أورتاغوس لإقفال “القرض الحسن” من دون وعود بالمال؟

أورتاغوس لإقفال “القرض الحسن” من دون وعود بالمال؟

image

أورتاغوس لإقفال “القرض الحسن” من دون وعود بالمال؟
تتأرجح التعليقات الأميركية بين إعلان الإعجاب بقيادة عون وامتداح أداء سلام

وليد شُقَير - اساس ميديا
يرافق ترقّب عودة نائبة الموفدة الرئاسية الأميركية إلى لبنان مورغان أورتاغوس خلال حزيران، توقّعات بأن تأتي بلهجة عالية كعادتها. فهي تعتبر أنّ استجابة السلطة اللبنانية لنزع سلاح “الحزب” بطيئة. هذا على الرغم من أنّ الرئاسة والحكومة اللبنانيّتين تكرّران التزام تطبيق اتّفاق وقف الأعمال العدائية المعلن في 27 تشرين الثاني الماضي. حجّة حكومة لبنان أنّ انتهاك إسرائيل له يعيق التقدّم في ذلك.

استبقت أورتاغوس زيارتها بالقول إنّ لديها ما تقترحه على لبنان لخطّة إعادة الإعمار، عبر تشجيع الاستثمارات فيه من دون الحاجة إلى صندوق النقد الدولي. وهي كانت قد طرحت المعادلة الثلاثيّة الآتية: لا إصلاحات، لا نزع سلاح… لا مساعدات ماليّة. فهِم الجانب اللبناني أنّ واشنطن ستطلب من الدول العربية الامتناع عن ضخّ أموال في البلد.

“خطّة” أورتاغوس وتقتير المساعدات للبنان

القلق اللبناني من ألّا يأتي مال لإعادة الإعمار تسلّل إلى الحلقات الرسمية. يقول أحد الوزراء لـ”أساس” إنّه حين طرحت أورتاغوس معادلتها الثلاثية، أي اللاءات الثلاث، سألها أحد المسؤولين: وإذا قام لبنان بالإصلاحات، وبدأ نزع السلاح، فهل سيكون هناك مال؟ لم تجِب وبدت أنّها تخفي قراراً بتقطير الدعم الماليّ للبلد لتنطلق مسيرة تعافيه. ولربّما هذا ما يفسّر حديثها عن “خطّة استثمارات” بدل ضخّ الأموال، بدءاً من صندوق النقد.

بموازاة تكرار المسؤولين، كلّ على طريقته، الإصرار على حصريّة السلاح بيد الدولة، يدرك الجميع، والجانب الأميركي منهم، جملة عوامل تتحكّم بذلك:

– من خلفيّات التمهّل انتظار ما ستؤول إليه المفاوضات الأميركية الإيرانية. أورتاغوس كانت نصحت بعدم ربط نزع السلاح بما يجري من محادثات في الملفّ النووي لأنّ نتائجه غير واضحة. لكنّ المسؤولين الأميركيين يدركون أنّ طهران تريد الاحتفاظ بأوراقها الإقليمية لتعزيز موقعها التفاوضي.

إلى ذلك، لا يستثني الحديث عن حوار الرئاسة المتدرّج مع “الحزب” في شأن السلاح المراهنة على نجاح الوساطة التي تقودها سلطنة عمان، لعلّها تنتج صفقة ومناخاً مؤاتياً لتخلّي طهران عن ورقة سلاح “الحزب”. لكنّ لدى بقايا “الممانعة” مَن لا يستبعد أن تقضي الصفقة باحتفاظ “الحزب” بسلاحه المتوسّط والخفيف بحجّة إبقائه احتياطاً لمحاربة التنظيمات الإسلامية التكفيرية و”داعش”، إذا جاءت من سوريا.

التّأرجح الأميركيّ حيال السّلطة الجديدة     

– تتأرجح التعليقات الأميركية على نهج السلطة اللبنانية حيال بند نزع السلاح بين إعلان الإعجاب بقيادة الرئيس جوزف عون وامتداح أداء الرئيس نوّاف سلام، حين يحمل “الحزب” وماكينته عليهما أو على أحدهما، وبين انتقاد أميركيّ لتباطؤ لبنان في الغرف المغلقة، بسبب التمهّل في بدء مسار نزع سلاح “الحزب”. أخذت عدوى التأرجح الأميركي تصيب دوائر أوروبية ترى أنّ بإمكان القيادة اللبنانية “أن تقوم بأكثر ممّا تفعل”.

