لبنان بعد رفع العقوبات عن سوريا: مخاطر توازي الإيجابيات
بيروت في غرفة الانتظار وعلى اللائحة الرمادية حتى تنفيذ الالتزامات بالكامل
سابين عويس - "النهار"
بعد الزيارة التاريخيّة والمفصلية للرئيس الأميركي دونالد ترامب للسعودية، بكل ما تحمله من تكريس لصفحة جديدة فتحها لسياسته في الشرق الأوسط، وجعل المملكة بوابته الأساسية لها في السياسة والمال والاستثمار، قرر أن يضع في رصيد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أول دفعة تكرس قيادة المملكة ومكانتها في ظل معادلة جديدة تواكب المفاوضات الأميركية - الإيرانية على الاتفاق النووي: مواجهة الإرهاب بالاستثمار، وذلك عبر إعلان ترامب من الرياض رفع العقوبات عن سوريا بناء على رغبة ولي العهد!
هكذا خرجت سوريا عملياً من الحرب وانعكاساتها، ودخلت من الباب السعودي مجدداً إلى النظام المالي العالمي، فيما لا يزال لبنان في غرفة الانتظار، على اللائحة الرمادية حتى تنفيذ التزاماته السياسية والاقتصادية والمالية بالكامل.
قرار رفع العقوبات عن سوريا، كيف ينعكس على لبنان، في جردة بين الإيجابيات والسلبيات؟
- في الإيجابيات، يفترض بداية أن يريح القرار سوريا داخلياً ويحسن علاقاتها بجيرانها، بما ينعكس تحسناً في التبادل التجاري، وخصوصاً للقطاعات الزراعية والصناعية والغذائية والسياحية، مع عودة الاستقرار.
- من شأن القرار تسهيل حركة الترانزيت نظراً إلى أهمية الأراضي السورية للبضائع اللبنانية نحو دول الخليج لكونها المعبر البري الوحيد الذي يسهل النقل البري ويخفض كلفته.
- ينعكس استقرار سوريا وإطلاق ورشة إعمارها، عودة للعمالة السورية الموجودة في لبنان بحثاً عن فرص عمل بطريقة تخفف الضغط على الاقتصاد اللبناني الذي يعاني منافسة العمالة الرخيصة والتي اجتاحت كل مجالات العمل وما عادت مقتصرة على قطاع البناء التقليدي.
في المقابل، سيكون هناك سوق استثمارية جديدة وواسعة أمام اللبنانيين الراغبين في المشاركة في إعادة الإعمار، أو على الأقل استعمال الأراضي اللبنانية مقرا للشركات العالمية الساعية إلى العمل في سوريا. من الإيجابيات أيضا عودة النازحين السوريين بعدما انتفى العامل الأمني، وانتفى الشرط الذي وضعه الشرع لهذه العودة، والمربوط برفع العقوبات. ومن المتوقع أن يؤدي القرار إلى الإفراج عن خط الغاز المصري والكهرباء عبر الأردن، الذي كان يخضع لفيتو أميركي بسبب العقوبات، وحرم لبنان زيادة التغذية بالكهرباء.
على الضفة الأخرى، سيكون للقرار تأثير سلبي ربما إذا لم يحسن لبنان التعامل مع تداعياته عليه. إذ ستشكل سوريا أولوية على الأجندة العربية والدولية بالنسبة إلى مشروع إعادة إعمارها، خصوصاً أن الكلفة تفوق مشروع إعادة إعمار المناطق المتضررة في لبنان بأضعاف الأضعاف. في لبنان الأرقام تقدر بمليارات الدولارات، في حين أنها في سوريا بمئات المليارات، ما يفتح شهية المستثمرين ويجعل أولوية الاستثمارات هناك وليس في لبنان، كما أن النفوذ الإقليمي لسوريا سيزيد بعد كسر حلقة العزلة عنها لتسترجع موقعها في محيطها، وتنافس لبنان على الاستثمارات الخارجية.
في غضون ذلك، سيظل خطر التهريب قائماً ما لم يتم ضبط جدي للحدود. ومن الواضح أن الأولوية ستكون للحل السلمي وصولاً إلى مرحلة التطبيع. إضافة إلى ذلك، ستتأثر حركة المطار والمرفأ كما التحويلات المالية عبر النظام المصرفي اللبناني، وحركة "الكاش".
في الخلاصة، وكي يستفيد لبنان إيجاباً من قرار رفع العقوبات، سيكون مدعواً إلى تنفيذ تعهداته بتطبيق القرارات الدولية وخصوصاً الـ ١٧٠١، أي نزع سلاح "حزب الله" وتفكيك بنيته العسكرية والمالية.
من الواضح أن سوريا بقيادة الشرع فهمت المطلوب منها، ولو أن نهاية طريقه التطبيع مع إسرائيل، فسارت بالشروط الأميركية والعربية واستعادت موقعها في المنطقة. ويبقى على لبنان أن يقرأ جيداً في المسار السوري.