سعر الأضحية في لبنان الأعلى بين دول الجوار
تشهد أسعار المواشي في لبنان ارتفاعاً وصف "بالجنوني" من قبل المواطنين
بلقيس عبد الرضا - المدن
عشية عيد الأضحى، تبدو حركة أسواق المواشي في لبنان هادئة نسبياً لا توحي باقتراب العيد، مقارنة مع ما كانت عليه قبل أعوام. فالأزمة الاقتصادية أثرت على سوق الأضاحي بشكل كبير، وعلى الرغم من الاستقرار النسبي اقتصادياً وسياسياً هذا العام غير أن المستوى المعيشي لم يشهد تحسّناً وهو ما ينعكس بوضوح على تراجع القدرة الشرائية للمواطنين لاسيما عشية العيد. ولم يعد الإقبال على شراء الأضحية أمراً مألوفاً لدى شريحة كبيرة من اللبنانيين، وتلعب الأسعار الدور الرئيسي في مدى إقبال المسلمين، على إقامة هذه الشعائر.
تراجع الطلب
تشهد أسعار المواشي في لبنان ارتفاعاً وصف "بالجنوني" من قبل المواطنين والجزارين على حد سواء، مقارنة مع مستوى معيشتهم ورواتبهم، وعلى عكس السنوات الماضية، لم يكن بإمكان الكثير من الجزارين شراء المواشي وبيعها إلا من خلال الطلب عليها مسبقاً، كما أوضح أحمد الجمال صاحب ملحمة "الجمال" في بيروت. يقول لـ"المدن": الطلب هذا العام بدا ضعيفاً، عادة ما يبدأ الطلب على الخراف قبل 10 أيام تقريباً من موسم الحج وعيد الأضحى، ويستمر حتى إنتهاء موسم الحج. ويضيف: لكن هذا العام، اقتصر الأمر على طلب بعض الجمعيات الخيرية، فيما لم يسجل إقبالاً من قبل المواطنين لشراء الأضحية.
أسعار غير مؤاتية
وبحسب الجمال، لعبت عوامل عديدة دوراً في تقنين شراء الأضحية هذا العام، خاصة على مستوى الجزارين، الذين عادة ما يشترون ما بين 10 إلى 15 خروفاً، لبيعها خلال هذا الموسم، فالأسعار في المزارع وأسواق المواشي مرتفعة. ويباع سعر الكيلوغرام من اللحم ما بين 6.5 و7.5 دولار، يضاف إليها أسعار الذبح والسلخ، وبالتالي قد يصل سعر الخروف إلى ما يقارب من 400 دولار.
يعد سعر الأضحية في لبنان الأعلى بين دول الجوار، إذ يصل متوسط سعر "الخروف" إلى ما يقارب من 450 دولار، ويبدأ سعر الخروف من 350 دولار ويصل إلى 560 دولار، فيما لا يتعدى السعر في الأردن نحو 400 دولار كحد أقصى، ويباع ما بين 220 و400 دولار. في العراق، يبدأ السعر من 200 دولار أيضاً ويصل إلى 350 دولار، ولا يختلف الأمر في سوريا، حيث يبدأ السعر من 270 دولار ويصل إلى 410 دولارات. أما بالنسبة إلى سعر العجول والأبقار، فالأسعار في لبنان تبدأ من 2000 دولار وترتفع بحسب الوزن والجودة، وعند مقارنة هذه الأسعار بالقدرة الشرائية للبنانيين، يظهر بإن السعر يتخطى الحد الأدنى للرواتب المعمول بها عند 300 دولار.
الحل بالمشاركة؟
يتحسر محمد العربي (موظف) من عدم قدرته هذا العام لشراء أضحية العيد، ويقول: لم تعد الأضحية في متناول اللبنانيين، بسبب تعمد بعض التجار رفع الأسعار بطريقة غير مفهومة بحسب تعبيره، ويسأل "كيف يمكن أن يصل سعر الخروف إلى أكثر من 300 دولار، فيما لا يتقاضى الموظف في القطاع الخاص حاجز 800 دولار في أفضل الأحوال، ما يعني أن سعر الخروف يوازي أكثر من ثلث الراتب. ولفت إلى أن الأسعار لم تعد تتناسب والقدرة الشرائية والوضع الاقتصادي الذي تعيشه شريحة كبيرة من اللبنانيين. في المقابل، لجأت عائلات عديدة إلى مشاركة سعر الأضحية، يقول محمود الجرار وهو موظف لـ"المدن": تقاسمت وأخوتي الثلاثة سعر الأضحية هذا العام، إذ أحرص سنوياً على ممارسة هذا التقليد، لأنه يمس شعائرنا الدينية وعادتنا الاجتماعية.
الأسعار مرتفعة عالمياً
لا يعتقد نقيب مستوري اللحوم ومصدريها، غابي دكرمنجيان بأن الأسعار تشهد ارتفاعاً تزامناً مع وجود مناسبة عيد الأضجى، بل يرى بأن الأسعار مرتفعة أصلاً عالمياً، وأن أسعار لحوم الأبقار، شهدت ارتفاعاً منذ أشهر، خاصة الأبقار الأوروبية، هذا من جهة، ومن جهة ثانية لعب انخفاض قيمة الدولار مقابل اليورو دوراَ أيضاً في تذبذب الأسعار، وبالتالي فإن هذه العوامل من شأنها أن تؤثر على أسعار اللحوم المستورة، وأيضاً على أسعار الأبقار الحية التي يتم استيرادها من الغرب وتحديداً من أوروبا.
من جهة ثانية، يعتقد أن المستهلك اللبناني أعتاد إما على اللحوم المحلية أو الأوروبية، على الرغم من أن السوق مفتوح أمام اللحوم المستوردة من دول عديدة، لكن ذوق المستهلك يلعب أيضاً دوراً في تحديد الأسعار.
عشية عيد الأضحى، لا يزال الوضع في سوق المواشي ضعيفاً، ويقتصر على بعض المؤسسات الخيرية التي تعمد إلى شراء الأضحية وتوزيعها على العائلات المستورة، فيما لايزال المواطن العادي بعيداً نسبياً عن المشاركة في ممارسة هذه الشعائر الدينية.