التمديد لليونيفيل: "استفسارات" دولية حول الدور والمهام
هل سيتمكن لبنان من تثبيت موقفه الرافض لتوسيع صلاحيات اليونيفيل
غادة حلاوي - المدن
يتعرض لبنان لضغوط متزايدة من عدة جهات دولية، تزامنًا مع تحولات سياسية وعسكرية في المنطقة. زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأخيرة جاءت لتؤكد النهج الأميركي الثابت تجاه لبنان، المبني على مبدأ "العصا والجزرة". فمن على منبر المملكة العربية السعودية، توالت عبارات الدعم للدولة اللبنانية "الجديدة"، لكن سرعان ما أعقبها تذكير واضح بالمطلوب تنفيذه: سحب سلاح حزب الله.
بعد ساعات فقط من تصريحات ترامب، أعلنت واشنطن عن حزمة جديدة من العقوبات استهدفت شخصيات مرتبطة بحزب الله، وأكدت الموفدة الأميركية للشرق الأوسط مورغان أورتاغوس، أن موضوع سحب السلاح من حزب الله لم يعد يقتصر على جنوب الليطاني، بل يشمل نزع السلاح من كافة الأراضي اللبنانية. شرحت أهداف ترامب وحللت مواقفه التي قالها في السعودية، والتي تندرج ضمن المسار الأوسع الذي تسعى إليه الولايات المتحدة: الدفع نحو "الاتفاق الإبراهيمي".
منذ اتفاق وقف النار، لم تُعلن واشنطن أي موقف للضغط على إسرائيل للانسحاب من الأراضي التي لا تزال تحتلها جنوبًا، بل تغطي خروقاتها المتكررة، في تجاهل مقصود لبنود القرار 1701 وتعمد خرقه من قبل إسرائيل. هذا الواقع يُبقي الجنوب اللبناني تحت تهديد دائم بالحرب، ويعيق إعادة الحياة إلى قرى الحدود، في ما يشبه الإصرار على إنشاء منطقة عازلة لصالح أمن إسرائيل. كل ذلك يحصل على مرأى ومسمع قوات اليونيفيل التي انتهت من إعداد تقريرها حول القرار 1701 والذي سترفعه إلى مجلس الأمن لمناقشته، قبل التصويت على قرار التمديد لمعل قوات الطوارئ في جنوب لبنان.
شروط التمديد لليونيفيل
وقد عاد إلى الواجهة ملف التمديد لقوات الطوارئ الدولية (اليونيفيل)، وسط مؤشرات على محاولات لإعادة تشكيل دورها ومهامها. فالواضح أن بعض وحدات اليونيفيل، باتت تسير دورياتها في الجنوب من دون التنسيق المسبق مع الجيش اللبناني، في سلوك يُخالف الصيغة التي كانت سائدة لعقود، ويهدد الاستقرار المحلي في بعض القرى. بما يوحي أن هذه القوات تحظى بغطاء دولي لفعل ذلك على سبيل التمهيد لتغيير مفهوم مهامها.
النقطة المحورية في هذا التحول تعود إلى قرار التمديد السابق لليونيفيل، الذي أعطى القوات الدولية حرية حركة أكبر. واليوم، مع اقتراب موعد التمديد الجديد في 31 آب المقبل، بدأ لبنان يتلقى استفسارات دولية حول مستقبل اليونيفيل، وسط حديث متصاعد عن ضرورة تعديل مهامها في ضوء الحرب الإسرائيلية الأخيرة وتزايد الدعوات لتطبيق القرار 1701 بحذافيره.
وبينما لم تَصدر مؤشرات مباشرة برفض التمديد، باشرت الدولة اللبنانية تحركًا دبلوماسيًا مبكرًا لضمان موافقة الدول الأعضاء وتفادي إدخال أي تعديلات جوهرية على صيغة المهمة الحالية.
ونشّط لبنان قنواته الدبلوماسية تحسبًا لأي مسعى إسرائيلي للربط بين التمديد وبين توسيع صلاحيات اليونيفيل، خصوصًا في ما يتعلق بحرية الحركة والعمل الميداني. وفي هذا الإطار، علمت "المدن" أن موفداً بريطانيا زار لبنان مرخراً، حيث عقد سلسلة لقاءات مع مسؤولين لبنانيين لاستطلاع موقفهم من التمديد والتعديلات المحتملة.
وقالت مصادر مواكبة إن الموقف اللبناني كان واضحًا وصريحًا: نعم للتمديد، لا لتعديل المهام. شدد الجانب اللبناني على أن تحركات اليونيفيل يجب أن تبقى منسقة مع الجيش، ليس فقط احترامًا للسيادة، بل أيضًا حرصًا على سلامة العناصر الأممية، واستغرب كيف أن عناصر هذه القوات تتجنب تسيير دورياتها في المناطق القريبة من مواقع الاحتلال الإسرائيلي.
5000 جندي إلى الجنوب
وفي مقابل ذلك، تعهد لبنان بزيادة عديد الجيش اللبناني على الحدود الجنوبية، من خلال خطة لتطويع نحو 5000 جندي إضافي، في خطوة تؤكد التزامه بحماية السيادة وتنفيذ التزاماته الدولية.
الرسالة اللبنانية إلى المجتمع الدولي كانت حاسمة: لا يمكن السماح بتحول اليونيفيل إلى قوة تعمل بشكل منفصل عن التنسيق مع الجيش اللبناني. ومن المنتظر أن يُكثف لبنان مشاوراته مع الدول الأعضاء في مجلس الأمن خلال الأسابيع المقبلة، لتأكيد موقفه، وتقديم رؤيته للتمديد ضمن حدود الصيغة القائمة.
لكن تبقى التساؤلات مطروحة: هل سيتمكن لبنان من تثبيت موقفه الرافض لتوسيع صلاحيات اليونيفيل في وجه الضغوط الأميركية المتصاعدة، أم سيُضطر إلى الالتزام بنص التمديد السابق الذي أقره مجلس الأمن، والذي يمنح هذه القوات حرية حركة أكبر، بما يتجاوز التنسيق التقليدي مع الجيش اللبناني؟
هذا النص، الذي طمأنت من خلاله قيادة اليونيفيل لبنان وحزب الله بأنه سيبقى "حبراً على ورق"، وأن واقع التنسيق مع الجيش سيستمر كما هو، لا يمنع من بروز خشية حقيقية من تفعيل بنوده ميدانياً، خصوصاً في عهد ترامب. وتزداد المخاوف مع إعلان المتحدثة السابقة باسم الخارجية الأميركية، مورغان أورتاغوس، نيتها متابعة الملف اللبناني عن قرب، من خلال زيارات دورية هدفها التأكد من تنفيذ ما اعتبرته "المطلوب" من لبنان، لا سيما على صعيد نزع سلاح حزب الله بالكامل.