومة السابقة ورفضت ثلاثية "الحاجات والأقدمية والتوازن" لتفريغ نحو 1260 أستاذاً. مشكلة الأساتذة المتعاقدين ليست فقط برفع أجر الساعة، إذ إن ملف التفرغ يشكل الأساس لاستقرار الجامعة وتغذية وضعها وتلبية حاجاتها الأكاديمية. أما الكلام عن السير في إصلاح الجامعة، فتدحضه الممارسات في التربية التي تبحث عن نقاط ضعف فيها، والسير في سياسة تؤدي إلى نسف إنجازاتها وموقعها، إذ كيف يمكن مثلاً فهم أو تفسير عدم دعوة مجلس التعليم العالي للانعقاد رغم مرور شهرين على تسلم رئيسته الوزارة. ثم لماذا هذا التناقض في الكلام عن دعم الجامعة، فيما يجري ترحيل ملفاتها واستعادة صلاحيات مجلسها.
المفارقة أن رئيس الحكومة نواف سلام كان خلال لقائه الأساتذة منفتحاً على إقرار التفرغ وفق الملف السابق إن كان يرضي المتعاقدين، وهو استغرب الخلل في ما يتعلق بنسبة عدد المتفرغين إلى المتعاقدين. فالقانون 66 ينص على أن تكون نسبة المتفرغين 80 في المئة، فيما الواقع معاكس اليوم، وهو ما يستدعي إنجاز ملف التفرغ. أما رئيس الجمهورية جوزف عون، فأعلن صراحة خلال لقائه رئيس الجامعة دعمه المطلق للجامعة.
كل ما يحكى عن قرب إقرار ملف التفرغ هو لكسب الوقت لتنفيذ أجندات تطال الجامعة، والأمر ليس محصوراً بتأمين الأموال، إذ إن الجامعة لها موازنة يجب أن تكون وفق معايير دورها، وتشمل التفرغ. وإذا بقيت وزيرة التربية متمسكة بآلية لا تجيب عن حاجات الجامعة، فإن الملف سيرحّل إلى السنة المقبلة، وعندها تدخل أولويات جديدة وتصبح الجامعة ضمن الهوامش لتسيير أمورها فحسب؟