إعدامات ميدانية وخطف وهجمات: سوريا... نزيف العلويّين مستمرّ
القوات الأمنية التي اقتحمت القريتين أثارت رعباً كبيراً على وقع الإطلاق الغزير للرصاص
عامر علي - الاخبار
لا تزال معاناة العلويّين وسط البلاد وفي المنطقة الساحلية غرباً، مستمرة، على وقع هجمات وإعدامات ميدانية وعمليات خطف واعتداءات، خلّفت 18 ضحية في أقل من يومين.
تستمرّ معاناة العلويّين في سوريا، وسط البلاد وفي المنطقة الساحلية غرباً، على وقع هجمات وإعدامات ميدانية وعمليات خطف واعتداء على الممتلكات الخاصة، في موجة تصعيد جديدة راح ضحيّتها 18 شخصاً في أقل من يومين. وتعرّضت حافلة كانت تقلّ سبعة أشخاص من الطائفة العلوية لاعتداء، في طريق إعادتها لهؤلاء من عملهم في مساكن برزة في محيط العاصمة دمشق، ما أدّى إلى مقتل ستة أشخاص واختفاء آخر، وسط حالة صمت من قبل السلطات الانتقالية.
وفي البداية، انقطع الاتصال بالضحايا، الأمر الذي رجّح تعرّضهم للاختطاف، ودفع ذويهم إلى الإبلاغ عن اختفائهم، لتقوم السلطات بعملية بحث انتهت بالعثور على الحافلة التي كانت مركونة على طرف الطريق، وعلى جثث الأشخاص الستة (خمسة منهم عمال في المطعم والسادس سائق الحافلة)، وسط حالة غموض حول ما تعرّضوا له.
كذلك، تعرّضت حافلة نقل عامة أيضاً (سيرفيس) لهجوم دموي في وضح النهار، قرب مقر عسكري تتمركز فيه جماعة متشدّدة تتبع لوزارة الدفاع وتقيم حاجزاً أمنياً قرب قرية ربيعة في ريف حماة؛ وهو هجوم راح ضحيته 10 أشخاص بينهم ثلاث نساء، قُتلوا بشكل مباشر. وتمّ تداول تسجيلات مصوّرة للحافلة، التي أكّد مصوّروها (عناصر في قوى الأمن التابعة للسلطات الانتقالية) أنها تعرّضت للهجوم من قبل عناصر الحاجز. وكحال الاعتداء السابق، لم تصدر عن السلطات أي تعليقات أو توضيحات حتى الآن.
وفي إطار موجة التصعيد الجديدة أيضاً، تعرّضت قريتا الدالية وبيت عانا قرب جبلة لهجمات من قبل قوات تابعة أو مرتبطة بوزارة الدفاع الناشئة، والتي تضم فصائل متشدّدة، راح ضحيتها 3 أشخاص قتلوا بشكل مباشر، في حين جرى اختطاف آخرين. كما تعرّضت الممتلكات الخاصة لعمليات إحراق وتدمير، طاولت المنازل والسيارات والمحال التجارية ومدرسة ونادياً رياضي.
وبالتزامن مع هذه الاعتداءات، أعلنت السلطات الانتقالية فرض حظر تجوّل في القريتين، لما قيل إنه هجوم تعرّض له مركز للاتصالات (مبنى فارغ)، في حين ذكرت مصادر أهلية أنّ قوات أمنية وعسكرية كبيرة دخلت المنطقة بهدف إجبار فصيل متشدّد يتمركز في قرية قرفيص ويقوم بشن هجمات على القرى المجاورة، على الخروج من المنطقة، بعد أن رفض أوامر سابقة بالانسحاب.
ولاقت الرواية الرسمية انتقادات لاذعة من قبل الأهالي، الذين أكّدوا عدم صحتها، وطالبوا بدخول لجان التحقيق إلى القريتين والتأكّد ممّا جرى، في حين أعلنت السلطات انتهاء حالة حظر التجوّل و«القبض على متورّطين في الهجوم على مركز الاتصالات». وتؤكّد مصادر أهلية، في حديثها إلى «الأخبار»، أنّ مسلّحي الفصيل المتشدّد والذين يتمركزون في قرفيص، لم يخرجوا، مشيرة إلى أنّ القوات الأمنية التي اقتحمت القريتين أثارت رعباً كبيراً على وقع الإطلاق الغزير للرصاص، وعمليات التفتيش، بالإضافة إلى اعتقال أربعة شبان تم اقتيادهم إلى جهة مجهولة.
وتطالب المصادر بإخراج الفصيل المذكور من قرفيص التي تعرّض سكانها أثناء موجة المجازر التي ضربت الساحل السوري في السادس من آذار الماضي، لعمليات تهجير ممنهجة، بينما تُفرض عليها حالة مستمرّة من حظر التجوّل مساءً، وتُفرض قيوداً كبيرة على تنقّل سكانها الذين يعمل معظمهم في الزراعة.
وتفتح هذه الهجمات الجديدة، الباب أمام احتمالات عديدة، في ظل إعلان السلطات الانتقالية تمسّكها بـ«السلم الأهلي»، وتشكيل لجنة خاصة لهذه المهمة في الساحل، بالإضافة إلى تشكيل لجنة للتحقيق في المجازر، والتي صدرت تعليقات عن وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، والرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، تستبق نتائجها عبر تحميل «فلول النظام السابق» مسؤوليّتها. ولعل أبسط تلك الاحتمالات استمرار عدم قدرة السلطات على أداء التزامها بحماية المواطنين، في ظل الصعود غير المسبوق للقوى المتشدّدة التابعة لوزارة الدفاع، والتي باركت الولايات المتحدة عملية ضمّها إلى الجيش.