لبنان يترقب زيارة أورتاغوس و"رؤيتها" الاستثمارية
كلامها في الدوحة يقدم مقاربة جديدة تقوم على سياسة العصا والجزرة
سابين عويس - "النهار"
تلقفت الأوساط السياسية والاقتصادية الرسمية والخاصة باستغراب، إعلان نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس في مؤتمر قطر الاقتصادي أن صندوق النقد الدولي ليس الخيار الوحيد للبنان، كاشفة عن خطة كبيرة ورؤية لديها قد تمكن البلد من الاستغناء عن الصندوق.
لم يكن كلام المسؤولة عن ملف لبنان من الدوحة عادياً، باعتبار أنه يحمل في طياته رسائل متعددة لا تخرج عن الإطار العام للسياسة الأميركية في لبنان، وإنما يقدم مقاربة جديدة تقوم على سياسة العصا والجزرة المستندة إلى أكثر ما يحتاج إليه لبنان اليوم، وهو التمويل للخروج من أزمته.
تناولت رسائل أورتاغوس ثلاث نقاط يجدر التوقف عندها:
- إن واشنطن ليست متمسكة ببرنامج مع صندوق النقد كما كان الانطباع سابقاً، وهي عملياً حال دول أوروبا التي تقف وراء الصندوق في مطالبتها بالإصلاحات المالية والاقتصادية في لبنان شرطاً لأي مساعدات مالية محتملة. وواشنطن تعني بهذا الكلام أنها قررت التعامل مباشرة مع الملف المالي والاقتصادي وليس عبر الصندوق، ليس من باب الإصلاحات فحسب وإنما من باب الاستثمارات. وبات واضحا أن الرئيس الأميركي يبحث عنها ويعتمدها خياراً بديلاً من الحروب في المنطقة.
- إن واشنطن لمست الامتعاض اللبناني من تغييب لبنان عن المشهد الإقليمي الذي ظهّرته زيارة ترامب الخليجية والمواقف التي أطلقها وأعطى فيها سوريا الأولوية. وجاء كلام أورتاغوس ليوجه رسالة إلى اللبنانيين مفادها أن لبنان لا يزال على الأجندة الأميركية، وعلى اللبنانيين التوقف عن "شحادة" الدعم الدولي والاعتماد على مقومات بلدهم الاستثمارية.
- هذا يقود إلى الرسالة الثالثة التي حرصت فيها أورتاغوس على تأكيد نظريتها بالتوجه إلى المستثمرين العرب المشاركين في المؤتمر بإعلانات عن خيار تحويل لبنان إلى بلد استثمار (وليس بلد شحادة)، على نحو يستقطب أموال المستثمرين ويتجنب مزيدا من الديون (التي ستنتج من التعامل مع صندوق النقد)!
وعلى أهمية هذه الرسائل، فهي عملياً شكلت عناوين زيارتها المقبلة لبيروت، مستبقة أي كلام أو شروط برمي جزرة الاستثمارات والتخلي عن صندوق النقد (الخيار غير الشعبي في لبنان) على أبواب سنة انتخابية، مقابل عصا الشروط السياسية التي ستزداد حدة وضغطاً في حسم موضوع سلاح "حزب الله" وتمويله.
كيف تلقف لبنان الرسمي كلام أورتاغوس؟
يقول وزير المال ياسين جابر لـ"النهار": "من المبكر جداً تقييم هذا الكلام قبل أن نعرف حقيقة ما قصدته المسؤولة الأميركية. فنحن سمعنا كلامها وكنا ننتظر زيارتها لنستوضحها تفاصيله والرؤية التي تحدثت عنها، لكن الزيارة تأجلت. لذا سننتظر مجيئها ليبنى على الشيء مقتضاه".
ولكن ما استوقف جابر هو تنويهها بالخطوات الإصلاحية التي قام بها لبنان، "وهذا ما نكرره دائماً في كل المناسبات والمحافل التي تسألنا او تطالبنا بالإصلاح، أن يعرفوا أن الدولة تقوم بهذه الخطوات بهدف رفاهية اللبنانيين وعيشهم الكريم وتأمين الخدمات الأساسية لهم أولاً، وهي حق لهم وواجب على دولتهم".
ويرفض جابر إبداء أي رأي في كلام أورتاغوس قبل فهم ما تقترحه فعلياً وما إذا كان لبنان قادرا على تطبيقه، خصوصاً إذا ما كان مرتبطاً بشروط سياسية أو غيرها.