– يعوّل بعض المسؤولين أهميّة على الاتّفاق على جدول زمنيّ لنزع سلاح المخيّمات الفلسطينية بدءاً من 16 حزيران. يسود الاعتقاد بأنّ ذلك يساهم في تفهّم واشنطن لأسلوب الحوار والمراهنة على الوقت للانتقال إلى سلاح “الحزب”.

في الجانب اللبناني من يعتقد أنّ النجاح في تجريد المخيّمات من أسلحة متوسّطة وقذائف صاروخية ينزع من “الحزب” وإيران ورقة توظيف سلاح المخيّمات، وحجّة نزع السلاح  الفلسطيني قبل اللبناني، أي أنّ الانهماك بإنجاح الخطوة يمدّد فترة السماح للسلطة اللبنانية. هذا على الرغم من اعتقاد أوساط سياسيّة محايدة بأنّ إيران لن تساهم في إنجاح الخطوة وستبقي السلاح الفلسطيني، عبر حليفتها “حماس”، ملحقاً بسلاح “الحزب”.

زخم الاهتمام الأميركي في سوريا..

في غضون أسابيع، تكاثرت معطيات لها أثرها على ما ستحمله زيارة أورتاغوس، وفق جهات لبنانية:

1- الإدارة الأميركية لا تبدي اهتماماً بإزالة حجّة “الحزب”، ومطالبة السلطة اللبنانية لها بالضغط على إسرائيل لتنفّذ اتّفاق 27 تشرين الثاني، بالانسحاب من التلال الخمس التي تحتلّها ووقف ضرباتها الجوّية المانعة لعودة النازحين، قبل طرح نزع سلاحه. تنحصر وعود أورتاغوس بالضغط لوقف القصف ليوم أو يومين مثلما حصل أثناء الانتخابات البلديّة في محافظتَي الجنوب والنبطية. وثمة من يعتقد أنّ تفضيل الجنرال جيفري جيفرز العودة إلى مقرّ القيادة الأميركية المركزية في تامبا – فلوريدا وحلول الجنرال مايكل ليني مكانه، يعودان لاكتشافه أنّ المستوى السياسي في إسرائيل ليس مستعجلاً لإقفال ملفّ الجنوب.

2- انتقل زخم الاهتمام الأميركي الإقليمي من لبنان إلى سوريا. تحوّلت مهمّة أورتاغوس من رعاية الموفد الرئاسي الوثيق الصلة بالرئيس دونالد ترامب، ستيف ويتكوف، إلى ربطها بوزير الخارجية ماركو روبيو. تفيد مصادر واشنطن بأنّ هذا التحوّل يخفض الاهتمام بلبنان. فالتركيز هو على سوريا، الأهمّ لواشنطن استراتيجيّاً، بدليل سرعة استجابة ترامب لطلب الرياض رفع العقوبات عنها. فلسوريا حدود مع 4 دول محوريّة هي تركيا، العراق، إسرائيل والأردن، إضافة إلى لبنان.

3- الموفد الرئاسي الأميركي إلى سوريا والسفير الجديد في أنقرة توم باراك (اللبناني الأصل)، الذي يتمتّع بثقة ترامب الكبيرة، أسوة بويتكوف، أسرع في تحقيق تحوّل بالعلاقة مع الرئيس الانتقالي السوري أحمد الشرع. كان مؤشّراً مهمّاً رعاية باراك مع الشرع توقيع اتّفاق مع شركات أميركية وتركية وقطرية لتأهيل قطاع الكهرباء السوري بقيمة 7 مليارات دولار. باراك الذي رفع العلم الأميركي على مقرّ سفارة بلاده الدمشقيّ قال إنّ طريق الاستثمارات في سوريا بات مفتوحاً، واعداً برفعها قريباً عن قائمة الدول المارقة.

4- يتوقّع مسؤول لبناني واسع الاطّلاع أن تركّز أورتاغوس في زيارتها المقبلة على إقفال مؤسّسة “القرض الحسن” لمحاصرة “الحزب” ماليّاً. يفرض المسار الشائك على مصرف لبنان المركزي أن يجرّد المؤسّسة من حقّ ممارسة الأعمال المصرفية. ويفترض الأمر أن تدلي وزارة الداخلية بدلوها نظراً إلى أنّ المؤسّسة نشأت من ترخيص لجمعيّة صدر عن الوزارة. أمّا الإشكال الأهمّ فهو كيفيّة ردّ أموال المودعين فيها… النتيجة أنّ أورتاغوس ستتعامل مع لبنان على القطعة.